لماذا أنا غير متحفز تجاه بعض الواجبات؟

عدم التحفيز تجاه الواجبات قد ينبع من نسيان هدف الخلق، وساوس الشيطان، أو ضعف الإيمان. الحل القرآني هو الاستعانة بالصبر والصلاة، والذكر الدائم لله والآخرة، ليطمئن القلب ويعود الحافز.

إجابة القرآن

لماذا أنا غير متحفز تجاه بعض الواجبات؟

الشعور بعدم التحفيز تجاه بعض الواجبات الدينية هو تجربة يواجهها العديد من المؤمنين في رحلتهم الروحية. هذه حالة إنسانية تمامًا ولا تدل بالضرورة على ضعف الإيمان أو البعد المطلق عن الله، بل يمكن أن تنبع من عوامل مختلفة أشار إليها القرآن الكريم بشكل مباشر أو غير مباشر، وقدم حلولاً للتغلب عليها. لفهم هذه الظاهرة بشكل أفضل، يجب علينا أولاً الخوض في ماهية الواجبات وغايتها من منظور قرآني، ثم استكشاف الأسباب المحتملة لعدم التحفيز وسبل الخروج منها بناءً على تعاليم القرآن. يوضح القرآن الكريم أن الهدف من خلق الإنسان هو عبادة الرب المتعال، كما جاء في سورة الذاريات، الآية 56: «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ». هذه العبادة ليست مجرد أداء مناسك جافة لا روح فيها، بل هي علاقة عميقة ومستمرة مع خالق الكون، تضمن سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة. الواجبات الإلهية، في جوهرها، هي مسارات وأطر تقوي هذه العلاقة وتوجه الإنسان نحو الكمال والقرب الإلهي. عندما يتعمق فهمنا لهذه الفلسفة، يزداد تحفيزنا لأدائها. أحد الأسباب الرئيسية لعدم التحفيز هو الغفلة ونسيان الهدف الحقيقي من الحياة ويوم الحساب. يحذر القرآن مرارًا المؤمنين من أن لا تشغلهم متع الدنيا الزائلة عن ذكر الله والآخرة. في سورة الحديد، الآية 20، يقول تعالى: «اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ...» عندما ينشغل الإنسان بالماديات والتعلقات الدنيوية، تنحرف طاقته وتركيزه عن الأمور الروحية، وتبدو الواجبات في نظره ثقيلة وعديمة الأهمية. الحل القرآني لهذه المشكلة هو التذكير الدائم بالمعاد والحضور في حضرة الله؛ فكلما تذكر الإنسان الآخرة، زاد تحفيزه لأداء واجباته. عامل آخر هو تأثير وساوس الشيطان. يصف القرآن الكريم الشيطان بأنه عدو واضح للإنسان ويحذر من أنه يسعى دائمًا لإبعاده عن الطريق الصحيح. في سورة فاطر، الآية 6، يقول تعالى: «إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا...» عدم التحفيز تجاه الواجبات يمكن أن يكون أحد حيل الشيطان لحرمان الإنسان من الفضل الإلهي. مواجهة هذه الوساوس تتطلب الاستعاذة بالله، وتقوية الإيمان، والثبات على طريق العبودية. كذلك، ضعف الإيمان وعدم اليقين القلبي بوعود الله يمكن أن يؤدي إلى عدم التحفيز. يؤكد القرآن أن الإيمان الصادق يطمئن قلب الإنسان ويدفعه نحو العمل الصالح. في سورة الرعد، الآية 28، نقرأ: «الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ». عندما يتضاءل ذكر الله في حياة الإنسان، يصاب القلب بالقلق وعدم الطمأنينة، ولا تعود الواجبات إلى مكانتها الحقيقية. للتغلب على عدم التحفيز هذا، يقدم القرآن الكريم حلولاً عملية. أحد أهمها هو الاستعانة بالصبر والصلاة. في سورة البقرة، الآية 153، يقول الله: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ». الصلاة هي عماد الدين ومعراج المؤمن، وهي تقيم اتصالاً دائمًا بالله. الصبر أيضًا يساعد الإنسان على المقاومة في مواجهة الصعوبات والوساوس، والتغلب على نفسه. الاستمرار في الصلاة والدعاء والتوسل إلى الله يعيد تدريجياً الحافز المفقود وينير القلب بالنور الإلهي. بالإضافة إلى ذلك، التأمل في عظمة الله، ونعمه التي لا تعد ولا تحصى، والمكافآت العظيمة التي أعدها للمحسنين، يمكن أن يبعث الحماس والشوق لأداء الواجبات في الإنسان. دراسة وتدبر آيات القرآن، والتعرف على سيرة النبي (صلى الله عليه وسلم) والأئمة المعصومين (عليهم السلام)، ومصاحبة الصالحين والأتقياء، يمكن أن يعزز روح الإنسان ويساعده في طريق العبودية. في النهاية، يجب أن ندرك أن هذا الشعور بعدم التحفيز هو فرصة للتأمل الذاتي والمراجعة الداخلية. بالاعتراف بهذه الحالة والسعي للتغلب عليها، يمكننا الوصول إلى درجات أعلى من الإيمان والقرب الإلهي. الله الرحيم دائمًا ما يعين عبده الذي يعود إليه.

الآيات ذات الصلة

قصة قصيرة

يُروى أن من بين مريدي شيخ كان هناك من يتباطأ أحيانًا في أداء عباداته ويصيبه الفتور. ذات يوم، وبقلب مثقل، ذهب إلى الشيخ وقال: «يا سيدي، أحيانًا يعتري قلبي فتورٌ تجاه أداء الواجبات، ويغيب عني شوق العبادة. ماذا أفعل لأحيي هذا القلب الميت من جديد؟» ابتسم الشيخ وقال: «يا عزيزي، قلب الإنسان مثل الحديقة؛ إذا لم تسق بالماء ولم تُزَل عنها الشوائب، فإنها تذبل. الواجبات وذكر الله هما ماء هذه الحديقة، والابتعاد عن الذنوب وصحبة الأخيار هي بمثابة إزالة الشوائب منها. كلما اعترتك هذه الحالة، تذكر كيف سيطير طائر روحك بلا زاد من الذكر وبلا ظل من الطاعة؟» عند سماع هذا القول، استعاد المريد وعيه وأدرك أنه يجب أن يسقي قلبه بماء الذكر ونور العبادة ويبعده عن آفات الغفلة والوسوسة، حتى يشتعل شوق العبودية فيه من جديد. ومنذ ذلك الحين، بدأ يؤدي واجباته بهمة متجددة وتذوق حلاوة الطاعة أكثر من أي وقت مضى.

الأسئلة ذات الصلة