بعض الناس لا يهتدون أبداً بسبب الكفر والنفاق والابتعاد عن الهداية الإلهية.
في القرآن الكريم، تبرز مسألة الهداية والضلالة للإنسان بوضوح. ففي قوله تعالى في سورة البقرة الآية 6 و7: "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ ءَأُنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ"، يظهر أن الإيمان بالله وقبول الدعوة الإلهية قد يصبح أمرا مستحيلا لبعض الأفراد. هذا التحدي في الإيمان يبرز طابع الاختيار الحر للإنسان، ولكنه يأتي مع مسؤوليات جسيمة. في الحقيقة، كل إنسان يمكنه أن يختار، ولكنه في الوقت ذاته يجب أن يتحمل عواقب اختياراته، وهذا ما يعكس أهمية الذكاء والإدراك في اتخاذ القرارات. وفي سورة يونس، الآية 100، يقول الله تعالى: "وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإذنِ اللَّهِ". هذه الآية تسلط الضوء على أهمية الإذن الإلهي في الهداية. يُفهم من ذلك أن الإنسان يمكنه السعي نحو الإيمان، ولكن الحقيقية تكمن في أن الله هو الذي يمنح الهداية لمن يشاء. هذه الآية تجسد المفهوم العميق للهداية، حيث ترسم الحدود بين إرادة الله وإرادة الإنسان. بالتالي، فالأسباب التي تؤدي إلى الضلالة قد تكون ناتجة عن اختيارات الفرد نفسه وفق ما تمليه عليه رغباته وآراؤه. وفي سياق الحديث عن الضلالة، يلعب اختيار الإنسان دوراً محورياً. في سورة آل عمران، الآية 26، يقول الله تعالى: "اللّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُوتِى الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ". هذه الآية تبرز أن الله هو الذي يمنح الملك والسلطة، ولكن في الأبعاد الروحية، هذه السلطة تتعلق أيضا بالهدى والضلالة. يتضح أن الله يَمُنُّ على من يشاء بالهدى، ومن يختار الإعراض عن الحق، يتم نزع هذا التوفيق منه. من المهم أن نفهم أن تحقيق الهداية ليس مجرد عمل ساكن أو استسلام. بل يتطلب الأمر جهوداً حقيقية، حيث يستلزم الأمر تفاعل الإنسان مع النصوص الدينية والتفكر في معانيها. حيث أن الهداية تتطلب نية صادقة ورغبة حقيقية في السعي نحو الحق والابتعاد عن الضلال. كما يتضح من الآيات، فإن الهداية تتوقف كثيرًا على نية القلب، وفي سورة المائدة، الآية 41، يقول الله تعالى: "يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَلْسِنتِهِمْ وَلَمْ تَؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ"، حيث يتبيّن هنا أن القلوب المملوءة بالنفاق والكفر لن تُقبل عليها الهداية الإلهية. في هذه المعاني، تشير الآيات القرآنية إلى أن الهداية نعمة عظيمة يمنحها الله لمن أراد، بينما الضلالة تنتج عن اختيار الإنسان لنفسه تجاه الباطل. لهذا، يتجدر بالإنسان أن يتحلى بالوعي والحكمة في اختياراته اليومية، لأن تلك الاختيارات ليست محصورة في الجانب الدنيوي فقط بل تشمل الجانب الروحي وأثره على العاقبة في الآخرة. تعتبر المسؤولية الفردية أساسية في هذا السياق. فكل شخص يتحمل وزر اختياراته كما قال تعالى: "وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى" (النهار: 39). هذا يدلل على أنه لا يُمكن للإنسان أن يُلقي اللوم على الظروف أو الآخرين عندما يتعلق الأمر بالاختيار بين الإيمان والكفر. يتطلب الأمر وعياً وحرصاً لتحقيق الهداية ومعرفة الطرق الموصلة إليها. علاوة على ذلك، يجب على المجتمع أيضاً أن يلعب دوراً في توجيه أفراده نحو الحق. فالأسرة، المدارس، والمراكز الثقافية والدينية هي أدوات هامة لزرع قيم الإيمان في النفوس وتوجيهها نحو الهداية. يتأمل كل فرد في كيفية تأثير خياراته في حياته وفي حياة من حوله. فالاختيار قد يكون في صغير الأمور أو كبيرها، إلا أن له تأثيرات بعيدة المدى قد لا يدركها الشخص في اللحظة الراهنة. لذلك، من الضروري أن نحرص على استثمار الوقت في معرفة ديننا وفهم تعاليمه بشكل أعمق، لنكون على دراية بما نختاره من سلوكيات وأفعال. إن الشروط المتعلقة بالهداية والضلالة في القرآن تدل على عمق الفلسفة الإلهية في خلق الإنسان والتفاعل الإنساني مع مدركاته. لذا يصبح من الضروري بالنسبة لنا كمسلمين أن نتعهد بتحصيل المعرفة والإيمان ونسعى جاهدين لتحقيق السلوكات التي تقربنا من الله تعالى. ومما لا شك فيه أن هذه الجهود الصادقة ستكون بداية الطريق للهداية الحقيقية.
في يوم من الأيام ، كان هناك صديقان يدعى سهراب وآرش يتحدثان عن حياتهما وإيمانهما. تساءل سهراب لماذا يفشل بعض الناس في العثور على الحقيقة والهداية. رد آرش بهدوء: 'صديقي ، في بعض الأحيان تنحرف القلوب ، وبمجرد أن يبتعد الإنسان عن الله ، لا يمكنه الوصول إلى الهداية. يجب أن نكون حذرين ونسعى للحفاظ على قربنا من الله.' تأثر سهراب بشدة بهذا الكلام وأدرك أنه بحاجة إلى الانتباه أكثر لإيمانه.