النية الصادقة والصبر في أداء الأعمال الصالحة أمران أساسيان؛ قد تبدو بعض الأفعال غير فعالة الآن، ولكن آثارها الحقيقية ستظهر في المستقبل.
في القرآن الكريم، يُعتبر الإخلاص والنية من أسس الأعمال الصالحة وأهمها، حيث إنهما يعكسان صحة القلوب ونية المؤمن. في البطون الجامدة لأحجام القلوب، يجب أن تنمو شجرة الإخلاص التي تسقيها نوايا الخير. فما أجمل أن يكون الفعل الإنساني خالصًا لوجه الله تعالى، حيث لا يتقبل الله العمل إلا إذا كان خالصًا لوجهه الكريم. وقد ذكر الله في محكم آياته أهمية النية، وأكد على أنها العامل المميز الذي يميز بين أعمال البشر. إن القلب هو محور النية، ولا يمكن للنية أن تكون صادقة إلا من قلب طاهر خاشع لله سبحانه وتعالى. الأعمال ليست مجرد صنائع خارجية يديرها البشر، بل هي أيضاً تعبير قوي عن ما يجول في النفوس. يقول الله تعالى في كتابه الكريم في سورة البقرة، الآية 225: "اللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي نُفُوسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ"، مما يدل على أن الله يعلم بواطن الأمور ويدرك النوايا الخفية. إذاً، كيف نتوقع أن تقبل أعمالنا إذا لم تكن نيتنا صادقة ونقية؟ فقد نجد أن العمل الذي يبدو أنه عظيم أو ذو قيمة، هو في الأساس بلا جدوى إذا كانت النية وراءه غير صافية. يظهر هذا المفهوم بوضوح في الكثير من آيات القرآن، حيث يوضح لنا أن الأعمال تقبل عند الله إذا وُجدت وراءها نية صادقة. فعلى سبيل المثال، نجد في سورة الأنفال، الآية 53: "وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ"، وهذا دليل على أن وجود الأفراد الصالحين يمكن أن ينشر الرحمة ويعطي الأمل في المجتمعات. لذلك، فإن النية هي المحور الذي تدور حوله الأعمال، وهي ما يرفع من قيمتها ومنزلتها في الآخرة. قد يبدو أحيانًا أن الأعمال الصالحة لا تأتي بثمارها الفورية، لكن علينا أن نتذكر أن الأعمال هي جزء من نظام شامل يتجاوز اللحظة الحالية. فعندما نزعم الخير، نعمل كما يقوم الفلاح بزرع البذور في التربة، لا نرى النتائج على الفور، ولكن مع الوقت، ينمو الجيد ويؤتي ثماره. لذا، فإن الإخلاص يعكس تأثيرات واسعة قد لا نراها في الوقت الحالي. إضافة إلى ذلك، تلعب العوامل الاجتماعية والبيئية دورًا هامًا في تأثيث الأعمال الصالحة التي نقوم بها. في بعض الأحيان، قد لا تُقدَّر جهودنا بسبب السياقات الثقافية أو الاجتماعية التي نعيش فيها. وبالتالي، فإن افتراضنا الأول حول العطاء والأفعال الخيرية قد لا يعكس أبدًا تأثيرها الحقيقي، فقد يظهر أحيانًا أن العمل الذي نتخيله أنه ليس له تأثير حقيقي، يمكن أن يُحدث تغييرات عميقة وغير مرئية في حياة الآخرين. النقطة المهمّة هي أنه يجب أن نركز على نياتنا ونحرص على أن تكون أعمالنا خالصة من أي شائبة قد تعرضها للرد. فالإخلاص هو واجب شرعي يتجاوز كونه شكلًا دينيًا إلى كونه أسلوب حياة نعيشه في جميع جوانب حياتنا. يتطلب الإخلاص جهدًا وثباتًا في السير على درب الخير، وينبغي أن تكون نوايانا متوجهة نحو الرضا والقبول من الله. إن التركيز على نية الأعمال الطيبة هو من القيم الجوهرية التي ينبغي علينا التنبه لها والحرص على تحقيقها في حياتنا اليومية. فالنية الجيدة تنطلق من القلب، وتُظهر الرغبة الصادقة في الخير للآخرين. عندما تكون لدينا نية طاهرة في كل ما نقوم به، نجد أنها تصبح دافعة لتجاوز التحديات وبذل المزيد من الجهود في الأعمال الخيرية، مما يُسهم في بناء وتطوير المجتمع وتقوية الروابط الإنسانية. في نهاية المطاف، يجب أن ندرك أن النية والإخلاص هما أساس وجود الأعمال الصالحة، وهما ما يميز بين العمل الذي يقوم به الشخص من أجل السمعة والشهرة، وبين العمل الذي يُقصد به رضى الله وحده. لذا، يُعَد الوعي التام بالنيات ومراقبتها واجبًا على كل مؤمن يسعى لتحقيق الخير في حياته، فالله سبحانه وتعالى لا ينظر إلى الأشكال والظاهر، بل ينظر إلى قلوب العباد وما تحتويه من نوايا. وبذلك، يتوجب علينا الاهتمام بنقاء نياتنا، فهي المفتاح الذي يقودنا نحو تحقيق الآمال الروحية والاجتماعية التي نطمح إليها جميعًا.
في أحد الأيام، شعر عليرضا بعدم اليقين بشأن أفعاله وتساءل عما إذا كانت أعماله الصالحة لها أي تأثير. تذكر إيمانه وآيات القرآن، وقرر تطهير نواياه والتركيز على الأعمال الصالحة. مع مرور الوقت، لاحظ تغيرات في حياته، وأصبح يشعر بسلام أكبر. كل يوم، كان يقترب من العمل الخيري بنية صادقة وكان ممتنًا لما قدمه الله له.