عدم وجود السلام لدى الأفراد على الرغم من الصلاة يمكن أن يكون بسبب نية القلب ، وذكر الله ، وقبول القدر الإلهي.
تُعَدُّ الصلاة أحد أركان الإسلام الأساسية، حيث تُشكل الصلاة محوراً مركزياً في حياة المسلمين، وتضمن تواصل الفرد مع خالقه. فلا شك أن أداء الصلاة يعد من أبرز علامات الإيمان، وهي الوسيلة التي يعبّر بها المسلم عن عبوديته لله سبحانه وتعالى. وقد أكد القرآن الكريم على أهمية إقامة صلة وثيقة بالله تعالى، وتذكير الذات باعتباره أحد أبرز ركائز الإيمان. لكن، كثيراً ما نجد بعض الأفراد، رغم أدائهم للصلاة والعبادات، يشعرون بأنهم يفتقرون إلى السلام الداخلي والطمأنينة التي ينبغي أن تترافق مع هذا الفعل العبادي. الأمر الذي يستدعي النظر في بعض الأسباب المحتملة وراء ذلك. أولاً، الإيمان القلبي والنية الصادقة وراء أداء الصلاة وغيرها من أعمال العبادة لهما دور كبير في التأثير على السلام الداخلي. فقد ذكر الحق سبحانه وتعالى في سورة البقرة، الآية 95: "فَكَيْفَ قُلُوبُهُمْ لَا تَخْشَعُ؟" مما يبرز أهمية أن يكون الإيمان حقيقيًا قائمًا في القلب. فقيمة العبادة لا تتعلق فقط بالحركات الظاهرية، بل تتعلق بالصورة الباطنية التي تحاكي النية. إذا كان الإيمان مجرد كلمات تُقال دون أن يترجم إلى حالة نفسية وروحية، فلن يستفيد الإنسان من الصلاة كما ينبغي. ثانياً، يبرز القرآن الكريم أهمية التواصل الإيجابي مع الله. فالعبادة لا تقتصر على القيام بالركعات والسجدات، بل يجب أن تترافق مع ذكر الله. يقول الله في سورة الرعد، الآية 28: "أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ". لذا، إذا كان الإنسان يمارس الصلوات بصورة شكلية دون تذكر الله في قلبه، فإنه لن يحصل على السلام الحقيقي. الذكر هو العنصر الأساسي الذي يُشعر الإنسان بالقرب من الله ويمنحه السكينة. إن الذكر ليس مجرد ترديد كلمات، بل هو شعور عميق بوجود الله وحضوره في كل لحظة من حياتنا. ويمكن للمسلم أن يُعزز ذكراه لله سبحانه وتعالى من خلال التوجه إلى الله بالدعاء والاستغفار، والتأمل في آيات القرآن الكريم. وكلما زادت هذه الممارسات، كلما زاد الاقتراب من حالة الطمأنينة والسكينة. في جانب آخر، يجب على المسلم أن يكون واعياً لأهمية قبول القدر الإلهي والصبر في مواجهة المحن. فالروح الإسلامية تدعو إلى الاستعداد للاختبارات التي قد يتعرض لها الإنسان. يقول الله تعالى في سورة البقرة، الآية 155: "وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ". هذه الآية تُذكرنا بأن الاختبار جزء لا يتجزأ من مسيرتنا في الحياة. لذا، يجب أن يكون هناك استعداد دائم للصبر والاحتساب، مما يمنح المؤمن قدرة أكبر على التعامل مع المصاعب ويعزز من ثقته بالله. إن قبول القدر له تأثير بالغ على النفس، لأنه يُسهم في تقبل ما يجري من حولنا، كما ينمي في قلوبنا الصبر والاحتمال، ويُكسبنا حالة من الهدوء والسكينة. عندما نقبل الأمور كما هي، ونعلم أن كل شيء بمشيئة الله، فإننا نقطع الطريق أمام قلق النفس واضطرابها. هذا، وينبغي على المسلم أن يتذكر دائماً أن الصلاة ليست مجرد واجب ديني، بل هي وسيلة من وسائل التواصل مع الله، ويجب أن يُعبر عن تجليات هذا التواصل عبر السكون النفسي والطمأنينة. إن الأداء العبادي المترافق مع النية القلبية الصادقة والذكر المستمر من شأنه أن يضمن حصول المسلم على السلام الداخلي. يجب أن يُشارك المسلم أيضاً في أفعال الخيرات، والإحسان إلى الغير، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس". فحينما نُفيد الآخرين ونُساعدهم، نشعر بالسعادة الحقيقية التي تعزز من سلامنا الداخلي وتمنحنا معنى أعمق للحياة. أخيراً، يمكن القول إن الوعي بالنوايا الحقيقية وراء الصلاة، والتذكر المستمر لله، وقبول القدر الإلهي مع الثقة فيه، هي عوامل أساسية قد تساعد المسلم على الوصول إلى حالة من السلام الدائم. لتحقيق ذلك، ينبغي للمسلم أن يعمل على تطوير نفسه روحياً وأن يسعى إلى تعزيز العلاقة مع الله من خلال الصفات الإيجابية والتعاليم النبوية التي تدعو إلى الإيمان العميق والصبر والثقة في الأزمنة الصعبة. وبذلك، فإن السلام الداخلي لا يُكتسب فقط عبر أداء الصلاة، ولكن من خلال توحد النية والإيمان والاعتراف بقدرة الله والاعتماد عليه في كل أمور الحياة. إن هذه العناصر تضمن استقرار النفس وسعادتها، مما يجعل من العبادة متعة وليست عبئاً في حياة المؤمن. إن انسجام الروح والعقل وانعكاسها في العبادات هو المفتاح لتحقيق السلام الداخلي والخارجي، وهو ما يسعى إليه كل مسلم في حياته.
في يوم من الأيام ، كان عادل يبحث عن الحياة والعبادة بجانب الصلاة. شعر بجوهر ومعنى الصلاة الحقيقي في قلبه وقرر أن يعطي اهتماما أكبر للآخرين ولصلته بالله. حاول عادل كل يوم أن يؤدي صلاته بقلب هادئ ويدعو للصبر والقوة. سرعان ما أدرك أن روحه كانت أكثر هدوءًا وأنه كان أكثر رضا عن احتياجاته الروحية.