قد ينبع الشعور بعدم الجدوى من انفصال عن الله وإهمال الأعمال الصالحة.
في القرآن الكريم، يتم تناول العديد من المفاهيم الحيوية التي تتعلق بالحياة ومغزاها. لقد حظي مفهوم الإيمان، العبادة، والأعمال الصالحة بمكانة رفيعة في الشريعة الإسلامية. إذ تُعتبر هذه المفاهيم عوامل أساسية تحدد معنى الوجود البشري ودوره في هذه الدنيا. فالحياة ليست مجرد سلسلة من الأحداث أو الأنشطة اليومية، بل هي مسعى طويل يتطلب تفكيرًا عميقًا حول الهدف والغاية التي خُلقنا من أجلها. يجب على إنسان أن يسعى لفهم المعاني العميقة للحياة وأن يعرف كيف يحقق التوازن بين احتياجاته الروحية والمادية. أولاً، يُعَدّ مفهوم العبادة في الإسلام أساسياً وذو دلالات عميقة تتجاوز مجرد أداء الشعائر. ففي سورة الذاريات، الآية 56، يقول الله تعالى: "وما خلقت الجان والإنس إلا ليعبدوني". تعكس هذه الآية أهمية عبادة الله كغاية رئيسية لخلق الإنسان. إن الهدف من الحياة ليس مجرد السعي وراء المتاع الدنيوي أو التشتت في مشاغل الحياة اليومية، بل يتوجب علينا أن يجد الإنسان نفسه في عبادة الله والاستجابة لذلك النداء العظيم. إن الانحراف عن هذا المبدأ قد يؤدي إلى شعور عميق بعدم الجدوى والعزلة. فارتباط الإنسان بعلاقته مع الله العلي سبحانه وتعالى يُعتبر بمثابة الدافع الذي يضفي على الحياة معانيها. عندما نغفل عن هذا الارتباط، نضيع في زحمة الحياة ويصبح المرء عائداً إلى عالم من الشكوك والتقلبات، مما يؤدي إلى ضياع الهدف وفقدان الإحساس بالراحة النفسية. علاوة على ذلك، تشير سورة البقرة، الآية 286، إلى أن "لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها"، مما يعني أن التحديات والصعوبات التي نواجهها لا تتجاوز قدرتنا على التحمل. لذا، يجب أن نظل متفائلين ونتذكر أن الله لا يضع أمامنا المصاعب التي لا نستطيع التعامل معها. إن هذه الرسالة تشجعنا على الصمود والإيمان بقدراتنا في ظل الأزمات. تحديد كيفية تعاملنا مع التحديات يمكن أن يتحول إلى فرصة للنمو الروحي. فعندما نواجه صعوبة، نحتاج إلى التفكير في كيفية الفائدة التي يمكننا استخلاصها من تلك التجارب. إن كل تجربة، سواء كانت سلبية أو إيجابية، تحمل في طياتها دروسًا وإمكانيات للنمو. وبذلك، تحوِّل الصعوبات في حياتنا إلى أدوات للتحفيز والتغيير الإيجابي. من خلال الالتزام بتعاليم القرآن، يمكننا بناء علاقات عميقة مع الله وأهلنا والمجتمع المحيط بنا. إن القيام بالأعمال الصالحة يعتبر من المفاتيح التي تُفضي إلى تحقيق السلام الداخلي والرضا. إن مساعدة الآخرين وإدخال السعادة على قلوبهم يعد من صور العبادة العملية التي يتحدث عنها الدين. فالأعمال الصالحة تُعزز ارتباطنا بالمجتمع وتعمق شعورنا بالمسؤولية تجاه الآخرين. عندما نحقق التوازن بين العبادة والعمل الصالح، تكون حياتنا مليئة بالمعاني، ونشعر بسلام داخلي يعكس إيماننا وثقتنا في الله. إننا نتجه نحو غايات أسمى، فنكون أكثر استعدادًا لمواجهة التحديات، حيث نعلم أن هناك جزءاً منا يتلاقى مع القيم العلوية التي تحثنا على فعل الخير. في خاتمة المطاف، يمكن القول إن القرآن العظيم يضيء لنا الطريق ويمنحنا بوصلة نحتاجها في رحلتنا. إن الاعتراف بأن حياتنا ليست روتينًا تكراريًا بل هي دعوة مستمرة لتحقيق معانٍ أكبر ترسم لنا كينونتنا، يجعل مفهوم الحياة راقياً وذا طابع مقدس. من خلال عبادتنا والتزامنا بالأعمال الصالحة، نُذيب المسافات ونُقرب القلوب مما يُعزز إدراكنا لغايات الحياة. إننا مدعوون دائمًا للرجوع إلى القرآن، فبه نجد النور الذي ينير طريقنا ويعزز قيمنا ويدفعنا للنمو الروحي. فالحياة ليست مجرد وُجدانية تجري في هذه الأرض، بل هي رحلة نحو اكتشاف الذات ومن ثم الاقتراب من الذات الإلهية. ولذلك لنتذكر دائمًا أن السعادة الحقيقية تكمن في القرب من الله وتطبيق تعاليمه. دعونا نعيش حياتنا بوعي، عازمين على تقديم الأفضل لأنفسنا وللآخرين، لنكون حقًّا ممن يحققون الغرض السامي الذي خلقنا الله لأجله. ففي النهاية، إن ما يقوم به الإنسان في دنياه من عبادات وأعمال صالحة، هو ما يحدد مصيره في الآخرة، ويجعل له مكانة عظيمة في حياة هذا الكون. فلنسعى دومًا إلى تحقيق الرضا الإلهي واستغلال كل لحظة في طاعة الله، فذلك هو الهدف الأسمى من الوجود.
في أحد الأيام ، كان هناك شاب يدعى أحمد يتساءل عما إذا كانت حياته لها أهمية. كان يواجه تحديات يوميًا وكان يشعر أنه محاصر. في يوم من الأيام ، زار أحد أقاربه ولاحظ أنه على الرغم من مشاكله ، كان هذا الشخص يرتدي دائمًا ابتسامة وينشر الأمل للآخرين. سأل أحمد: 'لماذا أنت دائما سعيد هكذا؟'. أجاب الرجل بهدوء: 'أنا أتذكر الله وأعلم أن كل مشكلة هي اختبار.' كان لهذا الرد تأثير عميق على أحمد وجعله يفكر: 'فلماذا لا تتحلى بالصبر؟'. قرر أحمد أن يصبح أقرب إلى الله ويملأ حياته بالأعمال الصالحة. ومنذ ذلك اليوم ، بدأ ينظر إلى الحياة بأمل وهدف ، ولم يشعر أبدًا بعدم الجدوى.