يخفي الله بعض الحقائق لاختبارنا ودعوتنا للصبر والتقوى.
في إطار الدروس القيمة التي يقدمها القرآن الكريم، نلاحظ أن الله سبحانه وتعالى قد اختار بعض الحقائق لإخفائها عنا، وذلك لاختبار إيماننا ومدى مرونتنا أمام التحديات التي نواجهها في حياتنا اليومية. يُعَدُّ هذا الموضوع من المواضيع الجوهرية التي تحمل في طياتها الكثير من المعاني والدروس العميقة. فالله يختبر عباده ليظهر مدى صدق إيمانهم وقوتهم في مواجهة الصعوبات، كما يعبر عن ذلك في سورة آل عمران، الآية 186: "وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ". تدعو هذه الآية الكريمة إلى التحلي بالصبر والتقوى في وجه الألم والاختبار، حيث تقدم لنا نموذجًا للحياة الإيمانية المثالية التي يجب أن نحث أنفسنا على اتباعها. فالصبر هو السلاح الذي يمكننا من مواجهة المصاعب والتحديات بشجاعة وثبات، والتقوى هي أداة الحماية الروحية التي تحافظ على قلوبنا وأرواحنا، تبعدنا عن الفتن ومعاناة الذنوب. ومن جهة أخرى، يتجلى تفرد الله وحكمته في كيفية اختياره للمعرفة والإدراك بين خلقه. ففي سورة الأنعام، الآية 67، نجد قوله المشيئة العظيمة: "وَهُوَ الَّذِي أَفْضَلَ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلًا". هنا، يتم توضيح أن هناك حكمة معينة تسيطر على توزيع الفهم والمعرفة، وأن الله عزيز وحكيم في اختيار من يُكرمهم بهذه النعمة. إن هذه النقطة تثير تساؤلات بشأن معنى التفضيل الإلهي. لماذا هناك من يُفضلهم الله وقدرٌ معين من المعرفة يخفيه عن الآخرين؟ هذا الأمر جزء من الحكمة الربانية التي قد لا نصل إلى إدراكها الكامل. فالاختلاف الذي يحدث بين البشر في الآراء والمعتقدات هو جزء من تخطيط الله الإلهي. كما تشير سورة يونس، الآية 19، إذ يقول الله تعالى: "وما كان الناس إلا أمةً واحدةً فاختلافوا". من هنا نفهم أن هذه الاختلافات ليست مؤشرًا على الخلاف، بل هي جزء أساسي من مصير البشرية، تتطلب منا التحلي بالتسامح واقتناعًا بأن التنوع جزء من الحياة الإنسانية. بشكل عام، إن إخفاء الله لبعض الحقائق يمكن أن يُفهم كفرصة لنا في اختيار اختباريتنا وقراراتنا. فحينما نكون جاهزين لمواجهة الألم والصعوبات بصبر، نكون على استعداد لمواجهة أي اختبار يجتازنا. الله، بعلمه الواسع وحكمته، مطلع على كل شيء، وهو الذي يُدير الأمور في حياتنا بحكمة بالغة. هذه التصورات تُشعر الإنسان بأنه في رعاية إلهية دائمة، مما يعزز إيمانه وثقته في الله. ومما تجدر الإشارة إليه أن البلاء والاختبار ليسا دائمًا بمعني السلبية. بل إنهما قد يكونان وسيلة لرفع درجات الإنسان في الدنيا والآخرة. فكم من شخص قابل الصعوبات بالتقوى والصبر، واستطاع أن يخرج من تلك الظروف أشد قوة وإيمانا. ومن هنا، نجد كثيرًا من الأمثلة في الحياة اليومية والتي توضح كيف أن الصبر والإيمان قادران على قلب الظروف لصالح الإنسان. إن من الأمور المشجعة في الإسلام هو أن الله يعد المتقين والصابرين بالثواب الجزيل. فمن يتق الله ويصبر في سبيله لديه الأمل في الأجر العظيم في الآخرة. إن ثقة المؤمن برحمة الله وعفوه، والتوكل عليه، يجعله يتجاوز العقبات بسهولة. وفي الختام، يظهر لنا أن إيماننا ومرونتنا هما عاملان مهمان في حياتنا. إن الله قد ابتلانا ليمتحن إيماننا، ويعمّق من فهمنا ورؤيتنا للحقائق. لذا، يجب علينا أن نتعلم كيف نواجه التحديات بالصبر ونعمل على تعزيز إيماننا وثقتنا بالله. من خلال ذلك، نستطيع الانتقال إلى مرحلة جديدة من النمو الروحي والشخصي، لنصبح أكثر قدرةً على توجيه حياتنا نحو الخير والصلاح.
كان هناك رجل يتأمل في تعقيدات الحياة. كان يسأل الله مرارًا وتكرارًا لكشف الأجوبة على أسئلته. في إحدى الليالي رأى في حلمه شخصية تقول له: "توجد العديد من الأجوبة المدفونة داخل الصعوبات". استيقظ وأدرك أن كل مشكلة تمثل فرصة للتعلم والنمو. منذ ذلك اليوم فصاعدًا، بدلاً من البحث عن الأجوبة المخفية، بدأ السعي للحصول على الدروس من التحديات اليومية التي واجهها.