الرياء يفسد العبادة لأنه يدمر النية الصادقة لله ، مما يؤدي في النهاية إلى محو المكافآت الدينية.
إن الرياء في العبادة يعد من أخطر الأمراض الروحية التي تصيب القلوب، فالإخلاص في العبادة يعد من الأسس التي يجب أن يتحلى بها المؤمن في جميع أعماله. يعرّف الرياء بأنه أداء الأعمال بنية السعي لجذب إعجاب الآخرين أو الحصول على إعتراف منهم بدلاً من التقرب إلى الله سبحانه وتعالى. وفي زماننا الحالي، أصبح الرياء أكثر انتشاراً بين الناس، حيث يسعى البعض إلى إظهار التقوى والصلاح في أعمالهم أمام الآخرين، مما يؤدي إلى فقدان قيمة هذه الأعمال في ميزان الحق. ولهذا فمن الضروري أن نفهم معنى الرياء وأثره الكبير على عبادتنا وعلى علاقتنا بالله سبحانه وتعالى، لنتمكن من محاربته والابتعاد عنه. أولاً، نجد أن القرآن الكريم قد تناول هذا الموضوع بشكل صريح في العديد من الآيات، منها ما ورد في سورة البقرة، الآية 264: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَمَنْ يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ". في هذه الآية، نجد دعوة صريحة للمؤمنين ليكونوا حذرين من الأعمال التي تنطوي على الرياء، حيث توضح أن الرياء يبطل الأعمال الطيبة، وأن الشخص الذي يقوم بإظهار خيّرته ليحصل على إعجاب الآخرين يفقد القيمة الحقيقية لعطاءه، ويطفئ نور الإخلاص الذي ينبغي أن يكون مشعل أعماله. ثانياً، إن الإخلاص في النية هو أحد أركان العبادة، والرياء على الضد منه. فعندما يقوم العبد بعمل ما محاباة للناس أو سعيًا وراء الثناء، فإن أعماله تفقد بركتها ونتائجها، وبالتالي يفتقد الأجر والثواب من الله. وهنا يمكن أن نقيّم الحكمة من التحذير من الرياء، فالتفكير في رضا الله ومعرفة أن أي عمل ينبغي أن يكون خالصًا له وحده سيساعد المؤمن على ضبط نواياه والعناية بخالص العبادة. كلما كانت نيّة العبد خالصة، كانت عبادته أكثر قبولاً عند الله. وفي سياق تناولنا لمفهوم الرياء، نجد أن الله سبحانه وتعالى في سورة الصافات، الآية 30، يحذر المؤمنين من الرياء فيقول: "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَانُ وُدًّا". تظهر هذه الآية أهمية النية الطاهرة في حياة المؤمن وتأثيرها على القبول عند الله. فكلما كان العمل خالصًا لله، كلما كان له تأثيرًا أكبر في حياة الشخص وفي علاقته بخالقه. فالنية الطاهرة هي سر قبول الأعمال ومنبع البركة فيها. إن الرياء يعتبر مرضًا روحيًا يحجب عن المؤمن الشعور بالهدوء النفسي والأمان الروحي، بل ويدفعه نحو الفشل في تحقيق مكافآت الله العظيمة. فالأعمال التي يقوم بها الشخص بدافع الرياء لا تؤتي ثمارها، بل على العكس تسبب له الهمّ والقلق والتشتت. لذلك، لا بد من الاعتراف بأن المعاصي، وخاصة الرياء، تؤثر سلبًا على حالة القلب وتضعف العلاقة بين العبد وربه. السيئات تجر سيئات، والرياء يكون سببا في اقتراف مزيد من المعاصي. يستطيع المؤمن تعزيز صفاء نيته والابتعاد عن الرياء من خلال الالتزام بالعبادات وترك الميل لمرضاة الناس. فعندما يدرك العبد حقيقة الاعتماد على الله والتوجه إليه في السر والعلن، يتحرر من قيود الرياء ويبدأ مسيرته نحو الإخلاص. الإخلاص هو القوة المحركة وراء الأعمال الصالحة، وبدونه تصبح تلك الأعمال بلا قيمة تُذكر. وكلما كانت النية صافية وخالصة، كانت الأعمال أكثر قبولاً وجزاؤها أكبر. كذلك يجب على المؤمن أن يتحلى بالتواضع ويعلم أنه ليس هنالك من هو أفضل من آخر أمام الله. فعندما يدرك أنه لا قيمة لعمله بدون الإخلاص، يبدأ في التركيز على نياته ويعمل جاهداً لتصفية قلبه. ولهذا يجب على المسلم أن يتحرى الإخلاص في جميع أعماله، سواء كانت عبادات كالصلاة والصوم أو معاملات وأفعال يومية. إضافة إلى ذلك، يمكن للمؤمن أن يقوم بتجديد النية في كل عمل يقوم به، فهذا يعكس الإرادة الحقيقية للتوجه إلى الله، مما يعزز علاقته بخالقه. فالإخلاص هو بوصلة القلب التي توجه العبد نحو الحق وتجعلعه قادرًا على التفاني في طاعة الله. الخلاصة، إن الرياء في العبادة هو مرض روحي يؤثر على الممارسات الدينية في حياة الإنسان. يحتاج المسلم إلى أن يكون واعيًا ومدركًا لهذه الخطر وأن يسعى دائمًا لتصحيح نواياه وتوجيهها نحو الله وحده. فقط من خلال الإخلاص، يستطيع الفرد أن يحقق السعادة والنجاح في الدنيا والآخرة، ويستفيد من كرم الله ورحمته. إن الإخلاص هو جوهر العبادة وعمودها الفقري، ومن دونه تضيع الأعمال ويختل التوازن الروحي. فليتخذ كل مؤمن من هذه العبرة المنارة التي توجهه نحو الجادة السليمة في طريق العبادة الخالصة لله. ولنتذكر دائمًا أن الله ينظر إلى القلوب، وأن التوجه الصادق والإخلاص في النية هما السبيل الأفضل لنيل رضا الرحمن.
في يوم من الأيام ، كان شاب يدعى فرزاد مشغولًا في العبادة. ومع ذلك ، أدرك تدريجياً أن نيته من الأعمال الصالحة كانت مجرد الظهور للآخرين. قرر تطهير نيته والعمل فقط من أجل الله. بعد بعض الوقت ، شعر فرزاد أن أعمال عبادته مليئة بالسلام والسعادة. سمح له هذا التغيير في النيّة برؤية مزيد من البركات في حياته والاستمتاع حقًا بعبادته.