لماذا يبدأ القرآن أحيانًا بالقسم؟

يبدأ القرآن بالأقسام لتأكيد أهمية المواضيع وجذب انتباه القراء.

إجابة القرآن

لماذا يبدأ القرآن أحيانًا بالقسم؟

يبدأ القرآن الكريم في كثير من مواضعه بأقسام، وهذا يعكس أهمية وجدية الموضوعات التي يتناولها. فالأقسام في هذا الكتاب العظيم ليست مجرد عبارات تُستخدم لتعزيز المعاني، بل هي وسيلة بلاغية تعكس مدى أهمية المضمون والفكرة التي تأتي بعدها. فالله سبحانه وتعالى عندما يقسم بشيءٍ ما، فإنه يُبرز شرف ومكانة هذا الشيء في قلوب المؤمنين. ومن الأمثلة الجميلة على استخدام الأقسام في القرآن، الآية الأولى من سورة البلد، عندما يقول الله: "لا أُقسم بهذا البلد". هنا نجد أن الله يُقسم بالمدينة المنورة، مما يدل على عظيم شأنها وفضلها في الإسلام. إن هذه المدينة ليست عادية، بل هي موطن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهذه القسمات تحثنا على إدراك مكانتها في نفوسنا وعقولنا. تشير هذه الأقسام أيضًا إلى إنسانية وإرادة الله سبحانه وتعالى، والتي تتطلب منا أن نضعها في اعتبارنا في شتى جوانب حياتنا. فعندما نتأمل في الأقسام القرآنية، ندرك أنها تحمل دعوة للتركيز على القيم الإنسانية والإيمانية التي ينبغي أن نتمسك بها. فهي تلعب دوراً حيوياً في بناء الثقة في قلوب المؤمنين وتعزيز إيمانهم. علاوة على ذلك، تؤكد الأقسام الموجودة في القرآن على حقيقة الوحي والنبوة، وتحثّ الناس على الوعي بأهمية الرسالة التي حملها النبي محمد صلى الله عليه وسلم. في سورة المزمل، نجد مثلاً أن الله سبحانه وتعالى يقسم بيوم القيامة، قائلاً في الآية 15: "إِنَّهُ يَحْدِرُكُمْ يَوْمَ الْفَصْلِ". هذا القسم يلفت انتباه الناس إلى عظمة ذلك اليوم وأهمية الاستعداد له. لقد وضع الله سبحانه وتعالى هذا التذكير كوسيلة لتنشئة الوعي لدى المؤمنين، وحثهم على الالتزام بالطريق الصحيح، والابتعاد عن الكفر والذنوب. من هنا، نرى أن الأقسام في القرآن الكريم تحمل رسالة قوية تدعو إلى التفكر والتأمل. فهي لا تجذب انتباه الناس فحسب، بل تشجع الأفراد أيضًا على التفكير العميق في المعاني الدفينة لهذه الآيات وعمقها. ولذلك، يمكن القول بأن الأقسام ليست مجرد أسلوب بلاغي، فهي أداة فكرية تحفز العقل وتفتح المجال للاستكشاف وللتركيز على حقائق الحياة الأساسية. تُشير الأقسام في القرآن أيضًا إلى أهمية الموضوعات التي يُطرح بعدها. فعندما نقوم بقراءة سورة أو آية تبدأ بقسم، يمكننا أن نتوقع أن يكون المحتوى التالي ذا أهمية خاصة. هذا يجعله دافعًا قويًا لقارئ القرآن ليولي تلك الموضوعات اهتمامًا جادًا. فالأقسام تعمل كإشارات دالة تعزز من تركيزنا على ما يُقال. يُعتبر هذا الأسلوب البلاغي الجميل من أبرز سمات القرآن الكريم، الذي بالإضافة إلى كونه كتاب هداية، هو أيضًا كتاب يثير التفكير والتأمل. فالأقسام تجعل القارئ يُشعر بأهمية ما يُطرح بعد تلك الأقسام، وكأن الله سبحانه وتعالى يقول: "حان الوقت لتفكر، ولتتأمل في المعاني الحقيقية، احرص على فهم ما يأتي بعد هذا القسم". إن قوة الأسلوب البلاغي في الأقسام يعود إلى أن الله سبحانه وتعالى يعلم أي القيم والمعاني يجب أن توضع في مقدمة الفهم. فالأقسام ليست فقط للمبالغة أو التأكيد، بل هي لفت نظر إلى ما هو أساسي وجوهرى في حياة الإنسان. ومما لا شك فيه، فإن تكرار هذا الأسلوب في مختلف سور القرآن يعكس سبل متنوعة للدعوة إلى التأمل والتفكر في معاني الحياة. من خلال الأقسام، ينجح القرآن في إيصال الرسائل العميقة بطريقة ما تترك أثرًا في القلوب، تجعل المؤمن يعود دومًا للتأمل في قيمه وأخلاقه. فالحياة مليئة بالتحديات والصعوبات، ولكن مع كل قسم، نجد تشجيعًا مستمرًا على التمسك بالحق والعدل، وهو ما يسهم في تعزيز الإيمانية والمضي قدمًا في مسار الخير. إن الأقسام في القرآن الكريم ليست فقط شكلًا بلاغيًا، بل هي مصدر للحث على التغيير، والدعوة للارتقاء بالمستوى الروحي والفكري للناس. فتأمل الأقسام وفهم معانيها يُثري القلوب ويجعلنا نتجاوز سطحيّة الحياة إلى عمق المعاني الربانية. إن ذلك يعني أنه مع كل قسم، يُولد في القلب شعورٌ جديدٌ بإمكانية التغيير والتطوير. في الختام، يمكننا أن نقول إن الأقسام في القرآن تُعد من عناصر بلاغية قوية تُوضح حاجة المجتمع للتوجيه والإرشاد. إنها علامة على اهتمام الله العظيم بعباده ورغبته في توجيههم إلى الطريق الصحيح. فليس مجرد كلام مُتوجّه إلينا، بل تنبعث منه دعوات حقيقية للتأمل والاعتبار والسير في دروب الحق. لذا وجب علينا الاستماع بعناية وتفكر فيما يلي هذه الأقسام، فهي حقًا تُضيء لنا دروب الحياة.

الآيات ذات الصلة

قصة قصيرة

في يوم من الأيام، كان رجل يُدعى علي في السوق ويتأمل في أفكاره. كان دائمًا يرغب في رؤية الأشخاص الناجحين من حوله ويبحث عن طرق لتحقيق النجاح. في يوم من الأيام، اقترب من عالم عظيم وسأله كيف يمكنه التفوق في الحياة. ابتسم العالم وقال: "اعلم أن الأقسام في القرآن لها هدف كبير. إنها تُظهر لنا أين يجب أن نولي اهتمامًا أكبر." تأمل علي في كلام العالم ووجد أنه يحتاج إلى مراعاة أولوياته في حياته والانتباه إلى تعاليم القرآن.

الأسئلة ذات الصلة