الله صبور جدًا بسبب حبه ورحمته ، في انتظار عودة عباده إليه.
في القرآن الكريم، تتجلى صفات الله بوضوح، ومن بين هذه الصفات البارزة صفة الصبر. يُعتبر الصبر من القيم الأخلاقية الكبيرة التي حث الله عباده على التحلي بها، ولكنه يمثل أيضًا صورة مهمة من صور رحمة الله وحبه تجاه عباده. فلنتأمل سويًا في مفهوم الصبر، وكيف يبرز هذا المفهوم في علاقة الله بعباده، وكيف يمكننا كمؤمنين أن نستلهم هذه القيمة السامية في حياتنا اليومية. إن الله سبحانه وتعالى يوضح لنا في القرآن الكريم كيف أننا كبشر بحاجة ماسة للصبر، وفي ذات الوقت يتجلى صبره علينا في مواقف عديدة، مُظهرًا رحمةً لا متناهية. إن صبر الله دائمًا ما يتجلى في انتظاره لعودة عباده إليه وتوبتهم عن ذنوبهم. نجد في سورة آل عمران، الآية 135، إشارات واضحة لمدى أهمية الذكر والاستغفار، حيث يقول تعالى: "وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ". تجسد هذه الآية القيمة الأخلاقية المرتبطة بالصبر من خلال الذكر والتوبة. فالله تبارك وتعالى يدعونا للاعتراف بأخطائنا والندم عليها، وهذا يُظهر عظمة حلمه وصبره. وعندما يخطئ عباده ويشعرون بالندم، يجب عليهم التوجه إلى الله، الذي لا يتردد في قبول توبتهم. هذه العملية ليست مجرد كلمات نقولها، بل تتطلب منا شعورًا حقيقيًا ورغبة حقيقية للتغيير. في المجتمعات المعاصرة، يعاني الكثيرون من تحديات وضغوطات يومية تؤثر على حياتهم وعلاقاتهم بالله. يمثل الصبر في هذه السياقات اختبارًا حقيقيًا للإيمان، حيث أن مواجهة التحديات تتطلب قوة وصبر. وهنا نجد الآية الكريمة من سورة الزمر، الآية 53، تدعونا قائلةً: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنتُمُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ". هذا النداء يذكرنا بمدى رحمة الله وصبره، خصوصًا في أوقات الصعوبات. إن الصبر، كما هو معلوم، ليس مجرد انفعالة أو رد فعل على الأحداث، بل هو سمة تعكس علاقة شخصية مع الله. ومن المؤكد أن الإيمان يمنح الأمل والقوة للمؤمنين للتمسك بمبادئهم وأخلاقهم، وهذا بدوره يمثل علاقة وثيقة بين العبد وربه. يبين الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز كيف يمكن للصبر أن يكون وسيلة لتقوية الإيمان وزيادة العلاقة مع الخالق. عندما نتحدث عن صبر الله، يجب أن ندرك أنه يمثل علامة واضحة على حبه ورعايته للإنسانية. إن الله ينتظر منا التفكير في أخطائنا والعودة إليه بالتوبة. وهذا يعني أن الله ليس بعيدًا عنا، بل هو قريب جدًا، يتابعنا ويراقبنا. إن هذه القناعة تجعل من عبادة التوبة عبادة عظيمة ومفيدة للنفوس. فالتوبة ليست مجرد كلمات نلفظها، بل تتطلب شعورًا عميقًا وإرادة حقيقية لاستغلال الفرص وتحقيق التغيير. هناك خطوات حقيقية يجب أن يتبعها الإنسان للتوبة الحقيقية، وأولها الاعتراف بالخطأ والشعور الحقيقي بالندم، ثم اتخاذ خطوات تنفيذية لتحقيق التغيير الإيجابي. إن الله يدعونا لأن نتذكره في الأوقات الصعبة، حيث يُذكرنا بقوله: "وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تَفْلِحُونَ". وتساعد هذه الذكرى في تعزيز إيماننا وتقوية ارتباطنا بالخالق. علاوة على ذلك، ينبغي أن نُدرك أن صبر الله ليس له حدود زمنية أو مكانية؛ بل هو دائم وغير مُشروط. إن الله يقبل التوبة في أي وقت، مما يضمن أن كل إنسان لديه فرصة للعودة إلى الطريق الصحيح. حتى في أوقات الذنوب الكثيرة، يبقى باب التوبة مفتوحًا، مما يعكس رحمة الله وعدله. في ختام الحديث، نجد أن صبر الله هو رمز للأمل والمحبة الخالصة تجاه عباده. إنه يتوق إلى عودتنا إليه ويحثنا على الاستغفار وبدء الحياة من جديد. يجب أن ندرك أن الصبر في هذه الحياة هو المسار الذي يسلكه المؤمنون، خاصة عندما نعي أن على الإنسان أن يتحلى بالصبر مثل صبر الله عليه. فكل صعوبة نواجهها يمكن تجاوزها بالصبر والدعاء والاستغفار. لنجعل من هذا المفهوم راسخًا في قلوبنا، ولنتذكر دومًا أن الله هو أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين.
في يوم من الأيام ، واجه رجل يدعى أحمد مشكلة كبيرة ووجد كل شيء محبطًا. فكر في كلمات الله وأدرك أن صبر الله لا نهاية له وأن الوقت لا يجعل الله ينفر من عباده. جلب له هذا الفكر السلام وجعله يتعلم مدى أهمية الصبر في الحياة ومدى انتظار الله لتوبته.