يؤكد القرآن على الجهد المستمر وتجنب الرضا عن النفس لتحقيق النمو الشخصي.
يؤكد القرآن الكريم على أهمية السعي الدائم نحو التحسين والنمو الشخصي، ويُبرز الحاجة الملحة للتغيير الإيجابي في حياة كل إنسان. ونجد أن الرضا عن النفس يمثل خطرًا كبيرًا يمكن أن يعيق الإنسان عن تحقيق أهدافه الروحية والدنيوية. إن الاكتفاء بالنجاحات القديمة أو الرضا عن الوضع الحالي قد يؤدي إلى الركود، مما يعوق الفرد عن السير في طريق التطور والنمو. في هذا السياق، تقدم سورة الانشقاق لنا رسالة قوية عن مدى أهمية العمل الصالح. الآية 6 في هذه السورة تقول: 'فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ، فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ'. تذكرنا هذه الآية بضرورة أن تكون أعمالنا وتوجهنا، سواء في الدنيا أو الآخرة، وفقًا لما يُرضي الله. يبدو واضحًا أن العمل الجاد والسعي لزيادة ميزان الأعمال الصالحة هو الأساس في تحقيق النجاح الحقيقي. إن عملنا الصالح يجب أن يكون مستمراً وليس محصورًا في لحظات معينة، بل يجب أن نسعى جاهدين لنكون أفضل دائمًا، وبهذا الشكل نعزز من موقفنا في الآخرة. إن هذا النوع من الفكر يعزز الإيجابية والتفاؤل ويشجع المؤمنين على عدم الاستكانة للنجاحات، بل يدفعهم إلى المزيد من التعب والتفاني في العمل. فعندما نتبنى هذا المفهوم، نكون قد بدأنا في طريق مستدام نحو التحسين الذاتي، مما يتيح لنا تحقيق الأهداف التي نتطلع إليها. إن التسليم للرضا عن النفس يمكن أن يؤدي إلى حالة من التوقف عن السعي نحو التطور الشخصي والروحي. من هنا، نجد أنه من الأهمية بمكان أن نركز على التوجيهات القرآنية التي تدعونا إلى التركيز على الأعمال الصالحة والتركيز على الأمور التي تنمي من قدراتنا وإيماننا. إن القرآن الكريم لا يكتفي بتوجيهنا إلى الأعمال الصالحة، بل يدعونا أيضًا إلى الوعي بالمخاطر التي قد تواجهنا في طريق الفلاح. في سورة المنافقون، الآية 9، نجد تحذيرًا واضحًا حول الانشغال بالمظاهر والثراء، قائلًا، 'يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُشْغَلَكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ'. تعكس هذه الآية كيف يمكن أن تؤدي المشغوليات الدنيوية إلى إبعادنا عن صراط الله المستقيم. وحيث أن انغماس الإنسان في الأمور المادية والمظاهر قد يجعله يبتعد عن القيم الحقيقية والمبادئ السامية التي تحملها الدين، فإنه يصبح من الضروري أن نحافظ على يقظتنا وأن نراقب أنفسنا بشكل دائم. إذًا، كيف يمكننا أن نكون من المتقين الذين يذكرون الله في كل حين؟ إن القرآن يقدم لنا في سورة البقرة، الآية 2، رسالة توجيهية أساسية: 'هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ'. هذه الآية تشير إلى كيفية الحياة الصحيحة التي يتبعها المتقون حيث تعني التقوى الوعي الدائم بالله والعمل بما يُرضيه. إن الحفاظ على التقوى يعطينا منظورًا يختلف عن الحياة، ويُمكننا من رؤية العالم من خلال عدسة الخير والانفتاح على الآخرين. إن الرغبة في تحسين النفس والنمو الشخصي تزداد كلما ازداد وعينا بأهمية التقوى والاحترام لقيم ديننا. الرضا الزائف عن النفس يمكن أن يكون مؤشراً على الغرور والركود، مما يبعدنا عن النور الذي وهبنا الله. لذا، من الضروري الحفاظ على مسارنا في الحياة بالاستمرار في التوجيه الدائم نحو الإصلاح الروحي والنفسي، حيث أن الغرض من وجودنا هو العمل الصالح والسعي للارتقاء بأنفسنا. لننظر إلى القرآن كمصدر إلهام ودليل في رحلة حياتنا. من خلال استماعنا الجاد لآيات الله وتطبيق تعاليمه في حياتنا اليومية، نستطيع أن نحقق الأهداف المطلوبة. إن الجهد المستمر والسعي لتحسين النفس ونقل مفهوم الرضا الحقيقي وميزان الأعمال الثقيلة هو ما يدفعنا نحو النجاح الحقيقي. في نهاية المطاف، لنحاول أن نكون من الذين يثقل الله ميزانهم بالأعمال الصالحة، وندعو الله أن يدخلنا فسيح جناته، وعبر هذا الطريق نستطيع أن نحقق الغايات النبيلة ونسهم في بناء مجتمع أفضل.
كان هناك رجل يُدعى حسن دائمًا ما يمنح نفسه علامات عالية. كان يعتقد أنه أفضل من الآخرين ولا يحتاج إلى بذل المزيد من الجهود. في يوم من الأيام، وهو جالس بجانب النهر، أثارت آيات من القرآن اهتمامه: 'فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ'. منذ ذلك اليوم، قرر حسن أن يعتني بنفسه أكثر وبدلاً من الرضا عن النفس، سعى ليكون أفضل. ومع هذا التغيير في المنظور، بدأت حياته تتحسن بشكل كبير.