التشاور يعزز التعاطف والمحبة ، مما يؤدي إلى نتائج أفضل في الأمور.
في القرآن الكريم، يتم التأكيد على أهمية التشاور مع الآخرين كأحد المبادئ الأساسية في حياة المؤمنين. ليعلم الجميع أن المؤمنين لا يسيرون في حياتهم بمفردهم، بل يستمدون قوتهم من ذويهم، ويتشاركون الأفكار والرؤى من أجل اتخاذ القرارات الصائبة. هذا ما يتضح بجلاء في آيات القرآن الكريم، التي تلقي الضوء على أهمية هذه الفضيلة العظيمة. ومن الآيات البارزة في هذا السياق تأتينا آية من سورة آل عمران، حيث يأمر الله عز وجل النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالتشاور مع الآخرين في الأمور: "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلو كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِن حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ". هذه الآية توضح لنا أن التشاور يعزز التعاطف والمحبة بين الأفراد، مما يؤدي إلى نتائج أفضل وسعادتهم في الدنيا والآخرة. تشير هذه النصوص القرآنيّة إلى أن التشاور ليس فقط واجبًا دينيًا، بل هو أيضًا سلوك يساهم في تعزيز العلاقات الإنسانية، حيث يحتاج كل فرد إلى دعم المجتمع من حوله ليتمكن من اتخاذ القرارات الصحيحة. فالتشاور يُعَدُّ من أهم وسيلتين لتحقيق التفاهم بين الأفراد، فهو يُشعرهم بمدى أهمية آرائهم وأفكارهم، مما يعزز الإحساس بالانتماء ويقلل من مشاعر العزلة والقلق. بالإضافة إلى ذلك، نجد آية أخرى في سورة الشورى، حيث يذكر الله عز وجل: "وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ". هذه الآية تشير بوضوح إلى أن المؤمنين، بعد استجابة الدعوة الإلهية وإقامة الصلاة، يتجهون إلى التشاور في شؤونهم. هنا نجد أن التشاور يتجاوز كونه مجرد عملية اتخاذ قرار ليصبح جزءًا لا يتجزأ من حياة المؤمن ارتباطا بحياتهم الروحية والدينية. التشاور بين الناس يعطي فرصة لكل شخص لإبداء رأيه وأفكاره، ويُسهم في تحسين النتائج النهائية للقرارات المتخذة. فعندما يتعاون الأفراد ويستمعون إلى بعضهم البعض، فإنهم يتمكنون من جمع وجهات نظر متعددة التي قد تكون أكثر شمولية وموضوعية. في حياتنا اليومية، نحن نحتاج جميعاً إلى المشورة، سواءً كنا في العمل أو في العلاقات الشخصية أو في القرارات العائلية. وهذا يوضح مدى أهمية الاستماع والاستجابة لرأي الآخرين. إحدى الفوائد الكبرى للتشاور تكمن في تجنب الأخطاء المحتملة. فكل قرار يتخذه الفرد في حياته يحمل معه نتائج واضحة، قد تكون إيجابية أو سلبية. وبتعزيز ثقافة التشاور، يمكن للأشخاص تقليل فرص اتخاذ قرارات سيئة قد تؤدي إلى عواقب غير مرغوب فيها. فعندما نتلقى نصيحة من الآخرين، يصير لدينا فرصة أكبر لرؤية الوضع من زوايا مختلفة، مما يوفر لنا فهمًا أعمق ويزيد من قدرتنا على اتخاذ الخيارات السليمة. كما أن التشاور يساهم في تعزيز السلام بين الأفراد، فبدلاً من اتخاذ القرارات بشكل فردي قد تؤدي إلى نزاعات، يمكن للمشاورات أن تؤدي إلى اتفاقات ونتائج مرضية لجميع الأطراف. عندما يشعر الناس بأنهم جزء من العملية، فإنهم يكونون أكثر استعدادًا للقبول بالنتيجة النهائية، حتى وإن لم تكن بالضرورة ما كانوا يتمنون. وفي النهاية، يمكن القول إن التشاور هو عملية تعزز من كفاءة الأمور المختلفة. إن الارتباطات التفاعلية بين الأفراد تسهل التواصل وتُحسن من مستوى العلاقة بينهم. وكلما زادت المشاورات في حياة المجتمع، ازدادت قدرة الأفراد على العمل بشكل متعاون وأكثر فعالية. حديث الرسول صلى الله عليه وسلم يُعد أيضًا دليلاً على أهمية التشاور، حيث قال: "المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشد بعضه بعضًا". هذه إشارة واضحة على أن الاتصال والتعاون قائم على أسس التشاور. في المجمل، يُعَدّ التشاور قيمة أساسية في بناء المجتمعات، وتحقيق الأهداف المشتركة بين الأفراد، وتحسين نوعية الحياة بشكل عام. من خلال تعزيز ثقافة التشاور، نستطيع أن نمهد الطريق لتحقيق توافق أكبر وتعاون أفضل. إن التشاور هو الخيار الصحيح الذي يجمع بين الحكمة والمعرفة، ويفتح أبواب النجاح في حياة أي إنسان مؤمن.
في أرض بعيدة ، كان هناك رجل يُدعى حسن اعتاد على استشارة الآخرين في عمله. في يوم من الأيام ، كان يفكر في مشروع تجاري جديد وطلب من أصدقائه آراءهم. بعد الاستماع إلى وجهات نظر مختلفة ، اتخذ قراره النهائي وتقدم بثقة أكبر. كانت نتيجة مشروعه ناجحة للغاية ، ومنذ ذلك اليوم ، أدرك حسن أن التشاور لم يساعده فقط ، بل أيضًا عزز علاقاته مع الآخرين.