لا ينبغي علينا تحويل البشر إلى أصنام لأن الله هو الوحيد الذي يستحق العبادة ، وهذه الفعل يضر باتصالنا الروحي به.
تتجلى عظمة القرآن الكريم في توجيهات واضحة وغير قابلة للريبة بشأن موضوع العبادة والاعتماد على الله وحده، مما يبرز أهمية عدم تحويل البشر أو أي كائنات إلى أصنام. إن المبدأ الأساسي الذي ينادى به القرآن هو ضرورة التوجه بقلب وعقل إلى الله سبحانه وتعالى، الذي وحده يستحق العبادة والتقديس. ويدعو القرآن الكريم في سورة الزمر، الآية 31، إلى حقيقة عميقة حينما يقول: 'وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ'. يشير هذا النص القرآني إلى أن جميع الكائنات في النهاية ستعود إلى خالقها، مما يكشف عن بداهة الافتقار الإنساني إلى الرب سبحانه وتعالى. فعلى الرغم من نفوذ البشر وقوتهم الظاهرة، إلا أنهم ليسوا إلا كائنات مخلوقة لا تملك مصيرها ولا قرارها إلا بإرادة الله، وبالتالي فإن الاعتماد على الله يبقى أساسيًا ومطلقًا. ولم يقف القرآن عند هذا الحد، بل جاء في سورة البقرة، الآية 22، نداءٌ واضح لتأصيل وتعزيز مفهوم التوحيد والاعتماد الكامل على الله، حيث قال: 'هو الذي جعل لكم الأرض فراشاً والسماء بناءً، وأنزل من السماء ماءً، فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم، فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ'. يتضح من هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى هو المصدر الأول والأخير لكل مناحي الحياة؛ فهو الذي خلق الأرض وجعلها مستقراً، وخلق السماء بقوة وجمال، وغيرها من آيات الإبداع. كما أن النعمة التي ينعم بها الله على عباده من خلال ما يُنزل من السماء إلى الأرض يجسد المعنى الحقيقي للاعتماد على الله. وهذا يحثنا على تجنب الغفلة التي يمكن أن تجعلنا نتجاهل ذلك ونرفع غير الله فوق مقامه. على الرغم من عظمة البشر ومدى دورهم الفعال في مجتمعاتهم، إلا أنه يجدر التنبيه إلى أنهم مخلوقون من الله، ويجب أن نتذكر دوماً أن عظمة الله تتفوق بشكل مطلق على عظمة أي مخلوق. في سورة مريم، الآية 47، يُذكر النبي إبراهيم (عليه السلام) بمكانته كإمام للناس، حيث جاء فيها: 'إني جعلتك للناس إماماً'. وهذا يشير إلى أن عظمة النبي تبقى ضمن إطار العبادة لله وحده، وأي ارتباط أو تعلق يجب أن يكون مُعبراً عن الإيمان بالله وتوحيده. تدعونا هذه النصوص إلى تفريغ قلوبنا من كل تلبيس وزخرفة وترك العبادات للشأن الإلهي الأوحد. إن تحول البشر إلى أصنام يعد من الأمور التي تؤثر بشكل سلبي لا فقط على عمق العلاقة بين العبد وربه، بل قد تودي بالشخص إلى فقدان جوهر الإيمان الحقيقي. عندما نصنع من عظماء البشر أصنامًا تعبد أو ترفع لمستوى القداسة، فإننا بذلك نحرم أنفسنا من النور والهدى الذي ينشده كل مؤمن سوي. تكتسب العبادة والتنمية الروحية دلالتها بيننا فقط عندما تبقى مرتبطة بخالقنا ومصدر وجودنا، وهو الله الذي لا شريك له. وكما يتقاعد الإنسان في شغف اكتشاف ذاته، فإنه ينبغي عليه أن يعي ضرورة توجيه تلك المشاعر الإيجابية نحو الله سبحانه وتعالى. فتقديس الهة بشرية أو تمرير تعاليم غير إلهية في شتى مجالات الحياة، إنما يشيل عبئاً ثقيلاً يتنافى مع جوهر العقيدة وبنيانها المتين. ومن ثمّ، يدعو القرآن بشكل متكرر إلى تنبه الناس لطبيعة هذا الميل وللأخطار الكامنة فيه، مُذكرًا أن الله هو الواحد الذي يمنح الحياة ويصفح، والنور الذي ينير الدروب نحو البقاء الحقيقي. إن العبادة هي رابط الروح الذي يجمع بين الإنسان وخالقه. فكلما توغّلنا في عبادة غير الله، إما بتقديس شخص أو فكرة أو نظام معين، فإننا نغفل عن عمق معاني التوحيد التي تحكم وجودنا. لهذا، فإن القرآن يكرِّر النداء للناس بأن يتركوا كل ما يثقل كاهلهم ويشتت أذهانهم، ليعودوا إلى أساس الإيمان الصافي، والذي يُعبر عنه بتسليم القلب لله وحده. إن التصنيع العاطفي للأصنام البشرية يضر بالله ويحرف مسار الروح، ويثني الشباب والأجيال المقبلة عن سلوك جادة الإيمان الصحيح. عامةً، إن قضية الأصنام لا تقتصر على التقديس أو العبادة في حسّها المادي بل تشمل أيضًا الجوانب الفكرية والعاطفية. فكل فكر أو اعتقاد يسمح بخلق نماذج بشرية لإعطائها قيمة فوق ما تستحق، يشكل صورة مشوهة للقلوب التي تبحث عن الحقيقة. على هذا، فإن فهم القرآن لنفسه واتصال المؤمن به، يتطلب مجهودًا للتصحيح والعودة إلى فاتحة الإيمان والتقوى. فالتوبة والرجوع عن هذا الانحراف هو السبيل نحو استعادة درب الأصحاء العائدين لله، والاستمرار في طريق الحق الذي ينشدونه. في النهاية، يبقى علينا أن نسعى جاهدين لعيش هذا المفهوم في حياتنا اليومية، في أوقات الشدة والرخاء، وأن نعيد التذكير بذلك في صلواتنا وأفكارنا وسلوكنا. إن السعادة الحقيقية تكمن في صدق النية في العبادة وتوحيد الجهود نحو ما يُرضي الله، لنحقق بذلك التوازن الروحي والنفسي الذي ينشده كافة البشر في سعيهم للتواصل مع خالقهم.
في يوم من الأيام ، كان شاب مؤمن يجلس بجانب النهر ويتأمل في آيات القرآن. شعر بالحزن لمعرفة أن بعض الناس ينظرون إلى آخرين بدلاً من الله. تذكر آية من القرآن تنص على أن أي كائن لا يمكن أن يساوي مكانة الله. قرر أن يتبع دائمًا إيمانه بالله وخدامه الصالحين ، وأنه في أوقات اليأس أو الارتباك ، سيلجأ فقط إلى الله.