يجب دائمًا تقدير النعم والتعبير عن الشكر لها ، حيث إن التقليل من شأنها قد يؤدي إلى فقدانها.
في القرآن الكريم، يُعدّ الشكر والامتنان على النعم الإلهية من الموضوعات الحيوية التي تبرز الأهمية الكبيرة لتقدير ما أنعم الله به على عباده. هذه القيم ليست مجرد كلمات نقولها، بل هي جزءٌ أساسيٌ من السلوك الإيماني الذي يربط الفرد بخالقه، مما يُسهم في بناء مجتمعٍ متماسكٍ ومتعاون. فالإنسان بطبيعته يحتاج إلى تقدير نعم الله التي لا تُحصى، ويجب عليه أن يكون شاكراً في كل لحظة من لحظات حياته. عندما ننظر إلى الآيات القرآنية المختلفة، نجد أن التأكيد على الشكر يتكرر في العديد من المواضع. في سورة إبراهيم، الآية 7، يقول الله تعالى: "وَإِذْ أَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَ لَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ". تظهر هذه الآية بوضوح عواقب الكفر وضرورة الشكر على النعم. فالشكر ليس مجرد واجب ديني، بل هو سببٌ لزيادة النعم، حيث يُظهر الإنجاز الإيجابي لتقدير ما لدينا. يحمل الشكر معاني عميقة، فهو لا يقتصر على كلمات تُقال، بل هو عمل يتطلب إدراكاً عميقاً للمعاني والدلالات. يتحقق الشكر من خلال الأفعال، مثل استخدام النعم في طاعة الله، ومساعدة الآخرين، وكسب رزق حلال. لذا، يصبح الشكر منهج حياة، يوقظ في النفوس مشاعر الامتنان والاعتراف لمعاني العطاء. وفي هذا الإطار، تُشير سورة النحل في الآية 18 إلى تعدد النعم الإلهية، حيث يقول الله: "وَإِن تَعَدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا". تدل هذه الآية على أن النعم الموجودة حول الإنسان تتجاوز حد الحصر، مما يجعل الشكر أمراً مطلوباً بشكل دائم. فكل إنسان يحتاج إلى التفكير في كل نعمة تحل عليه، من الصحة والعافية إلى الأمان والرزق، ومن العائلة والأصدقاء إلى كل التفاصيل الدقيقة التي تُشكل حياته اليومية. علاوة على ذلك، يُفتح الحديث عن الشكر باباً لتأمل مهمة العبد في حياته. فعندما يعبد الشخص الله بشكر وامتنان، فإنه يقرب نفسه من ربه ويعزز إيمانه. ففي سورة آل عمران، الآية 27، يدعو الله الناس لمشاهدة آلائه وعظمته في النعم التي منحها لعباده. هذا يتطلب منا التمعن في آيات الله والتفكر في الكون وما يحتويه من بديع صنع الله. إحدى الفوائد النفسية العميقة لشكر النعم هي أنها تُعزز الشعور بالراحة والاطمئنان. فعندما يتأمل الشخص في حياته ويقدّر ما لديه، يشعر برضا داخلي يساعده في مواجهة تحديات الحياة. في عالم تتزايد فيه الضغوط والهموم، يُمكن أن تكون القدرة على الشكر مفتاحاً للعيش بسعادة وهناء. إن الشكر ليس مجرد كلمات تُقال، بل هو شعور عميق تستشعره القلوب. ولذلك يتوجب علينا أن نحرص على تنمية هذا الشعور الذي يُعزز استقرارنا النفسي. كلما زاد الوعي بقيمة النعم، زادت قدرة الإنسان على التقدير. وبهذا المنطق، نجد أن فقدان النعم يأتي نتيجة عدم الاهتمام بها، حيث يعكس فقدان التقدير تجاه النعم أيضاً فقدانها من حياة الشخص. في نهاية المطاف، يجتمع كل ما ذُكر على حقيقة واحدة، وهي أن تقدير النعم، سواء كانت من الله أو من النعم الثانية، يُعتبر رمزاً للإيمان. لذا ينبغي على المسلم أن يعيش حياةً مليئة بالشكر، وأن يُدرج ذلك في طقوس حياته اليومية، من خلال الدعاء، والتأمل، والأفعال الإيجابية تجاه الآخرين. الشكر هو القاعدة الأساسية التي تُزرع فيها قيم التعاون والتفاهم والمحبة بين الناس. فبتطبيق قيم الشكر في الحياة، يُمكننا بناء مجتمعٍ يملؤه العطاء والمساندة، ونسير نحو مستقبلٍ أفضل. فالشكر يُعتبر مفتاح البركات والعطايا، وهو السبيل لعيش حياة مليئة بالخيرات. لذلك، ينبغي علينا التذكير باستمرار بأهمية الشكر، حيث أنه يُعزز ليس فقط العلاقة مع الله، بل أيضاً العلاقات بين أفراد المجتمع ويُسهم في تحقيق التوازن النفسي والفكري لكل فرد.
كان هناك رجل يدعى حسن يشكو كثيرًا من حياته. كان يعتقد أن كل شيء ضدّه وأن العواقب السيئة تتبعه دائمًا. ذات يوم ، ذهب إلى السوق والتقى بعالم حكيم. قال له العالم: "لماذا لا تقدر النعم التي لديك؟ لقد منحك الله الكثير من النعم ، بما في ذلك عائلتك وصحتك وأصدقائك." بعد سماع هذه الكلمات ، أدرك حسن أن حياته مليئة بالنعم وبدأ يعبر عن امتنانه لها كل يوم.