هل كل البشر لهم طبيعة التوحيد؟

نعم، كل البشر يمتلكون طبيعة التوحيد التي قد تتغير تحت تأثير البيئة والتربية، لكن لا أحد يمكنه الهروب منها.

إجابة القرآن

هل كل البشر لهم طبيعة التوحيد؟

تشير القرآن الكريم إلى الطبيعة التوحيدية للبشر، والتي تعتبر أحد الأسس والمحاور الرئيسية في عقيدة الإسلام. فعند النظر إلى تكوين الإنسان ودوره في هذا الكون، نجد أن الله سبحانه وتعالى خلقه بفطرة نقية وطاهرة، تدعوه لعبادته وحده والإيمان به. فقد قال الله في سورة الروم، الآية 30: "فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا". تعكس هذه الآية العمق الروحي الذي يُميز الإنسان، فهي تؤكد أن الفطرة الإنسانية تميل إلى التوحيد والعبودية لله. تشير الفطرة إلى الحالة الطبيعية للنفس البشرية، حيث تكون مملوءة بالتوجه نحو الخالق، وهذا ما يظهر بشكل واضح في العديد من المواقف الحياتية. فالإيمان بالله هو العنصر الذي يجمع البشرية على اختلاف ثقافاتها وأديانها. وهذا يعني أن لدى كل إنسان علاقة فطرية مع الله، حتى لو لاحظنا انحرافات أو تباينات في التعبير عن هذا الإيمان. بالإضافة إلى ذلك، في سورة الأعراف، الآية 172، يتحدث الله عن العهود التي أبرمت بينه وبين بني آدم في عالم الأرواح. جاء في الآية: "وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ، وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا". توضح هذه الآية أن لدى كل إنسان ميلاً فطرياً داخلياً لعبادة الله، وأن هذه العبادة مرتبطة بعهد سابق بين الله والإنسان. يمكن القول إن الطبيعة التوحيدية للبشر ليست مجرد فكرة نظرية، بل هي حقيقة واقعية مرتبطة بتجارب البشر اليومية. فبرغم التحديات والتغيرات التي يواجهها الإنسان في مسيرته الحياتية، يظل هناك نقطة مضيئة في قرارة نفسه تدعوه للعودة إلى الله. فقد ينحرف بعض الأشخاص عن الدين ويبتعدون عن القيم الروحية طوال حياتهم، إلا أنهم في أوقات الشدة والضغوطات النفسية يعودون إلى الله، باحثين عن الدعم والمساعدة الروحية. وهذا ما يثبت أن الطبيعة التوحيدية لا يمكن أن تتلاشي، بل إنها تبقى مؤصلة في قلب كل إنسان. الأثر البيئي والتربية الأسرية يلعبان دوراً كبيراً في شكل التجربة الروحية لدى الفرد. فتنشئة الأفراد في بيئة مملوءة بالروحانيات والتعاليم الدينية تؤدي بطبيعة الحال إلى تقوية هذا الشعور الفطري بالتوحيد. لذلك، نجد أن المجتمعات التي تزرع قيم التوحيد والإيمان منذ الصغر في نفوس أطفالها، يخرج منها أجيال تسعى نحو البحث عن الله وترسخ مبادئ الدين في حياتهم اليومية. ومع ذلك، لا يمكن إنكار أثر البيئة المثبطة أو عدم التوجيه الصحيح من طرف الأسر على بعض الأفراد، فقد يؤدي ذلك إلى الانجراف بعيداً عن الفطرة السليمة. وفي هذا الصدد، نجد أن هذا التحول قد يكون عابراً، حيث سرعان ما يعود الشخص إلى قاعدة انطلاقه الأصلية عندما يواجه تحديات كبيرة في حياته. فالكثير من الأشخاص الذين يبتعدون عن الدين في سنين من حياتهم، يجدون في الأزمات ملاذاً للعودة إلى الله، سواء عبر الدعاء أو الصلاة أو طلب المغفرة. بالتالي، يمكننا أن نستنتج أن الطبيعة التوحيدية متأصلة في كل إنسان، وانطلاق هذه الطبيعة يتأثر بالعوامل المحيطة به. وكلما كانت الجذور الروحية والإيمانية قوية ومتعمقة، زادت فرص الأفراد في التمسّك بتلك القيم وتحقيق الصلة الحقيقية مع الله. فالكلمة الطيبة، الصلاة، والذكر هي من الأمور التي تعمل كجسور للعودة إلى الطريقة الحقيقية التي خُلقنا من أجلها، وأحياناً تكون هذه العودة عنواناً لأجمل اللحظات في حياة الإنسان. في النهاية، يمثل الإيمان بالله وإقامة الشعائر الدينية أحد أبرز مظاهر الفطرة الإنسانية، والعودة إلى هذه الفطرة هو ما يسعى إليه الكثيرون في زحمة الحياة العصرية. يستوجب ذلك منا recognition والتيقن بأننا في حاجة دائمة إلى تعزيز تلك الطبيعة التوحيدية بداخلنا، وزرعها في قلوب الأجيال القادمة، لتظل الأنسجة الروحية سابحة في فضاءات الإيمان والتقرب إلى الخالق. وعليه، كل إنسان لديه القدرة على العودة إلى فطرته الحقيقية، والسير في طريق العبادة والتوكل على الله، لأن هذا هو الهدف الأسمى من وجودنا في هذه الحياة.

الآيات ذات الصلة

قصة قصيرة

في يوم جميل ، قرر عارف أن يغمر نفسه في الطبيعة ، يراقب الأشجار والأزهار في سلام. تذكر كلمات القرآن وفكر في كيف أن الطبيعة البشرية تميل إلى الله والتوحيد. دعا عارف في قلبه وتذكر الله ، وشعر بإحساس رائع من الفرح. ذكره هذا اليوم أن الحياة بدون ذكر الله بلا معنى وأن البشر دائمًا ما يسعون إلى طبيعتهم التوحيدية.

الأسئلة ذات الصلة