يمكن أن يقلل الحب للدنيا من الإيمان إذا أدى إلى الغفلة عن الله والواجبات الدينية.
إن الحب للدنيا والتمسك بها هو موضوع شائك في حياة المسلم، فهو يمثل ميلًا فطريًا للتمتع بالحياة ومظاهرها، لكنه قد يقود إلى مضارّ عظيمة على الإيمان والعلاقة مع الله سبحانه وتعالى. فالحياة الدنيا تستحوذ على اهتمام الكثيرين بجمالياتها وزينتها، ولكنها قد تصبح فخًا، حيث ينشغل الإنسان بها عن واجباته الدينية. هذا الأمر دعا القرآن الكريم إلى توضيح الخطورة الناجمة عن هذا الميل الطبيعي. في هذا السياق، نذكر الآية الكريمة من سورة التوبة، الآية 24: "قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبُّ إِلَيْكُمْ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ". توضح هذه الآية أن حب الدنيا ومظاهرها يجب ألا يتجاوز حب الله ورسوله والجهاد في سبيل الله. تُسلّط الآية الضوء على ضرورة أن يكون الله ورسوله في صدارة أولويات المسلمين، مما يعني أن على الإنسان أن دوماً يتفكر في ما إذا كانت أفعاله تتماشى مع هذه الأولويات. ومن النصوص الأخرى التي تتناول هذا الموضوع، نجد في سورة آل عمران، الآية 14: "زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنَطِرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالزَّرْعِ، ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ". هذه الآية توضح أن زينة الحياة الدنيا والملذات التي يُقبل عليها الناس هي مجرد زينة خادعة. فهي جزء من متاع الحياة المحدود، بينما المثوبة الحقيقة، الآخرة، هي ما يجب أن يسعى المسلم لتحقيقه. إن الميل نحو الدنيا والشهوات قد يؤدي إلى ما يُعرف بالغفلة عن ذكر الله، حيث ينشغل الإنسان بمتاع الدنيا الزائل وينسى ما هو أكبر وأبقى، وهو العبادة والإيمان. الغفلة تلك قد تضعف من الوازع الديني، وتدفع الشخص إلى الانغماس في الملذات، مما يؤثر على سلوكه ويبعده عن طريق الحق. لذا هناك عدة أمور يجب على المسلم الالتفات إليها لتجنب الوقوع في حب الدنيا وفتنتها. أولاً، يجب أن يتذكر المسلم دائمًا أن حياته الدنيا مؤقتة وأن الآخرة هي الدار الباقية. "وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ" (آل عمران: 185). هذه الفكرة يجب أن تكون حاضرة في قلب المؤمن وعقله دائما. ثانياً، ينبغي أن تكون العبادات وزيارة بيوت الله هي من أولويات المسلم. يجب أن يجد الإنسان الوقت الكافي لذكر الله والصلاة وقراءة القرآن، لأنها العوامل التي تقوي الإيمان وتزيد من الارتباط بالخالق العظيم. ثالثًا، ينبغي على المسلمين أن يتفكروا في الأمور الدنيوية بعين العقل، أن يستخدموا ما في أيديهم من مال وثروات في فعل الخيرات ومساعدة الآخرين، فإن ذلك من أبرز طرق تمتين العلاقة مع الله. يقول الله تعالى: "لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ" (آل عمران: 92)؛ فالإسهام في دعم المجتمعات ومساعدة الفقراء والمحتاجين، هو أيضًا تعبير عن حب الله. أخيراً، ينبغي على الإنسان أن يسعى بجد لتحقيق التوازن بين الحياة الدنيا والآخرة. فلا ينبغي عليه أن يهمل واجباته الدنيوية، ولكن عليه أن يجعلها وسيلة لتعزيز علاقته بالله. بالمجموع، فإن الإسلام يحث على العمل والنجاح في هذه الحياة ولكنه يؤكد في الوقت نفسه على أهمية أن تكون نيتنا إيجابية وأن تكون موجهة نحو العبادة ومرضاة الله. في النهاية، إن حب الدنيا ليس جريمة بحد ذاته، بل هو شعور طبيعي إنساني. لكن ما يجب أن يُحذر منه هو التحول إلى هوس يبعدنا عن الله. لذلك يجب أن نكون واعين ونظل قريبين من مصدر وجودنا، الذي هو الله عز وجل، ونسعى جاهدين للاقتراب منه في كل مراحل حياتنا. \nإن التمسك بحب الله والاحتفاظ بالموازنة بين الدنيا والآخرة هو الطريق الوحيد لحياة مليئة بالإيمان والسعادة الحقيقية.
كان هناك رجل يسمى عادل يفكر في حياته وهدفه. لجأ إلى آيات القرآن وفهم أن الحياة يجب أن تركز على محبة الله وأداء الواجبات الدينية. ومع مرور الوقت، أدرك عادل القيم الإلهية واستطاع الابتعاد عن حب الدنيا.