الله يرى كل الآلام بما في ذلك الآلام النفسية وهو على علم بعباده.
إن القرآن الكريم يعتبر مرجعًا عظيمًا لتوجيه البشرية في شتى جوانب الحياة، وخصوصًا في موضوع الألم والمعاناة التي قد يواجهها الأفراد. إن الألم والمعاناة جزءٌ لا يتجزأ من حياة الإنسان، إذ يواجه الجميع تحديات وصعوبات تختلف في شدتها وطبيعتها. في هذا السياق، يدرك الإنسان أن الله تعالى لديه رؤية واضحة وشاملة لكافة الآلام، سواء كانت جسدية أو نفسية. لا يخفى على أحد أن الضغوط النفسية والآلام الجسدية تحد من سعادة الفرد وقدرته على الاستمتاع بالحياة، ولكن القرآن الكريم يقدم توجيهات قيمة حول كيفية التعامل مع هذه المعاناة، مما يجعل منه مصدرًا إلهامًا وراحة للأرواح المتألمة. إن سورة الأنبياء مثالًا قويًا على إدراك الله لمعاناة عباده. ففي الآية 87، يشتكي النبي يونس عليه السلام إلى ربه، حيث قال: "إن الضر قد مسني وأنت أرحم الراحمين". هذه الكلمات تعكس عمق الإيمان بأن الله قريب من عباده ويستجيب لندائهم. يتعلم المؤمن من هذه الآية أن الإيمان الحقيقي يتجسد في الوعي بأن الله سبحانه وتعالى يسمع آلامه وأوجاعه، وأن الدعاء هو المنفذ الصحيح للتعبير عن المعاناة والحاجة إلى العون. علاوة على ذلك، نجد أيضًا أن سورة البقرة تقدم نفحة من الرحمة الإلهية؛ حيث تتحدث الآية 286 عن قدرة الإنسان وحدوده. تقول الآية: "لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها". هذه الآية تؤكد على أن الله لا يحمّل عباده ما لا يطيقونه، ويبرز أهمية العناية الإلهية التي تشمل حتى الأوقات الأكثر تحديًا في حياة الإنسان. إن هذه الرسالة تعطي الأمل للناس في أوقات الألم، إذ تفيد بأن الله لن يتركهم بلا مساعدة أو دون إحساس بآلامهم. كما أن معالجة الآلام الجسدية لا تعني أن الله يتجاهل المعاناة النفسية. إن الله تعالى يراقب جميع مشاعر عباده ويفهم المعاناة الداخلية التي يواجهونها. إن الكثيرين يعانون من الضغوط النفسية، مثل القلق والاكتئاب، وهذا يتطلب الوعي بأن الله سبحانه وتعالى يفهم تلك الأوجاع، وأن التوجه إلى الله في الأوقات الصعبة هو من أكثر الأمور إسهامًا في تفريج الهموم. إن الدعاء والمناجاة في الوقت الذي يعاني فيه الإنسان يعتبران من وسائل التخفيف عن النفس. ولا يمكننا تجاهل أن القرآن يتحدث كثيرًا عن الرحمة والعطاء الإلهي. في قوله تعالى: "ورحمتي وسعت كل شيء" (الأعراف: 156)، نجد تأكيدًا على أن رحمة الله تشمل جميع المخلوقات دون استثناء. هذه الرحمة تُعد بمثابة عزاء للمؤمنين الذين يعانون من صعوبات نفسية، حيث يذكرهم الإيمان بأن الله معهم في كل لحظة. الشعور برحمة الله واهتمامه بهم يمنحهم القوة لمواجهة التحديات والأوقات العصيبة. في الأوقات الصعبة التي يمر بها المرء، قد تكون هذه التجارب فرصة لتعزيز العلاقة بين العبد وربه. يختبر الإنسان في بعض الأحيان أن اقترابه من الله وتوسله إليه يجلب له السكينة والطمأنينة. هذا التأمل في الذات وترك الأمور لله يعكس توحيد المؤمن، فكلما اقترب العبد من الله، زادت مشاعره بالسلام والراحة. كذلك، يجب على المؤمنين إدراك أهمية الإيمان والعلاقة القوية مع الله في مواجهة التحديات النفسية. فالصلاة والدعاء هما سبل للتواصل مع الله، حيث يستطيع المؤمن من خلالهما طلب العون والمغفرة. الأمل في رحمة الله يُعتبر زاد المؤمنين في كل زمان ومكان؛ لذا يتعين عليهم أن يبقوا دائمًا على يقين بأن الله عز وجل دائمًا رحيم وعليم بما يعيشه عباده من المشقات والأوجاع. ولخلاصة القول، إن القرآن الكريم، بما يحتويه من آيات توجيهية ورحيمة، يمنح أملًا وأسلحة لمواجهة الألم والمعاناة. فإن التجارب الصعبة التي قد تمر علينا ليست سوى فصول من الحياة، وكل فصل منها يحمل في طياته درسًا أو رسالة، ورسالة الله دائمًا هي أن نتوجه إليه في كل الأوقات. إن الإيمان بالله والاعتماد عليه يجلبان السكينة ويضيئان الطريق رغم الظلمات. فلنجعل من القرآن مرجعنا وسندنا في مواجهة الآلام، ولنبقَ دائمًا متفائلين برحمة الله وعطاءه اللامحدود.
في يوم من الأيام ، كانت سارة تمر بأزمة عاطفية وكانت تشعر بالوحدة. صلت إلى الله ، طالبة المساعدة للعثور على طريق للخروج من آلامها. مع مرور الوقت ، ومع صلواتها المستمرة ، بدأت سارة تشعر بتحسن وتعلمت أن الله كان دائمًا بجانبها ولم يتخلَّ عنها. علمتها هذه التجربة أن آلامها النفسية لها أذن صاغية وأنه يمكنها التغلب عليها بالاعتماد على الله.