يرى الله كل الأعمال الصالحة ، حتى لو كانت صغيرة ، ويعطيها قيمة.
العمل الصالح من أهم الأمور التي يؤكد عليها الإسلام، فقد حثت النصوص القرآنية والسنة النبوية على القيام بالأعمال الخيرية وإعطائها أهمية خاصة، حيث إن هذه الأعمال لا تقتصر فقط على الطقوس والشعائر الدينية الكبرى، بل تشمل جميع الأفعال الخيّرة التي يمكن للفرد القيام بها في حياته اليومية. لذا، فإن موضوع أهمية العمل الصالح هو من المواضيع الحيوية التي تستحق التأمل والتناول بشكل أعمق. يؤكد الله تعالى في كتابه العزيز على مكانة الأعمال الخيرية، ويذكرنا بأن آثار هذه الأعمال لا تقتصر على العالم الدنيوي فحسب، بل تمتد إلى الحياة الآخرة، حيث هناك مكافأة جزاء كل أعمال الخير التي قمنا بها. من أبرز الآيات التي تشير إلى ذلك ما جاء في سورة الزلزال (السورة 99)، حيث يقول عز وجل: "إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2)". هذه الآيات تشير بشكل صريح إلى أن الأرض ستظهر أعمال الإنسان يوم القيامة، مما يعني أن كل صغيرة وكبيرة من الأعمال الصالحة ستكون لها مكانة مهمة في ذلك اليوم العظيم. إن وجود الآيات القرآنية التي تؤكد على أهمية العمل يعتمد على الفهم العميق لجوهر إيمان المسلم. فالله تعالى قد أعدّ جنات عرضها السماوات والأرض للمؤمنين القائمين بالأعمال الصالحة، كما جاء في سورة طه، الآية 112: "إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات الفردوس نُزلاً". وهنا تتجلى العلاقة بين الإيمان والعمل، فالإيمان وحده لا يكفي، بل لابد من العمل الصالح ليكون وسيلة لنيل رضا الله ونعيمه. كما نجد في سورة البقرة، الآية 261، تشبيهاً رائعاً لمن ينفقون أموالهم في سبيل الله، حيث يقول الله تعالى: "مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة". يعكس هذا التشبيه الكرم الذي لا ينتهي من الله سبحانه وتعالى تجاه عباده، فكل عمل خير، مهما كان صغيرًا، يثمر أضعافًا مضاعفة في ميزان الأعمال يوم القيامة. وعلى الرغم من أن بعض الناس قد ينظرون إلى الأعمال الصالحة الكبيرة على أنها الأكثر قيمة، فإن القرآن الكريم يؤكد على أن حتى الأعمال الصغيرة تحمل في طياتها قيمة كبيرة. فابتسامة في وجه أخيك، أو مساعدة محتاج، أو إسعاف مريض، كلها أعمال تعد من الأمور التي يثيب الله عليها. لذلك، فإنه ينبغي علينا كمسلمين أن نبدأ من أعمالنا الصغيرة، ونعتبرها بوابة للأعمال الكبيرة. جاء في الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "تفرّدوا بأصغر الأعمال، فقد يكفيك ان تخرج من بيتك لتكن كما قال تعالى: (تعايش مع الجيران، وابتسم في وجه أخيك، وقدم النصح، وبارك في العمل الصالح)". ولذلك، إن كل عمل خير يقوم به المسلم يُؤذّن فيه في الآخرة ويمتد أثره إلى الآخرين، فيرسم الابتسامة على وجوههم، ويؤثّر في نفوسهم. يستطيع كل واحد منا أن يجعل من المسؤولية الاجتماعية جزءا من حياته اليومية، وذلك من خلال التعهد بمساعدة من يحتاج، سواء كان ذلك من خلال التبرع بالمال، أو الوقت، أو الجهد. إن رحلة الخير تبدأ بخطوة، ولا داعي للتقليل من أهمية أي عمل صغير. فالصغير عند الله عظيم، والعظيم عندنا قد يكون لا يُذكر، وبالتالي، يجب على المسلم أن يحرص على أن يكون له نصيب في الأعمال الصالحة. في الخاتمة، فإن أهمية الأعمال الخيرية في الإسلام تتجلى في التأثيرات العديدة التي تحدثها في حياة الأفراد والمجتمعات. وعلينا أن نتذكر دوماً أنه يوم القيامة، ستكون أعمالنا هي ذخيرتنا، وإن الأنبياء والأولياء والأتقياء هم من يذكرون أعمالهم، وأنه يمكننا أن نكون من حاملي الراية إذا أخلصنا النية وحرصنا على أن نكون من أهل الأعمال الصالحة. لذلك، فلنبدأ بكل صغير ولنعتبر أن الخير في كل خطوة نخطوها نحو الصلاح، ولنجعل من قلوبنا منارات تنير سبلاً للخير في المجتمع.
في يوم عادي ، كان رجل في منتصف العمر في طريقه إلى المسجد للصلاة. في طريقه ، رأى شخصًا جالسًا في الشارع يسأل عن المال. على الرغم من أنه لم يكن لديه الكثير ، إلا أنه أعطى عملة صغيرة لذلك الشخص وشعر أنه قد قام بعمل جيد. إن هذا العمل الصغير من اللطف له قيمة كبيرة في عيني الله ، وسيتذكر هذا العمل الطيب يوم القيامة.