يجب أن يكون الاعتماد على الله مصحوبًا دائمًا بالجهد والتخطيط ولا يعني عدم الاستعداد.
تُعَدّ فكرة الاعتماد على الله والتوكل عليه من أهم المفاهيم الدينية التي تؤصل للتواصل الروحي السليم بين العبد وربه. يُظهر القرآن الكريم بعمق هذه القيم والأفكار، ويشدد على أنها ليست مجرد عبارات روحانية بل هي استراتيجيات حياتية تعمل كدليل في مسيرتنا اليومية. فالاعتماد على الله هو إيمان راسخ بقدرته وإرادته التي لا تتغير، ويعني أيضًا التوجه إليه في كافة الأمور وتفويض تدبير الحياة إليه. ويُعَدّ التوكل، الذي يعبّر عنه القرآن الكريم في آيات متعددة، أحد الصور الفائقة للثقة بالله. فالتوكل لا يعني الاستغناء عن الجهد والكفاح وترك الأمور دون تخطيط، بل هو مسؤولية إنسانية تتطلب منّا السعي والعمل والمثابرة في جميع مجالات الحياة. في سورة آل عمران، آية 159، وردت كلمة "فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ"، وهذا يدل على أن بعد القيام بالتخطيط الجيد والعزيمة القوية، يجب على الإنسان أن يكون لديه القناعة بالتوكل على الله. تكشف هذه الآية بشكل واضح أن التوكل ليس بديلاً عن عدم الاستعداد أو الهروب من المسؤوليات. بل هو خطوة تتبعها جميع الجهود اللازمة. من خلال التوكل، نستطيع إيجاد القوة في أنفسنا للجوء إلى الله في أوقات الضعف والشدائد، مما سيقودنا نحو السلام الداخلي والطمأنينة. وفي سياق التأكيد على أهمية التقيد بالتخطيط، تأتي آية من سورة الرحمن، الآية 5، حيث نقرأ: "الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ". تعكس هذه الآية التخطيط الدقيق والتنظيم من الله، حيث يُبين لنا أهمية وجود نظام وترتيب في حياة الإنسان استنادًا إلى حكمة الله. لذا، نحتاج إلى فهم عميق لمبدأ التوكل على الله، حيث يجب أن يتماشى مع الحكمة والتخطيط المدروس. يعتبر الاعتماد على الله حافزًا إيجابيًا للنفوس، وينبغي أن يحفزنا نحو السعي نحو أهدافنا بثقة وإيمان في الله. عندما يُؤَمِّن المؤمن شعوره بالاعتماد على الله، يصبح لديه القدرة على التعامل مع التحديات والصعوبات. الاعتماد على الله يمنح الشخص إيمانًا بمستقبله وقدرته على التغلب على العوائق. فعندما نجد أنفسنا في مواقف صعبة، ينبغي أن نصنع السلام الداخلي بالتفكر في حكمة الله وترتيبه للأمور. الأفضل هنا هو تجاوز الإحباط والفشل والإيمان بأن الله لديه خطط عظيمة للخروج من كل ضيق. إن تجربة الإيمان بالتوكل على الله تعني البحث عن المساعدة والراحة في القرآن وكلام الله، والعمل لتحقيق الأهداف بجهد وثقة. فالدعاء والتوجه إلى الله في كل خطوات الحياة توفر الهدوء والسكينة للقلوب. علاوة على ذلك، يجب أن نذكر أن التوكل على الله ليس مجرد عبارة تشير إلى الثقة، بل يتطلب أيضًا التحلي بالتفاؤل والإيجابية. يجب أن نكون مدركين بشكل دائم أن الله هو الرحيم، وهو الذي يخلق لنا الأبواب عندما تُغلق أمامنا. علاوة على ذلك، يعتبر التوكل على الله من الممارسات الإيجابية التي تُحفز على التقدم في العمل والجد والاجتهاد. فالمؤمن الذي يتوكل على الله يطرح مخاوفه وشكوكه، ويواجه الحياة بجرأة. إن الاتكال على الله يمنحنا الشجاعة لمواجهة التحديات، ويُعزّز الإيمان بأن الله يحبنا ورحمته وسعت كل شيء. علاوة على ذلك، يُنَبّهنا القرآن الكريم مرارًا وتكرارًا لضرورة التوكل على الله ولكن مع السعي والجد في العمل. فلكل شيء فيه حكمة، وهذا يعني أن الله هو القادر على مساعدتك عند ما تبذل الجهد، وعندها ستشعر بدعمه وإحسانه. وبالإضافة إلى ذلك، تشجع نصوص القرآن الكريم على أن نكون دائمًا في حركة ونشاط، وألا نتخلى عن مسؤولياتنا، حيث قال تعالى: "إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ"، مؤكدًا على أهمية الصبر والسعي. ختامًا، يمكن القول إن الاعتماد على الله والتوكل عليه هو مظهر من مظاهر الإيمان القوي، ويُعبّر عن الفهم العميق لتقدير جهودنا ولضرورة التسليم لله في النهاية. فالتوكل هو الرغبة في الفعل مع الإيمان بأن نتائج الأعمال بيد الله. لذلك يجب علينا تعزيز ثقافة التوكل في حياتنا اليومية والعمل بجد واجتهاد، مع عدم نسيان الخضوع لله والدعاء والاعتماد عليه. ولا شك أن هذا سيؤدي إلى تحقيق الأهداف والوصول إلى النجاح في مختلف جوانب الحياة.
في يوم من الأيام ، كان هناك رجل اسمه علي كان دائمًا قلقًا بشأن مشاكل حياته. كان يخبر نفسه أن الاعتماد على الله ليس كافيًا وأنه يجب عليه السيطرة على كل شيء. ذات يوم ذهب إلى المسجد وجلوس مع عالم دين. قال العالم: "عزيزي علي، التوكل على الله لا يعني أنه لا يمكنك التخطيط أو السعي. بل يجب أن تقدم كل جهودك أولاً ثم توكل على الله واطلب مساعدته." فكر علي في هذه النصيحة وشعر فجأة بشعور من السلام. منذ ذلك اليوم فصاعدًا ، كان يبذل الجهود أولاً ثم يعتمد على الله.