القرآن لا يوافق على العنف ؛ بل يؤكد على السلام واحترام الآخرين.
القرآن الكريم هو الكتاب السماوي الذي أنزله الله سبحانه وتعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ليكون منهج حياة شامل للمسلمين ودعوة للإنسانية جمعاء. يعتبر القرآن مرجعاً أساسياً في توجيه سلوك المسلمين وتحديد معاييرهم الأخلاقية، ويعتبر بمثابة الخريطة الروحية التي تضيء طريقهم نحو الحق والعدل. إن رسائل القرآن تتجاوز حدود الزمان والمكان، وتصلح لكل زمان ومكان، مما يجعله دليلاً مستمراً للأجيال المتعاقبة. إن أكثر ما يميز القرآن هو تأكيده على قيم التسامح واللطف، مما يجعله منارة تهتدي بها الأمم نحو السلام. يتعامل القرآن مع قضايا السلام والتعايش بأسلوب عميق ومؤثر، حيث يدعو إلى تعزيز العلاقات الإيجابية بين الأفراد والمجتمعات. إن الدعوة إلى المودة والمحبة بين الناس تجسد أحد المبادئ الأساسية التي تشدد عليها الرسالة القرآنية. في سياق النزول التاريخي للقرآن، شهدت المجتمعات التي تمت دعوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم إليها صراعات وحروبًا، مما يعكس الحاجة الملحة للأفراد والمجتمعات لتبني قيم التسامح والدعوة إلى السلم. هذه الصراعات لم تكن إلا دافعًا لقيمة السلام التي ينادي بها القرآن. تتعدد الآيات في هذا المجال، ومنها الآية الكريمة في سورة المائدة: " بسبب ذلك، فإن قتل شخص واحد كقتل جميع الناس، وإنقاذ روح واحدة كإنقاذ جميع الناس". هنا، نجد أن القرآن يبرز قيمة الحياة الإنسانية وأهمية الحفاظ عليها، ويرسم خطًا واضحًا بين الخير والشر. يؤكد القرآن أن القتل والعنف يعتبران أعمالًا مرفوضة ومحاربة في الإسلام، وهذا يبرز ضرورة العمل من أجل السلم والمصالحة حتى في أحلك الظروف. إن أية دعوة للعنف أو للانتقام تتناقض بشكل جلي مع تعاليمه السامية، حيث إن الرسالة الحقيقية للإسلام تدعو إلى نشر التسامح والرحمة بين البشر. على الرغم من الظروف الصعبة التي قد يواجهها المسلمون في زمننا المعاصر، إلا أن القرآن يشدد على أهمية الالتزام بالأخلاق والقيم الإنسانية. يُذكَر في سورة البقرة، الآية 190: "قاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولكن لا تتجاوزوا. إن الله لا يحب المعتدين." تعكس هذه الآية توجيهًا واضحًا للمسلمين بضرورة الالتزام بالمبادئ الإنسانية حتى في أوقات النزاعات. فهي تشير ضمنيًا إلى أن الدفاع عن النفس عندما يكون المسلمون مستهدفين هو حق مشروع، ولكن في نفس الوقت تحذر من التجاوزات والاعتداءات. يتناول القرآن الكريم مفهوم الصراع من منظور أخلاقي وشرعي، حيث يبيح الدفاع عن النفس ولكن بشروط صارمة، تضمن عدم التحول إلى آلة للقتل أو الانتقام. ويدل ذلك على أن الحرب ليست هدفًا في حد ذاتها، بل وسيلة للدفاع عن الحقوق والحريات. إن الرسالة المحورية في القرآن تدعو إلى الحوار والسعي لتحقيق العدالة، والعمل على بناء مجتمع تسود فيه قيم المودة والمساواة. إن فهم القرآن يتطلب من المسلمين التوجه إلى نصوصه بنية صافية، والعمل على تطبيق أحكامه بما يساهم في تعزيز السلم. فالتناقضات التي تظهر في النصوص قد تكون نتيجة لسوء الفهم أو التفسير الخاطئ. لذا، فإن الدراسة المتعمقة للنصوص والشروحات المتاحة يُساعد كثيرًا في تطوير فهم أعمق لمفاهيم العنف والسلم في الإسلام. العنف الذي تشهده بعض المناطق الإسلامية في زمننا الحالي يتناقض مع جوهر رسالة الإسلام. وفي هذا السياق، يتعين على المجتمع المسلم استعادة القيم الأساسية التي نادى بها القرآن، والعمل على نشرها بين الأفراد والمجتمعات. كما يجب على العلماء والدعاة توعية الناس بأهمية التعايش السلمي والحوار البنّاء. يجب أن تتوجه جهودهم نحو تثقيف الأجيال الجديدة على مبادئ القيم الإنسانية، حتى لا تتأثر بالتحريفات والتفسيرات الخاطئة التي قد تؤدي إلى انحراف في المفاهيم. مع زيادة التحديات والأزمات، تُصبح الحاجة لتطبيق التعاليم القرآنية في الحياة اليومية أكثر إلحاحًا. فالحوار يحتل مكانة كبيرة كأداة لحل النزاعات وكتجاوز الاختلافات. حيث أن مبدأ "اعطوا للناس ما لهم" يعتبر من المبادئ الأساسية التي ينادي بها القرآن، من هنا يتضح أهمية احترام حقوق الآخرين. يجب أن يكون الحوار، سواء كان على مستوى الأفراد أو المجتمعات، وسيلة لاسترجاع الثقة وتعزيز الروابط الإنسانية. ختامًا، يدعو القرآن الكريم إلى السلام والتعايش السلمي بين البشر، ويدين أي شكل من أشكال العنف أو الإرهاب. وبذلك، يصبح التمسك بتعاليمه السامية ضرورة ملحة لتحقيق مجتمع يسوده الاستقرار والمحبة. علينا جميعًا كمسلمين ومواطنين مسؤولين العمل من أجل نشر قيم السلام في كل مكان وتوجيه الجهود نحو المصالحة والاعتراف بحقوق الآخرين. إن طريق السلام يبدأ من أنفسنا، ويستمر عبر التعاليم التي أرسى دعائمها القرآن الكريم.
كان هناك رجل يبحث دائمًا عن فهم دينه. كان يذهب إلى المسجد ويشارك في المجالس الدينية ليسأل العلماء ورجال الدين عن وجود العنف في القرآن. ذات يوم قال له أحد العلماء: 'القرآن كتاب يدعو الإنسان إلى السلام واللطف. إذا تأملت في معاني الآيات ، فسوف تفهم أن العنف ليس مرغوبًا أبدًا ويجوز فقط في مواقف معينة ومع مراعاة الأخلاق.' عندما سمع هذه الكلمات ، شعر بسلام خاص في قلبه وكرس بقية حياته لنشر ثقافة السلام والصداقة ومحاربة العنف.