يتحدث القرآن عن الوسواس ويؤكد على أهمية الثقة بالله وطلب مساعدته.
يتناول القرآن الكريم العديد من القضايا التي تمس حياة الإنسان العاطفية والنفسية، خاصة تلك المتعلقة بالوسواس، والتشتت، والمشاكل النفسية التي قد يتعرض لها الفرد. في زمننا الحاضر، تعدّ هذه القضايا من التحديات التي يواجهها الكثيرون، حيث يمكن أن تؤثر على جودة حياتهم وتوجهاتهم اليومية. فخلال تطور المجتمعات وظهور التحديات الحياتية، صار من الشائع أن يواجه الأفراد حالات من القلق، الخوف، ونقص الثقة بالنفس، مما يستدعي بحثهم عن وسائل للحد من هذه الوساوس التي قد تتسبب لهم في المعاناة. إن الوسواس النفسي والعقلي ليس مجرد فكرة تطرأ على ذهن الإنسان، بل إنه ينشأ من مشاعر وأساليب تفكير معينة تتزايد مع التوتر والقلق. ففي سورة المؤمنون، يبرز الله تعالى موقف معين لأشخاص قد استسلموا لليأس، حيث يقول: 'وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِنا بِكِتابٍ نَقْطَعُهُ عَلَى أَسَاتِينَ مُكَنَّزِينَ' (سورة المؤمنون، الآية 112). تُظهِر هذه الآية بوضوح كيف أن اليأس يمكن أن يقود الإنسان إلى التفكير السلبي، مما يجعله يشعر بأنه يُجابه التحديات من دون وجود أمل أو قدرة على التغلب عليها. هذا النسق من التفكير يبرز أهمية الثقة في الله تعالى والإيمان بقدرته على التغيير والإصلاح. وعلى الرغم من أن الأفراد قد يواجهون مشاعر سلبية، فإن القرآن الكريم يوجههم للابتعاد عن هذه الأفكار والوساوس. ففي سورة النور، يعزز الله من هذه الفكرة قائلاً: 'وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا ۖ إِنَّهُمْ لَنْ يُعْجِزُوا' (سورة النور، الآية 22). تشير هذه الآية إلى أهمية الأمل في الله والإيمان بأن الله هو القوة المطلقة، وأنه لا شيء يمكن أن يُعيق إرادته. عندما يؤمن الإنسان بأن الله هو المسيطر على كل شيء، يصبح لديه الدافع لمواجهة وساوسه ومشاكله النفسية، حيث يدرك أن الثقة في الله هي الملاذ الأخير في مواجهة الصعوبات. أيضًا، تشير الآيات القرآنية إلى دور الدعاء والطلب من الله كوسيلة فعّالة لمواجهة التحديات النفسية. في سورة البقرة، يُفهم من الآية 153: 'يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ'، أن طلب المساعدة من الله من خلال الصبر والدعاء يمكن أن يُخفف من الآلام النفسية ويعزز الإيمان. هذه الآية تعكس أهمية العبادة كوسيلة للتوجه إلى الله في أوقات الشدة ولجوء العبد إلى ربه في أحلك الظروف. وعندما يتجه الإنسان إلى الله تعالى، فإنه ليس فقط يحصل على الراحة النفسية، بل أيضًا يستعيد ثقته بنفسه وقدرته على الإبحار في صعوبات الحياة. وهذا يعني أنه ليس في حاجة إلى الانغماس في الوساوس، بل يمكنه الأبقاء على أمل وإيجابية تعززان من روح التفاؤل في النفس. وفي سياق الحديث عن الوساوس، نرى أن الإنسان يعاني في بعض الأحيان من مشاعر القلق والخوف التي قد تكون ناتجة عن أحداث حياتية مؤلمة أو تجارب سابقة. لكن القرآن يعلّمنا كيفية التعامل مع هذه الهموم ويتسم بالتوجيه نحو الاستغفار والعودة إلى الله. من المهم أن يدرك الإنسان أنه ليس وحده في معركته ضد هذه الوساوس، حيث أن الله موجود دائمًا ليمنحنا الدعم والإرشاد. بالإضافة إلى ذلك، فإن تحقيق الهدوء النفسي يحتاج إلى الالتقاء بالآخرين، فالعلاقات الاجتماعية الإيجابية تعتبر داعمًا مهما للشعور بالأمان والاستقرار. فالاستفادة من الأصدقاء والأحباء في التحدث عن المشاعر يمكن أن تكون طريقة فعالة لتقليل الشعور بالوحدة واليأس. هنا يأتي دور الأسرة والمجتمع في توفير بيئة دافئة وداعمة تمكّن الأفراد من التغلب على الوساوس وتعزيز الصحة النفسية. إن الحياة مليئة بالتحديات والصعوبات التي قد تؤدي في بعض الأحيان إلى مشاعر سلبية، لكن يجب أن نتحلى بالصبر ونعتمد على الله في مواجهة هذه التحديات، مؤكدين على الإيمان بأن كل شيء بأمر الله، وأن كل محنة هي فرصة للتقرب إليه والاستفادة من حكمته. لذلك، فإن أهم خطوة يمكّنها الإنسان لنفسه هي اللجوء إلى الله، والتوكل عليه، والاستمرار في الدعاء، حيث أن هذه الخطوات ليست فقط وسيلة لنزع الوساوس، بل هي طريق للوصول إلى سلام داخلي وطمأنينة روحية. إن الاقتراب من الله هو المفتاح الحقيقي للشفاء، وللخروج من الأزمات النفسية، حيث أن الرحمة والمغفرة تأتيان من الله دائمًا للمخلصين والموحدين. في الختام، يُظهر القرآن الكريم بوضوح أهمية استخدام الدعاء والإيمان كوسيلة للتغلب على الوساوس والمشاكل النفسية. فبينما يواجه الإنسان تحديات الحياة، يمكنه دائمًا الاعتماد على الله تعالى طلبًا للنجاة والتوفيق. إن الثقافة الإيمانية في الحياة اليومية، coupled with الصبر، والصلاة، والدعاء، تسمح له بأن يبني حياة خالية من الوساوس والمشاعر السلبية.
في يوم من الأيام، كان عادل، شاب متفكر، يتأمل في وساوس حياته. كان دائمًا يعاني من الخيارات والتفضيلات، وكان يشعر بالضغوط. لكنه تذكر آيات القرآن التي كانت تذكّره بضرورة التوكل على الله. قرر عادل تخصيص وقت أكبر يوميًا للصلاة والتواصل مع الله. أدرك أنه مع مرور كل يوم يقترب فيه من الله، تنخفض الأفكار المؤلمة، ويشعر بسلام أكبر.