للوصول إلى مقام الرضا ، يجب تقديم إرادة الله على رغباتهم والتركيز على الأعمال الصالحة.
إن الوصول إلى مقام الرضا هو من أقدس وأهم الدرجات التي يمكن أن يسعى إليها الشخص. فالرّضا يُعَدّ من أعظم المقامات التي يمكن أن يصل إليها المؤمنون، حيث يعبر عن حالة الطمأنينة والسلام الداخلي الذي ينشأ عندما يكون الشخص راضيًا عن مشيئة الله وقضائه. إنّ الرضا بالله تعالى هو مرتبة رفيعة تكشف عن عمق الإيمان واليقين في قلوب المسلمين. ففي القرآن الكريم، يتم ذكر رضا الله كهدف نهائي وطموح للمؤمنين، مما يجعل السعي لتحقيق هذا المقام واجبًا فطريًا على كل مؤمن يسعى لرضا الله. للحديث عن أهمية الرضا، يجب أن نبدأ بفهم أعمق لمفهوم التوحيد وعلاقتنا بالله. فالتوحيد هو أساس الإيمان، وهو ما يميز المؤمن الحقيقي عن غيره من البشر. إن تحقيق الرضا الإلهي في أنفسنا يتطلب أن نقدم إرادة الله على رغباتنا في الحياة، فما أجمل أن يسلم الإنسان كل أموره إلى الله ويترك تدبيرها لعظمته، فهو العليم الحكيم الذي يعلم ما هو خير لنا. قال الله تعالى في سورة البقرة، الآية 177: {لَيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وَجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَن آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالرُّسُلِ}. تُظهر هذه الآية الكريمة أهمية الإيمان في حياتنا كمسلمين، حيث أنه يُعتبر الركيزة الأساسية التي نؤسس عليها أعمالنا وأخلاقنا. وبذلك، فإن العمل على هذه الجوانب هو السبيل الذي يسرع بنا نحو تحقيق الرضا. كلما زادت إيماننا وتقوانا، اقتربنا أكثر من تحقيق الرضا. فالإيمان القوي يجعل الشخص يبتعد عن المعاصي والذنوب ويجعل قلبه مشغولًا بفعل الخيرات. فكل عمل صالح، سواء كان دعوة إلى الخير أو مساعدة للفقراء والمحتاجين، يمكن أن يقربنا من هذا المقام السامي. ولذلك، يجب أن نصنع لنفسنا مكانًا في قلوب الآخرين من خلال الأعمال الطيبة والمواقف السامية. علاوة على ذلك، نجد أن القرآن الكريم يحثنا على قضاء الأعمال الصالحة، وإعطاء الصدقات، ومساعدة المحتاجين، وإقامة علاقات صحية مع الآخرين. فكل ذلك يسهم في رفع مكانتنا عند الله ويقربنا منه. إن الصدقات مثال واضح على كيفية الوصول إلى مقام الرضا، حيث تُعتبر من أسمى أنواع التواصل والعطاء، والتي تُرجع الإنسان إلى حقيقته الإنسانية وتجعل قلبه ينفتح على الآخرين. بالإضافة إلى ذلك، في سورة آل عمران، الآية 14، يحذر الله من حب الدنيا وزينتها، مشيرًا إلى أن حب الله ورسوله والجهاد في سبيله يجب أن يكون أولويتنا العليا. فالدنيا متاع زائل، ولكن السعي وراء رضى الله يجب أن يكون الغاية القصوى لكل مؤمن. إنّ ذلك يتطلب منا أن نضبط شهواتنا ونبتعد عن الإفراط في الاستمتاع بملذات الحياة، بل نوجه طاقاتنا نحو نصرة الحق والعمل للخير. من خلال الحصول على رضا الله من خلال الأعمال الصالحة والإيمان، يمكننا الوصول إلى مقام الرضا. فكما بينتنا الأحاديث النبوية، فإن الرضا عن الله يكون عندما تطابق أفعالنا ما يُراد لنا من خيرات في هذه الدنيا والآخرة. إن الإنسان الراضي يتقبل قضاء الله وقدره، وتكون نظرة التفاؤل والأمل ترافقه في كل أحواله. في النهاية، فإن ذكر النعم والامتنان لرحمة الله قد يقربنا أيضًا إلى هذا الرضا الإلهي. فعلينا أن نتذكر دائمًا ما أنعم الله به علينا ونجعل الشكر هو ديدننا، فهو مما يقربنا من الرضا. فالامتنان ولغة الشكر تفتح لنا أبواب الفرح والراحة في القلوب، وتجعلنا نستشعر الحياة بنكهة مختلفة. عندما نفكر في الوصول إلى مقام الرضا، يجب أن ندرك أنه ليس مجرد أمل نتطلع إليه، بل هو رحلة تحتاج إلى كفاح واستمرارية. رحلة تبدأ من قلوبنا، وتتركز على العمل الدؤوب والسعي الجاد لتحقيق كل ما يرضي الله. إن الرضا الإلهي لا يُهدى إلى كل إنسان ممن يسعى وراء المطامع. بل إنه يُمنح للقلوب الطاهرة والنوايا الصادقة. لذلك، يجب أن نضع نصب أعيننا بأن رضى الله هو الغاية التي نسعى لتحقيقها، فكلما كانت نوايانا خالصة، كلما كانت خطواتنا ثابتة نحو هذا المقام العالي.
في يوم من الأيام في السوق، قرر رجل يدعى حسن جذب المشترين بلطفه وسلوكه الجيد. يرحب بكل عميل يدخل متجره بابتسامة ولا يبالغ أبدًا في الأسعار. يتعامل حسن مع الآخرين بصدق وإحسان ويسعى دائمًا لمساعدة المحتاجين. تدريجياً، يجذب المزيد من العملاء إليه، وفي يوم من الأيام يتساءل من أين أتى هذا الحب والبركة من الله. يدرك أنه فقط في ظل رضا الله والإحسان إلى خلقه يمكنه تحقيق هذا النجاح.