لتجنب الضياع في الذنوب الخفية، كن على وعي بعلم الله المطلق، تب توبة نصوحا، قم بالأعمال الصالحة، اذكر الله باستمرار، وقم بمحاسبة نفسك.
حكى أحد العلماء الأجلاء أنه في قديم الزمان، كان هناك رجل يبدو ظاهريًا شديد الورع والتقوى. كان دائم الحضور في المسجد، يؤدي الصلوات جماعة، ويتحدث عن الروحانية. كان الناس يحبونه كثيرًا ويغبطون نقاءه. ولكن هذا الرجل، في خلوته، كان يقع في ذنب خفي لا يعلم به أحد إلا هو وربه. هذا الذنب، وإن بدا صغيرًا، إلا أنه كان يسلب منه السلام الداخلي يومًا بعد يوم، ويفتك به من الداخل. ذات يوم، ضاق صدره وتكدرت نفسه، فذهب إلى حكيم عالم، وعرض عليه مشكلته دون ذكر التفاصيل، قائلاً: "يا حكيم، أنا في الظاهر مزين، ولكن في الباطن، لدي قلب قلق وكأنه يتخبط في وحل ذنب خفي. كيف يمكنني أن أنقذ نفسي وأتحرر من هذا الضلال الداخلي؟" نظر الحكيم إليه بلطف وقال: "يا بني، اعلم أن الله مطلع على الظاهر والباطن. الذنب الذي لا تعلم به إلا أنت وقد أخفيته عن الناس، ليس خفيًا عن الله. علاج ألمك يكمن في الوعي الكامل بهذه المراقبة الإلهية وفي التوبة النصوح. إذا استحييت من الله على هذا الذنب الخفي، كما تستحي من الذنب العلني، والتجأت إليه بقلب منكسر وعين دامعة، فإنه لن يغفر ذنبك فحسب، بل سيحوله إلى حسنات. لا يهم مدى خفاء ذنبك، المهم هو مدى وضوح وصدق توبتك أمام ربك. فارجع إلى الله، حتى لأصغر ذنب تظن أن لا أحد يعلم به. لأنه عليم بكل شيء ولا يبخل بالمغفرة أبدًا." عند سماع هذه الكلمات، استفاق الرجل. جرت دمعة من عينيه، وبعزم راسخ، عاد إلى الله. قرر أن يستشعر حضور الله في كل لحظة وألا يستصغر ذنبه الخفي أبدًا. ومنذ ذلك الحين، حل سلام عميق في قلبه لم يختبره من قبل. أدرك أن الخلاص الحقيقي ليس في المظهر الخارجي الأنيق، بل في نقاء الباطن والاتصال الخالص مع الله.