للتحرر من الاعتماد على البشر، يجب الاعتماد على الله والبحث عن الحب والعاطفة فقط في حضوره.
إن التحرر من الاعتماد على البشر هو تحدٍّ كبير يواجهه الناس في عالم اليوم، حيث تزداد الضغوط الاجتماعية والنفسية باستمرار. في عصر يتسم بالسرعة والتواصل المستمر، يواجه الكثيرون صعوبة في التوقف عن الاحتياج إلى الآخرين، سواءً في العمل أو في الحياة الشخصية. فقد أصبحت العلاقات الاجتماعية أكثر تعقيدًا، وأصبحنا نبحث عن الدعم والمساندة من الأصدقاء والعائلة وزملاء العمل بشكل متزايد. لكن السؤال هنا: هل هذا الاعتماد صحي دائمًا؟ يأتي دور القرآن الكريم، الذي يؤكد على أهمية الاعتماد على الله وضرورة الانفصال عن الاعتماد على أي شخص غيره. فقد أنزل الله تعالَى الكتاب ليكون دليلًا للمؤمنين، حيث يذكّرنا بأهمية الثقة في الله في مختلف جوانب حياتنا. في سورة آل عمران، الآية 173، نجد: 'لا تحسبن الذين كفروا سبقوا إنهم لن يعجزوا الله'؛ هذه الآية تحمل رسالة قوية تفيد بأنه لا يمكن لأحد أن يغلب الله، وبالتالي يجب أن تكون ثقتنا واعتمادنا على الله هو الأولوية القصوى في حياتنا. في حياتنا اليومية، قد نحتاج إلى الحب أو الاهتمام أو الدعم، ولكن الأمر الذي يجب أن نتذكره هو أن الله وحده قادرٌ على تلبية احتياجاتنا الحقيقية. هذه الاحتياجات قد تتجسد في البحث عن الحب، والقبول، والدعم العاطفي، والتي يمكن أن نحصل عليها من خلال التعامل مع الآخرين، ولكن دون الاعتماد الكامل عليهم. في سورة المائدة، الآية 54، يتم تذكيرنا بأن علاقة الصداقة والمحبة يجب أن تكون في الأساس لله ولرسوله: 'يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه'؛ هذه الآية توضح أن الاعتماد على الله يجب أن يكون هو الأساس، وأن العلاقات التي نبنيها مع الآخرين يجب أن تكون بين الأفراد الذين يشاركوننا نفس المبادئ والقيم. لذا، كيف يمكننا التحرر من هذا الاعتماد على الناس؟ يجب أن نعمل على زيادة ثقتنا في الله. يساهم الدعاء والصلاة في هذا الأمر، حيث يمكن أن تكون هذه العبادات بمثابة اتصال روحي مع الله يساعدنا في إزالة الاعتماد الغير ضروري على الآخرين. عندما نصلي ونتوجه إلى الله بالدعاء، نشعر بأننا نحظى بحماية ورعاية خاصة من الله، مما يقدم لنا الطمأنينة والسلام الداخلي. كما أن الاعتراف بضعف الإنسان وعدم الكمال الموجود في كل واحد منا يشجعنا على أن نتوجه الى الله كملاذٍ آمن. نحن بشر، نخطئ ونضعف، لكن الله تعالى ليس كمثله شيء، وعندما نشعر بالحاجة، يجب أن نتوجه إليه، فهو أقرب إلينا من حبل الوريد. يجب أن نتعلم كيف نتكل على الله في كل جوانب حياتنا، مما يتطلب بناء علاقة روحانية متينة معه. يمكن تحقيق هذا عن طريق الذكر وتأمل الآيات القرآنية، حيث نُذكر بأننا لسنا وحدنا وأن الله دائماً معنا لنساعدنا في تجاوز التحديات والصعوبات التي تواجهنا. وعندما نشعر بالحنين إلى الحب والدعم، يجب التعامل مع هذه المشاعر بوعي، وعلينا أن نتذكر أن الحب الحقيقي موجود في قربنا من الله. فبالقرب من الله نجد الأمان والسلام، ونشعر أن لدينا دعمًا معنويًا قويًا قد لا نجده في علاقاتنا الإنسانية. على مر الزمن، سيتعلم الناس أن العلاقات القائمة على نور الله ستكون أفضل وأكثر استقرارًا من تلك التي تعتمد على البشر. لذا، فإن التحرر من الاعتماد على البشر والتحول إلى الاعتماد على الله يحتاج إلى جهد ووقت، ولكنه أمر ممكن ومجدي. إن الثقة بالله تزيد من السعادة والطمأنينة، وتساعدنا في مواجهة التحديات وضغوط الحياة. كخلاصة، إن تحقيق هذا التحرر يتطلب منا العمل على بناء ثقتنا في الله، عن طريق الصلاة والدعاء والتواصل الروحي، مما يساعدنا في البحث عن الحب والحنان الحقيقيين فقط في حضرة الله. كما أن هذا التحرر يتطلب منا العمل على خلق علاقات مع الآخرين تستند إلى القيم والمبادئ الإيمانية، مما يمنح حياتنا طعماً ومعنى. فالذين يستندون على الله هم الأهداف الحقيقية والمثابرة الدائمة، فهم الذين لن يخيب الله أملهم أو يتركهم في ضياع.
كان هناك شاب اسمه حسن يشعر بالاعتماد الدائم على أصدقائه ومحيطه. تذكر آيات القرآن وقرر أن يقترب من الله. بدأ حسن بالصلاة والدعاء وشيئًا فشيئًا أدرك أنه كلما اعتمد على الله، كان اعتماده على البشر يتلاشى وبدأ يشعر بسلام أكبر.