يميل قلب الإنسان نحو الخير من خلال تعزيز الإيمان والتقوى والدعاء، مع الابتعاد عن المعاصي.
يميل قلب الإنسان بطبيعته إلى الخير والفضيلة، وهذه الفطرة تعد من أعظم نعم الله تعالى على الإنسان. فالله سبحانه وتعالى خلق الإنسان مزودًا بفطرة تستشعر الخير وتوجهه نحو الصلاح، ولذلك نجد أن الكثير من الناس يشعرون بالراحة النفسية والسعادة عند القيام بأعمال الخير ومساعدة الآخرين. هذا الميل الفطري نحو الجوانب الإيجابية في الحياة يعكس حكمة الله في خلق النفس البشرية، ويظهر أهمية تعزيز هذه الفطرة من خلال الإيمان والعبادة. فقد أشار القرآن الكريم إلى أهمية هذه الفطرة وعلاقتها بمدى إيمان الإنسان بالله وثقته به. فإن القلب السليم هو القلب الذي يمتلئ بالإيمان، ويمتلك القدرة على التمييز بين الحق والباطل، والخير والشر. فيعتبر قلب المؤمن كالمصباح الذي ينير له دروبه ويهديه نحو الفلاح في الدنيا والآخرة. لذلك، يتوجب على كل إنسان أن يسعى جاهدًا لتوجيه قلبه نحو الفضيلة والخير، وهذا الأمر يتطلب توجهًا دائمًا نحو الله والإيمان العميق بقدره ورحمته. في هذا السياق، نستعرض سويًا بعض الآيات القرآنية والتوجيهات الربانية التي تسهم في إنارة الطريق نحو الخير وتعزيز الإيمان في القلوب. تقول الآية الكريمة من سورة البقرة: "الم ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ ۛهُدًى لِلْمُتَّقِينَ (1) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (2)". تفسر هذه الآية الكريمة معاني الإيمان وأهميته، حيث تناولت ثلاثة أركان أساسية تعكس عمق إيمان الإنسان: أولاً الإيمان بالغيب، الذي يؤكد على ضرورة تصديق القلب والعقل بما لا يُرى، حيث يعزز العلاقة الروحية بين المؤمن وربه. فإذا كان القلب مملوءًا بالإيمان، فإنه يميل تلقائيًا إلى فعل الخير ورفض الخطايا. ثانيًا، نجد أهمية إقامة الصلاة، التي تمثل الالتزام الدائم بالتواصل مع الله، فهي تساهم في خلق شعور من الطمأنينة والسكينة في قلب المؤمن، مما ينعكس إيجابيًا على سلوكه وأخلاقه. ثالثًا، يشير الإنفاق من الرزق –الذي أكرم الله به عباده- إلى ضرورة التحلي بقيم الإيثار والعطاء، والتي تعد من الأسس الرئيسية التي تقرب الإنسان من فضائل الأخلاق. ويُعد التوجيه الرباني في سورة آل عمران مثالا واضحا على أهمية الشجاعة وعدم الاستسلام للخوف. يقول الله تعالى: "وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (139)". هذه الآية تذكير قوي للمؤمنين بحقيقة قوتهم وعزيمتهم في مواجهة التحديات. فالشخص المؤمن يجب أن يتحلى بالشجاعة، لأن الإيمان يحقق له القوة والطمأنينة، ويجعل قلبه أكثر قدرة على تجاوز الصعوبات والمحن. كما تشير آيات الله أيضًا إلى أهمية الدعاء وطلب المغفرة كوسيلة لتنقية القلب. ففي سورة الفرقان: "إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا (70)". توضح هذه الآية المباركة أن التوبة الحقيقية تتطلب نية صادقة مرتبطة بأعمال صالحة تساهم في تحسين النفس والقلب. فكيف يمكن لنا تعزيز الإيمان والتقوى في قلوبنا؟ هناك عدة طرق لتحقيق ذلك. أولاً، يجب الالتزام بالصلاة والعبادات، فهي أساس الإيمان وقلبه. ثانيًا، قراءة القرآن الكريم بانتظام وفهم معانيه تعزز من معرفتنا وتعمق إيماننا. ثالثًا، علينا دمج أنفسنا مع المجتمعات التي تشجع على الخير وتعزز السلوك الإيجابي. فوجودنا مع الصالحين يعزز من قيم التقوى في قلوبنا. على الجانب الآخر، يجب علينا تجنب البيئات التي تروج للذنوب والمعاصي. فتواجدنا في أماكن أو صحبتنا لأشخاص ذوي النفوس الشريرة قد يؤثر سلبًا على قلوبنا ويميل بها نحو الأخطاء. لذا، يجب أن نكون واعين للبيئات التي نتواجد فيها ونسعى لاختيار الصحبة الصالحة. ختامًا، تبين الآيات القرآنية أهمية الإيمان والتقوى في قلوب المؤمنين ومدى تأثيرهما في تجنب الذنوب والخطايا. المؤمن القوي هو الذي يسعى دائمًا لتحسين نفسه والابتعاد عن المعاصي من خلال الإيمان والعمل الصالح. إن السعي نحو الخير والابتعاد عن الذنوب ليس مجرد واجب ديني، بل هو سلاح يحمي من الشرور وينير الطريق نحو الفضيلة. إن الله سبحانه وتعالى غفور رحيم ويقبل التوبة من عباده، لذا علينا استغلال كل لحظة في حياتنا لتعزيز إيماننا وتنقية قلوبنا من الصفات السلبية.
في يوم ربيعي جميل، قررت مريم أن تولي اهتمامًا لصحتها الروحية والنفسية. بدأت تستمع بعناية إلى آيات القرآن وأدركت أنها بحاجة إلى تعزيز صلتها بالله. بدأت مريم بقراءة القرآن وأداء صلواتها اليومية. تدريجيًا، شعرت بعمق أكبر من السلام وانخفضت رغبتها في الذنوب. في كل ليلة، كانت تطلب مغفرة الله وتسعى إلى الأعمال الصالحة. بهذه الطريقة، أصبح قلبها ينفر من الذنوب وسعت نحو النور الإلهي.