لكي نستفيد من فضل الله، يجب أن نكون مؤمنين ومتقين، مع التركيز على العبادة والأعمال الصالحة.
إن الاستفادة من فضل الله تتجلى في القرآن من خلال عدة مبادئ أساسية تتعلق بالإيمان والتوكل على الله، والعمل الصالح، وعبادة الله من خلال الصلاة والصيام وسائر العبادات. يعتبر الإيمان بالتأكيد هو الركيزة الأولى والأساسية للطريق إلى فضل الله، حيث أن الإيمان يمثل العلاقة الروحية بين العبد وربه، ويعزز من مكانة الإنسان أمام الله. في سورة آل عمران، الآية 28، قال الله تعالى: "الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يُتَّقُونَ". هذا النص القرآني يؤكد على أن الصلاح والتقوى هما المفتاحان اللذان يفتحان أبواب فضل الله ورحمته. فالتقوى تعني الخوف من الله والابتعاد عن المعاصي، وبالتالي كلما كان العبد أكثر تقوى، كلما اتسعت دوائر النعم والفضل عليه. إن الصلاة والصيام هما من أهم العبادات التي تساهم في التقرب إلى الله، فإذا نظرنا إلى سورة البقرة، الآية 177، نجد أنه يُقال: "لَيسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وَجْهَكُمْ شَطْرَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ". هذه الآية توضح أنه لا يكفي الالتزام بالمظاهر الدينية فقط، بل يجب أن يكون الإيمان مصدراً لأفعال صالحة تجذب فضل الله. فالصلاة تُعَبِّر عن الخضوع والعبودية لله، وهي شرف من شرفات الإيمان، ومن خلالها يكتسب المسلم السكينة والطمأنينة في حياته. كما أبرز القرآن الكريم أهمية الدعاء وطلب الرحمة، انطلاقًا من الآية 53 من سورة زمر، حيث قال: "قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ، لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ". يظهر من هذه الآية أن التقوى والإيمان هما السبيل للاستمتاع بخيرات الدنيا والآخرة. فإذا بدأ العبد بتقوى الله، فإن الله سيصنع له في الدنيا سلسلة من النعم التي يمكنه الاستمتاع بها في والله سبحانه وتعالى وعد أصحاب التقوى بأن لهم حسنات في هذه الحياة. إن الايمان بأن الله سبحانه وتعالى هو الرزاق، وأنه هو القادر على كل شيء، يعكس تأثيره القوي على حياة المسلم. فالتوكل على الله هو أسلوب حياة يجب أن يتبعه كل مؤمن، وهو يشمل الاستعانة بالله في كل الأمور والأحوال. وهذا ما عبّرت عنه سورة الطلاق، في قوله تعالى: "وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ". فعندما يتوكل الإنسان على الله، فإنه يُعبر عن إيمانه وثقته في مشيئته وقدرته. علاوةً على ذلك، تجب الإشارة إلى مكانة الأفعال الصالحة في الإسلام. فالأعمال الصالحة هي المرآة التي تعكس إيمان العبد وتوجهه نحو الله. يقول الله تعالى في سورة المؤمنون، الآية 11: "الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ". من هنا نجد أن الله قد وعد المؤمنين الذين يقومون بالأعمال الصالحة بأن لهم مكانة عالية في الجنة. وبالتالي، فإن الأعمال الصالحة هي الطريق لتحقيق السعادة والخير في الدارين: الدنيا والآخرة. والأعمال الصالحة تشمل كثيراً من الأمور، كإطعام الجائع، ومساعدة المحتاجين، والدعوة إلى الخير. فهي تشكل علاقة بين الفرد والمجتمع، حيث يساهم الفرد في علو شأن المجتمع وفي نشر قيم الخير. ويقول الله أيضاً في سورة البقرة، الآية 261: "مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سُنبُلَاتٍ". هذا التشبيه يعكس عظمة الأجر والثواب الذي يناله المنفقون في سبيل الله. إن التصدق والإحسان لهما أثر عميق في نفوس البشر وفي حياتهم. خلاصة القول، لتحقيق الاستفادة من فضل الله، ينبغي على الإنسان أن يركز على ثلاث جوانب أساسية: الإيمان العميق بالله، والعمل الصالح بنوايا خالصة، والتوكل عليه في الأمور. إن هذه المبادئ مُترابطة، حيث أن الإيمان يقود إلى التقوى، والتقوى تدفع إلى العمل الصالح، وبالتالي يكون الإنسان قد أسس علاقة قوية مع الله، مما يجعله مؤهلاً لنيل فضله ورحمته. لذا، يتوجب على الأفراد أن ينخرطوا في العبادات والأعمال الطيبة، مع تذكُّر الله دائماً في حياتهم اليومية. إن الطريق إلى فضل الله مُعَبَّد بالأعمال الطيبة والإيمان القوي، فلنجعل ذلك هدفنا في الحياة.
في يوم من الأيام، كان عادل جالسًا في حديقة، يستمتع بجمال الأشجار والأزهار. تذكر آيات القرآن وقرر التركيز أكثر على إيمانه بالله وفعل الخير للآخرين. مع مرور الوقت، شعر بالسلام والمحبة تملأ قلبه، مما جذب الآخرين إليه.