تتقوى الصفات الإلهية مثل الرحمة والصبر من خلال الجهود المستمرة في الحياة.
يتطلب تقوية الصفات الإلهية في أنفسنا جهودًا مستمرة وإرادة. إن الرسالة التي جاء بها القرآن الكريم هي رسالة عظيمة تحتفي بالصفات الإنسانية السامية، وتدعو إلى تعزيز القيم النبيلة في النفس البشرية. إخوتي وأخواتي، إننا نعيش في زمن يتطلب منا أن نكون نموذجًا يُحتذى به في التحلي بالصفات الإلهية والنبيلة. فالقرآن الكريم يعكس تجليات هذه الصفات في الكثير من آياته المباركة، ويحثنا على قربها في حياتنا اليومية. الرحمة كصفة إلهية إحدى الصفات المهمة التي ذكرت في القرآن الكريم هي الرحمة. الرحمة ليست مجرد شعور نفسي، بل هي سلوك يجب أن ينغمس فيه الإنسان. في سورة الأنبياء، الآية 107، يقول الله تعالى: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلعَالَمِينَ". من خلال هذه الآية، ندرك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء إلى البشرية كافة برسالة محورة حول الرحمة. إن البعودة إلى الرحمة في تعاملاتنا وتفاعلاتنا مع الآخرين، تجسد روح الإسلام وتعكس قيمه العليا. لذلك، من الضروري أن نضع الرحمة كأساس لتعاملاتنا اليومية، سواء في المنزل أو في العمل أو مع الأصدقاء. عندما نُظهر الرحمة للآخرين، نستطيع أن نزرع الفرح في قلوبهم ونجعل العالم مكانًا أفضل. التفكير في احتياجات الآخرين والسعي لمساعدتهم يعد من الصفات التي تعزز الروابط الإنسانية وتقوي العلاقات بين الأفراد. الصبر في مواجهة الصعوبات بالإضافة إلى الرحمة، نجد أن الصبر هو صفة إلهية أخرى تتطلب تطويرها في أنفسنا. وفي سورة البقرة، الآية 153، جاء التنبيه الإلهي: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ". الصبر لا يعني فقط التحمل في الأوقات الصعبة، بل هو يشمل القدرة على الاستمرار في السعي نحو الفلاح والرقي رغم المشاق. لا يستطيع الإنسان أن يحقق أهدافه دون صبر. عندما نواجه التحديات، يجب أن نستعين بالصبر والصلاة، كما يُحثنا القرآن. فالصلاة تؤمن لنا القوة الروحية needed لنتجاوز صعوبات الحياة. ولنتذكر أن الصبر هو جزء من الإيمان، وأنه كلما صبرنا واستعنّا بالله، اقتربنا من تحقيق طموحاتنا وآمالنا. التسامح والإحسان علاوة على ذلك، نجد في سورة آل عمران، الآية 134، تشجيعًا على التسامح والإحسان: "الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالَّذِينَ كَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالَّذِينَ هُمْ بِالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ". يُظهر الله تعالى من خلال هذه الآية أهمية كظم الغيظ والعفو. التسامح هو من الصفات النبيلة التي تعكس قوة الشخصية، فهو يتطلب إرادة قوية للتخلي عن الضغينة والانتقام، ويمنحنا حرية نفسية لا يمكن الحصول عليها إلا بإحسان المعاملة والرفق بالآخرين. لننظر حولنا ونعمل على تعزيز مبادئ العفو والإحسان في مجتمعاتنا. عندما نجمع بين التسامح والرحمة، نصنع بيئة مليئة بالمحبة والتفاهم. علينا أن نتذكر أن كل فرد قد يخطئ، وأن التسامح هو جزء من ترابطنا كبشر. تلك هي دعوة الله لكل مؤمن للاقتداء بالسلوك النبوي. صفات أخرى يجب تعزيزها إن مجرد التعرف على هذه الصفات الإلهية والسعي لتعزيزها في حياتنا اليومية يمكن أن يساهم في ارتقاء أنفسنا إلى مستويات أعلى من الروحانية. اللطف، والصدق، والتواضع، كلها صفات تندرج تحت مظلة الصفات الإلهية. الإيمان بأهمية هذه القيم والحرص على تطبيقها وتعزيزها في مجتمعاتنا قد يساعدنا على تجاوز الكثير من السلبيات والمشكلات. التعامل بلطف مع الآخرين يساعد على بناء جسور الثقة، ويولد شعورًا بالأمان بين الأفراد. الصدق، كصفة هامة، يُعد ركيزة أساسية في بناء العلاقات القوية والمستدامة. دون صدق، تصبح العلاقات هشة وسريعة الانهيار. الخلاصة إن تعزيز الصفات الإلهية في حياتنا ليس مجرد واجب ديني، بل هو أسلوب حياة يمثل رؤية شمولية لإنسانية الفرد. تعاليم القرآن تنمي لدينا الإحساس بالمسؤولية تجاه أنفسنا وتجاه الآخرين، تدعونا للعيش بتناغم مع المبادئ التي وضعتها شريعتنا، لنكون جزءاً من الكل المؤثر في سير الحياة. فلنعمل جميعًا على مدى تطوير هذه الصفات في أنفسنا، لنكون قدوة للآخرين ونحقق أهدافنا في بناء مجتمع سعيد ومزدهر. لنستمد إلهامنا من القرآن الكريم، ولنقم بتطبيق ما تعلمناه في حياتنا اليومية، ونجعل من أنفسنا قنوات للرحمة والصبر والعفو.
في يوم من الأيام ، وقف رجل حكيم عند مدخل قرية. قال للناس: "لتعزيز الصفات الإلهية ، يجب أن تكون رحيمًا وصبورًا وتزرع الحب في قلوبك." سأل الناس: "ولكن كيف؟" أجاب: "ابدأ بجارك ، ساعده ، دعم في الصعوبات ، ولا تحتفظ بالغضب في قلبك أبدًا." وهكذا ، زرع ذلك الرجل الصفات الإلهية في قلوب الناس وأصبح مثالاً على الحب واللطف.