كيف أتعلم أن أعمل لله لا للناس؟

لتعمل خالصًا لله، طهر نيتك وتجنب الرياء. قم بكل أعمالك فقط لرضا الله، واطلب الأجر الحقيقي منه وحده لا من الناس.

إجابة القرآن

كيف أتعلم أن أعمل لله لا للناس؟

إن تعلم كيفية أداء أعمالنا خالصًا لوجه الله تعالى، وليس لكسب إعجاب الناس أو موافقتهم، هو حجر الزاوية في الإيمان والتميز الأخلاقي في الإسلام. يرتبط هذا المفهوم العميق ارتباطًا وثيقًا بمبدأ «الإخلاص»، والذي يعني نقاء النية وأداء الأعمال لله وحده عز وجل. لقد أكد القرآن الكريم مرارًا وتكرارًا على أهمية الإخلاص، وجعله المعيار المركزي لقبول الأعمال. في سورة البينة (الآية 5)، يقول الله تعالى: «وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ». توضح هذه الآية بوضوح أن الهدف الأساسي من الخلق ورسالة الأنبياء هو العبادة الخالصة لله، خالية من أي شكل من أشكال الشرك أو الرياء. عندما تُؤدّى أعمالنا بنية خالصة لله، يمكن لأصغر الأعمال أن تتحول إلى عبادات وتكتسب قيمة أبدية. لكي نتعلم أن نعمل لله لا للناس، يجب على المرء أن ينظر بعمق إلى ذاته ويراجع نواياه باستمرار. هذه العملية هي رحلة داخلية تتطلب وعيًا ذاتيًا مستمرًا، وتأملًا، وتزكية للنفس. النية هي المحرك الأساسي الذي يمنح أعمالنا معنى واتجاهًا. قال النبي محمد (صلى الله عليه وسلم): «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى». يوضح هذا الحديث الشريف الأهمية الفريدة للنية في تحديد قيمة الأعمال وقبولها. إذا كانت نيتنا هي جذب انتباه الناس، أو تحقيق الشهرة، أو الحصول على مكافآت دنيوية، فإن هذا العمل، مهما كان عظيمًا في الظاهر، سيكون خاليًا من القيمة الروحية في نظر الله. ومع ذلك، إذا كان هدفنا الوحيد هو إرضاء الله، فحتى عمل صغير ومخفي يمكن أن يؤدي إلى النجاة والسعادة الأبدية. من أعظم العقبات في طريق الإخلاص هو «الرياء» أو التظاهر. الرياء يعني أداء الأعمال الصالحة لكي يرانا الناس ويمدحونا. يحذر القرآن الكريم صراحة من أولئك الذين ينفقون (في سبيل الله) ولكن قصدهم التظاهر للناس، كما ورد في سورة البقرة (الآية 264): «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ». فالرياء يُفسد العمل ويُجرّده من روحه. لمكافحة الرياء، من الضروري: أولًا، مراجعة نيتنا قبل كل عمل ونسأل أنفسنا: «هل أقوم بهذا العمل لله أم لكي يمدحني الناس؟» ثانيًا، نسعى جاهدين لأداء بعض أعمالنا الصالحة سرًا. فإعطاء الصدقات سرًا، أو أداء صلاة الليل (التهجد)، أو مساعدة المحتاجين دون علم أحد، يمكن أن يقوي الإخلاص بشكل كبير. يُظهر هذا التكتم أننا نطلب الأجر الحقيقي من الله وحده وليس من خلقه. طريقة أخرى لغرس الإخلاص هي التركيز على مكافآت الآخرة. عندما يؤمن الإنسان إيمانًا عميقًا بأن الأجر الحقيقي والدائم لا يكون إلا عند الله، وأن ما يمكن أن يقدمه الناس ضئيل وزائل، فإنه سيكون أقل ميلًا لطلب الثناء البشري. وقد وعد القرآن بمكافآت عظيمة وأبدية في آيات عديدة لمن يقومون بالأعمال الصالحة بنوايا صادقة. على سبيل المثال، في سورة الإنسان (الآية 9)، في وصف الأبرار، يقول: «وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا. إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا». هذه الآية هي تجلٍ للإخلاص النقي؛ عملٌ يُؤدّى خالصًا لوجه الله تعالى. علاوة على ذلك، فإن تقوية التوكل على الله تعالى فعال للغاية في طريق الإخلاص. فعندما يعلم الإنسان أن رزاقه وحاميه ومعينه الأساسي هو الله، فإنه يولي أهمية أقل لآراء الناس وأحكامهم. فالخوف من الناس، أو الأمل فيهم، هي عوامل يمكن أن تقوض الإخلاص. بالتوكل الكامل على الله، يتحرر الإنسان من قيود السعي وراء تأييد البشر ويفكر فقط في إرضاء خالقه. إن قبول حقيقة أن جميع القوى والتأثيرات هي في يد الله يبعد الإنسان عن إغراء التفاخر والسعي لجذب انتباه الآخرين، ويدفعه نحو أداء الأعمال خالصًا لله. في النهاية، الإخلاص عملية مستمرة تتطلب صقلًا وتجديدًا مستمرين، وتتعزز مع كل عمل، وكل نية، وكل فكر. إن تعلم العمل لله لا للناس يعني تنمية قلب لا يتدفق فيه سوى الحب والخوف من الله، وتفضيل رضاه على كل شيء آخر. هذا المسار يؤدي إلى السلام الداخلي، والسعادة الأبدية، والقرب من الحضرة الإلهية.

الآيات ذات الصلة

قصة قصيرة

يُروى أنه في زمن بعيد، في مدينة مزدهرة، عاش تاجران. أحدهما غني ومشهور، والآخر فقير ومجهول. كان التاجر الغني يتصدق يوميًا في السوق، ولكنه كان يفعل ذلك علنًا وبضجة، لكي يُعجب الناس به ويذكره اسمه بخير. وفي قلبه، كان يأمل أن ترفع هذه الشهرة والمدح مكانته بين الناس. في يوم من الأيام، مر عارف حكيم بتلك المدينة. أثنى الناس على التاجر الغني قائلين: «كم هو كريم وسخي!» ابتسم العارف وقال: «وهل هناك من يفعل الخير بحق؟» فأشار الناس إلى التاجر الفقير الذي كان دائمًا يساعد المحتاجين سرًا ودون أي مقابل، ولو بكسرة خبز، ولم يكن يعلم بأعماله أحد سوى الله. قال العارف: «من يتصدق علنًا، ربما يبتغي شكر الناس؛ أما من يتصدق سرًا، فإنه يبتغي رضا الله يقينًا. قيمة كل عمل تكمن في نيته. أحدهما يعمل للخلق والآخر يعمل للخالق. وفي الحضرة الإلهية، لا تساوي ذرة إخلاص مائة جبل من الرياء».

الأسئلة ذات الصلة