للحفاظ على الإيمان في الأوقات الصعبة، حافظ على الصبر والصلاة والذكر والتوكل على الله، وتذكر الهدف الأسمى للحياة وجزاء الآخرة. اعتبر التحديات اختبارات إلهية وفرصًا للنمو الروحي.
الحفاظ على الإيمان وتقويته في مواجهة الظروف الصعبة وتحديات الحياة هو أحد أهم اهتمامات كل مؤمن. القرآن الكريم، هذا الكتاب الإلهي الهادي، يقدم حلولًا شاملة وعميقة لهذا الغرض. هذه الحلول لا تساعد الفرد على الثبات في مواجهة الصعوبات فحسب، بل تمكنه أيضًا من النمو الروحي من خلال هذه التحديات وتعميق اتصاله بالله. المبدأ الأول والأكثر جوهرية هو فهم أن الصعوبات والمحن جزء لا يتجزأ من القدر الإلهي واختبار لقياس إيمان الناس. يذكر القرآن صراحة أن الحياة الدنيا مليئة بالصعود والهبوط، وينبغي على المؤمنين أن يتوقعوا الاختبار. هذا المنظور يمنح الفرد راحة البال، مدركًا أن الأحداث المؤسفة ليست بلا هدف أو عشوائية، بل هي فرص للتقرب أكثر إلى الله وتطهير النوايا. أحد أهم التوصيات القرآنية في الأوقات الصعبة هو «الصبر». الصبر لا يعني مجرد التحمل السلبي؛ بل يعني المثابرة النشطة والثبات على طريق الحق، حتى في مواجهة الألم والمعاناة. يشير القرآن مرارًا وتكرارًا إلى الأجر العظيم للصابرين ويوعد بأن الله مع الصابرين. الصبر في مواجهة المصائب، والصبر على أداء الطاعات، والصبر على ترك المحرمات، كلها مظاهر من مظاهر الصبر القرآني. عندما يتبنى الإنسان الصبر في مواجهة المشاكل، فإنه في الواقع ينمي قوة داخلية تهيئه لمواجهة تحديات أكبر. يغير الصبر نظرة الإنسان إلى المشاكل؛ فبدلًا من رؤية المصيبة كنهاية لكل شيء، يراها كفرصة للتعلم والنمو وزيادة الثقة بالله. هذا المنظور يساعد الفرد على الابتعاد عن اليأس والبقاء دائمًا متفائلًا برحمة الله وتيسيره. مرافقة الصبر بـ«الصلاة» و«الذكر» هي من الدعائم الأخرى للحفاظ على الإيمان. الصلاة، كعمود الدين ومعراج المؤمن، هي الوسيلة الأكثر جوهرية للاتصال المباشر بين الإنسان وخالقه. في لحظات الشدة، تعد الصلاة ملاذًا ومصدرًا لا يضاهى للسكينة. عندما يسجد الإنسان، مسلمًا كل آلامه وهمومه لله، يشعر بخفة وقوة. الصلاة لا تهدئ الجسد فحسب، بل تغذي الروح أيضًا وتقوي اتصال الفرد بمصدر القوة والسلام الذي لا ينضب. الذكر، وهو ذكر الله، هو أيضًا أحد أقوى الأدوات لتهدئة القلوب في الأوقات الصعبة. يقول القرآن: «أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ». المداومة على الأذكار المختلفة وتلاوة القرآن وتدبر آياته الإلهية، لا يبعد الإنسان عن الغفلة والقلق فحسب، بل يمنحه أيضًا بصيرة أعمق في الحكمة الإلهية وهدف الخلق. انشغال الذهن بعظمة الله وقوته يجعل المشاكل تبدو أصغر وأكثر احتمالًا. «التوكل» على الله، أي تفويض الأمور إليه بعد السعي وبذل الجهد، هو تعليم قرآني رئيسي آخر للحفاظ على الإيمان في الشدائد. يتشكل الإيمان الحقيقي عندما يؤمن الفرد بأنه لا قوة أعظم من قوة الله وأنه لا عقدة لا يستطيع حلها. هذا التوكل لا يعني الخضوع السلبي للقدر الإلهي، بل يعني أداء الواجب ثم تفويض النتيجة لله. عندما يتوكل الإنسان على الله بكل قلبه، فإنه يتحرر من القلق بشأن المستقبل والشعور بالعجز، لأنه يعلم أن تدبير الله هو أفضل التدابير. علاوة على ذلك، فإن «الأمل في التيسير» واليسر بعد العسر، هو مبدأ قرآني مذكور في عدة آيات. هذا الأمل هو نور يضيء الطريق في أحلك اللحظات ويمنع الإنسان من الغرق في اليأس. معرفة أن كل شدة لها نهاية وأن اليسر سيأتي بعدها، يمنح المؤمن القوة لمواصلة طريقه. أخيرًا، تذكير «هدف الحياة» وجزاء الآخرة فعال جدًا أيضًا في الحفاظ على الإيمان. عندما يدرك الإنسان أن هذه الدنيا هي ممر وأن الهدف الأساسي هو تحقيق رضا الله والسعادة الأبدية، تبدو صعوبات الدنيا أقل أهمية. التركيز على الأهداف السامية والأجر العظيم للصابرين في الآخرة يحفز الفرد على التغلب على الشدائد بعزيمة أقوى والحفاظ على إيمانه. يمكن أن يكون الاتصال بالمجتمع الإيماني والمشاركة في حلقات الذكر والعلم مصدرًا كبيرًا للدعم وتقوية الإيمان. رؤية صبر الآخرين، وسماع تجاربهم، والتعاطف معهم يمنع الفرد من الشعور بالوحدة ويجعله أكثر ثباتًا على طريق الحفاظ على الإيمان. باختصار، يتطلب الحفاظ على الإيمان في الأوقات الصعبة مزيجًا من الصبر النشط، والاتصال المستمر بالله من خلال الصلاة والذكر، والتوكل الكامل على الذات الإلهية، والأمل في المستقبل، وتذكير جزاء الآخرة. هذه كلها أعمدة وضعها الله في القرآن لتقوية قلب وروح المؤمن.
يحكى أن درويشًا زاهدًا ونقي القلب، أصابه القحط والجفاف في الصحراء. مرت الأيام ولم يجد ماءً ولا طعامًا، وغلب عليه الجوع والعطش. أما رفاقه، فقد يئسوا وتخلوا عنه، وذهب كل منهم في طريق. لكن الدرويش، على الرغم من ضعفه ووهنه، لم يغفل قلبه عن ذكر الله، وكان يهمس باستمرار: «فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا». قال لنفسه: «ألم يعد الله بهذا بنفسه؟ فكيف أيأس إذن؟» وبينما كان يخطو خطواته الأخيرة ويكاد يسقط، فجأة ظهرت أمامه عين ماء صافية وأشجار مثمرة. قال لنفسه: «هذا جزاء الصبر الذي كنت أرجوه.» فشرب من الماء العذب وأكل من الثمار الطازجة واستعاد قوته. هذه الحكاية تعلمنا أنه في أوج الشدائد، من يسلم قلبه لله ولا يغفل عن ذكره، يجد الفرج من حيث لا يحتسب. فالإيمان بالوعود الإلهية هو الفرج الأكبر بحد ذاته.