الثروة وسيلة للاختبار الإلهي يجب أن تؤدي إلى القرب من الله ومساعدة الآخرين.
في القرآن الكريم، يُعتبر المال والثروة من الوسائل التي يستخدمها الله تعالى لاختبار عباده. وعندما نتأمل في بعض الآيات القرآنية، نجد أن الله سبحانه وتعالى يتحدث عن هذه المسألة بشكل واضح. على سبيل المثال، في سورة البقرة، يتجلى هذا المعنى في الآية 155، حيث يقول الله: 'وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ'. في هذه الآية العظيمة، يوضح الله أنه سيختبر البشر بمشاكل متمثلة في الفقر والجوع وعدم الحصول على الأموال، وفي بعض الأحيان أيضاً بموت الأحباء وفقدان المحصولات. وهنا تأتي أهمية المال كأداة اختبار. فالمال نفسه ليس شرًا، بل هو وسيلة قد تكون جزءًا من الاختبار الإلهي الذي يتعرض له الإنسان. تعتبر الثروة اختباراً من الله تعالى، فعندما يمتلك الإنسان نعمة المال، يُختبر في كيفية تصرفه مع هذه النعمة. هل سيُعتبر المال سبباً للتفاخر أو للكِبْر، أم أنه سيستخدم كوسيلة لمساعدة الناس والقيام بأعمال خيرية؟ إذا كانت الثروة تدفعنا نحو المساعدة ونشر الخير، يمكن اعتبارها نعمة إيجابية ومشرفة، ولكن إذا قادتنا إلى الجشع والغرور، فإنها تتحول إلى نقمة. هذه الفكرة تتجلى أيضًا في سورة آل عمران، حيث يقول الله في الآية 185: 'كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۖ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۚ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ'. تُشير هذه الآية إلى أن الحياة الدنيا وما تحتويه من ثروات تعتبر سلعًا عابرة لا تدوم. ومن الضروري أن يحمل الإنسان هذا الفهم أثناء تعامله مع المال. ففي النهاية، سيُحاسب المرء على ما فعله في هذه الحياة، وسيكون المال الذي جمعه وسيلة لنيل الأجر والثواب أو سبباً في سخط الله وعذابه. فالاستخدام الصحيح والمقصود للثروة يُعتبر أحد اختبارات الحياة الهامة. عندما نتأمل في حال المجتمعات اليوم، نجد أن الكثير من الناس ينسون هذه الحكمة. يرون في المال هدفًا بحد ذاته وليس وسيلة لتحسين حياة الآخرين. في حين أن الله تعالى يحب من يبادر لمساعدة المحتاجين، ويمد يد العون لمن هم أقل حظًا. فعندما نتمكن من استخدام ثروتنا في الأعمال الخيرية، فإننا نُظهر ولاءً لله وتفانياً في سبيله. إنّ القرآن الكريم يُذكرنا في كل حين بأن الثروة ليست هدفًا نهائيًا بل هي وسيلة لتحقيق القيم والمبادئ الإنسانية. فعندما نكون أغنياء، يجب أن نتذكر قول الله 'وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ' (الضحى 10). هذا يعني أن على المرء أن يتعامل بلطف مع أولئك الذين يحتاجون إلى المساعدة، وأن يكون لديه الاستعداد لدعمهم. من المهم أيضًا أن نتذكر أن المال ليس ضامنًا للسعادة. قد يمتلك البعض الأموال ولكنهم لا يشعرون بالسعادة أو الرضا. لذا، فإن استخدام المال في الخير ومساعدة الآخرين يعود بالنفع على المتصدق بقدر ما يعود على المحتاج. في الختام، يجب أن نفهم أن المال والثروة قد تكون اختباراً من الله. إذا استخدمناها بشكل صحيح، يمكن أن تكون وسيلة لتقربنا إلى الله ولتحسين حياة الآخرين. علينا أن نتجنب الجشع والغرور وأن نُفكر في كيفية استخدام ثروتنا لنشر السلام والمحبة في المجتمع. فهذه القيم الروحية هي التي سترفع من شأننا في الدنيا والآخرة. كما يقول الله تعالى في سورة التوبة: 'لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ'. لذلك، يجب أن تكون ثروتنا وسيلة للتواصل مع الله ومساعدة الآخرين، وليست سببًا للانفصال عنه أو للفخر. لنجعل من ثروتنا جسرًا للتواصل والمحبة، ولنتذكر دائمًا أن الغنى الحقيقي هو غنى الروح.
في يوم من الأيام ، كان رجل ثري يسير في شارع ورأى طفلاً جائعًا. قال لنفسه: 'أنا غني جدًا بحيث لا أستطيع مساعدة طفل!' لكن فجأة ، تذكر آيات القرآن وقرر استخدام ثروته لمساعدة الآخرين. لم يقدم الطعام فقط للطفل ، بل بدأ أيضًا منظمة خيرية لمساعدة المحتاجين. منذ ذلك اليوم ، شعر بسعادة أكبر واستخدم ثروته بأفضل طريقة لمساعدة الآخرين.