خلال غيبة الإمام المهدي، يعد تقوية الإيمان والالتزام بالمبادئ الدينية ونشر الثقافة الإسلامية أمرًا بالغ الأهمية.
تعتبر فترة غيبة الإمام المهدي (عج) محورية في حياة المسلمين، حيث إنها تعكس تحديات جسيمة ومسؤوليات عظيمة تقع على عاتق كل مؤمن. وبينما لا توجد آيات واضحة في القرآن الكريم تتناول مسألة غيبة الإمام المعصوم، فإننا يمكننا استنباط معانٍ ودروس عميقة من المفاهيم العامة الموجودة في تعاليم القرآن. تكمن أولى هذه المعاني في تعزيز الإيمان والصبر وطلب المعرفة، وهي أمور تتطلب منا جهوداً مضاعفة خلال هذه الحقبة الحساسة. أولاً، في سورة آل عمران، الآية 103، يأمر الله تعالى المؤمنين بالتمسك بشدة بالإيمان الذي أعطوه لهم. هذا الأمر لم يكن مجرد توصية، بل هو دعوة ملحة لجميع المسلمين للعمل على تعزيز إيمانهم في وقت يُختبر فيه الأخلاق والمبادئ. تشير الآية إلى عدم السماح للتحديات اليومية بزعزعة إيماننا، بل يجب أن نكون عازمين على البقاء في دائرة الإيمان، من خلال الالتزام بالصلاة، والعبادات، وذكرا الله، مما ينمي الارتباط العميق بالمشاعر الروحية. ثانياً، في سورة الأنبياء، الآية 105، يتحدث الله تعالى عن الصابرين من عباده، حيث يذكر أن الله يختبر عباده ليعلم من يثبت على إيمانه ومن يتخلى عنه. فالصبر خلال فترة الغيبة يعد من الضرورات الدينية، إذ يجب على المؤمنين التوكل على الله وثقته، وبالتالي يمكن أن يكون ذلك مدعاة للإلهام والدافع للاستمرار في تعزيز الإيمان. من هذا المنطلق، ينبغي علينا أن نفهم أن لكل اختبار سببًا، وأن الصبر هو الطريق الذي يؤدي إلى الفرج. علاوة على ذلك، فإن الحفاظ على الاتصال بأهل البيت (ع) وتعزيز الحب تجاههم يعتبر من أهم الواجبات خلال فترة الغيبة. فهم يمثلون المثال الأعلى للإيمان والفضيلة، ويجب علينا أن نتبع نهجهم في حياتنا اليومية. يمكن تحقيق ذلك من خلال دراسة سيرتهم وتطبيق تعاليمهم في تعاملاتنا مع الآخرين، مما ينمي العلاقات الإنسانية ويعزز من قيم الحب والإخاء. إضافة إلى ذلك، تعتبر ذات أهمية كبرى تعزيز النفس بالمعرفة الدينية على مدار فترة الغيبة. إن توسيع أفق المعرفة يساعد المؤمنين على التميز في التعاطي مع القضايا المعاصرة وتحديات الحياة الحديثة. من الضروري أن تكون لدينا معرفة كافية حول الفلسفة الإسلامية، والتاريخ، والفقه، وكيفية تطبيق تعاليم الدين في المجتمعات المعاصرة. هذا السعي الفكري لا يساهم فقط في تعزيز الإيمان، بل يعمق الفهم الشخصي للدين. كذلك، نجد في سورة البقرة، الآية 286، قوله تعالى: "لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها". تذكيرًا عظيمًا للمؤمنين بأن لا يثقلوا كاهلهم بأعباء تفوق طاقاتهم. هذه الآية تدعونا للعمل ضمن قدراتنا والابتعاد عن الإحباط. في حالات القلق أو الضغوط النفسية، نجد أن الاستناد إلى هذه الآية يمكن أن يخفف من التوتر ويدفع المؤمنين للاستمرار في العمل بإرادة وعزيمة. وبالإضافة إلى تعزيز الإيمان والاتصال بأهل البيت، يجب على المسلمين أيضًا التحلي بروح العمل الجماعي، إذ إن التعاون بين المسلمين في نشر الثقافة الإسلامية والمعرفة الدينية يعتبر من أهم الواجبات خلال غيبة الإمام. فكل واحد منّا يمتلك القدرة على إحداث الفرق، وبالتالي ينبغي مضاعفة الجهود من أجل دعم القيم الإسلامية وتعزيز العدل والمساواة في مجتمعاتنا. في النهاية، إن فترة غيبة الإمام المهدي (عج) هي وقت اختبار وتحدي يتطلب منا العمل الجاد والسعي لإكمال الرسالة الإلهية التي جاء بها الأنبياء والأوصياء. فالصبر، الإيمان، المعرفة، والمحبة لأهل البيت هي الأسس التي يجب أن نبني عليها حياتنا خلال هذه الفترة، حيث نكون على استعداد دائم لنكون من الأوفياء لهذه الغيبة، وللإمام المهدي (عج) عندما يظهر، لنكون من أنصاره وناصريه. إذًا، الأحرى بنا أن نتذكر أن هذه الفترة ليست فقط غيابًا، بل هي أيضًا فرصة لنمو روحي وفكري يمكن أن يقودنا إلى تحقيق أسمى أهدافنا في الدنيا والآخرة.
في يوم من الأيام في قرية صغيرة ، كان شاب يُدعى رضا يتحدث إلى حكيم عارف. عبّر عن بؤسه بسبب غيبة الإمام المهدي (عج) والوضع الحالي. ابتسم العارف وقال: "رضا ، في هذا الوقت يجب أن نحافظ على نور الإيمان في قلوبنا ونتطلع دائمًا إلى الله. من يسعى لدعم المؤمنين ويهدف إلى تطبيق أخلاقه ودينه هو في الحقيقة بجانب الإمام المهدي (عج)." جعلته هذه الكلمات يتأمل، وقرر أن يبذل مزيدًا من الجهد لمساعدة الآخرين وتقوية إيمانه.