تجاوز الوساوس بالتقوى والصبر واتباع أوامر الله.
إن القرآن الكريم هو كتاب الهداية والنور الذي أنزله الله سبحانه وتعالى ليكون دليلاً للمؤمنين في حياتهم اليومية. وقد أكد الله عز وجل في كتابه العزيز على أهمية الإيمان والتقوى والصبر في مواجهة التحديات والفتن التي قد تعترض طريق الإنسان. إذ أن القرآن الكريم ليس مجرد نص مقدس بل هو منهج حياة شامل يرتكز عليه الإنسان المسلم في كل خطوة من خطوات حياته. إن مناولتنا الأولى في قراءة القرآن تبرز لنا عدداً من الآيات التي تحذرنا من الشيطان ووساوسه. فتقول سورة البقرة، الآية 268: "الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء". هذه الآية توضح لنا كيفية سعي الشيطان لإيقاع البشر في شباكه من خلال بث الشكوك والوساوس السيئة. إذًا، يجب على المؤمن أن يتنبه لهذه الوساوس وأن يلجأ إلى الله ليحصن نفسه بالإيمان والتقوى. فلا بد أن يكون الإنسان واعيًا لما يدور حوله ومنفتحاً أمام الحقائق والآيات التي في كتاب الله. هذا ويدعونا الله تعالى في سورة آل عمران، الآية 179، إلى التفكر في عواقب الأفعال، حيث يقول: "ولا تحسبن الذين كفروا معجزين في الأرض ومأواهم النار وبئس المصير". تشير هذه الآية إلى أن من يبتعد عن اتباع الحق سيواجه عاقبة وخيمة في الآخرة. وبالتالي، فإن هذه الآية تحمل دعوة للمؤمنين للتأمل في أفعالهم والتأكد من أنهم يسيرون في الطريق المستقيم الذي يرضي الله عز وجل. علاوة على ذلك، يشدد القرآن الكريم على أهمية الصبر في مواجهة الفتن. يقول الله تعالى في سورة المؤمنون، الآية 96: "فادفع بالتي هي أحسن السيئة". هذه الآية تدعونا إلى التعامل مع الإساءة بالمعروف، مما يوضح لنا كيف يمكن للإيمان والتقوى أن يحميان الفرد من الانزلاق في دوامة الفتن. بل إن من واجبنا كمسلمين أن نعزز من قيم التكافل والتضامن والمحبة بين أفراد المجتمع، الأمر الذي يساهم في بناء مجتمع يسوده السلام والهدوء. ومما لا شك فيه أن من الضروري أن نتحدث عن العدالة التي يذكرها القرآن الكريم. ففي سورة الأنفال، الآية 53، يقول الله سبحانه وتعالى: "ذلك بأنهم قوم لا يقسطون". تشير هذه الآية إلى أن غياب العدالة يعرض الأفراد لمغريات الفتنة والضلال. إن الالتزام بالقيم الأخلاقية والعدالة يساهم في تحصين النفس والمجتمع ضد الفتن، ويهيئ بيئة صحية تعزز من الإيمان. فالإنسان الذي يسعى لتحقيق الإيمان ولا يترك نفسه للوساوس والسيئات، يمتلئ قلبه بالسكينة والسلام. كما أن القيام بالعبادات والطاعات يعزز من قدرة المؤمن على مواجهة التحديات. فالصلاة والدعاء والأعمال الصالحة تعد من الوسائل التي تساهم في تقوية الارتباط بالخالق، وبالتالي تحصين الفرد ضد الأمور المزعزعة التي قد تطرأ في حياته. لا شك أن هذه الأمور تأتي ضمن أسس النجاح في الحياة. لذا، يجب على المؤمنين أن يسعوا جاهدين لتعزيز إيمانهم من خلال الاستمرار في العبادة، والاهتمام بأمور الدين والدعوة لنشر الخير في المجتمع. هذا الأمر ليس مجرد كلام، بل هو واجب يتعين علينا جميعاً أن نتبعه. وفي إطار الحديث عن النجاح، يجب علينا أن نذكر أهمية الطاعة والتضحية في سبيل الوصول إلى الأهداف النبيلة. فالقرآن الكريم يحثنا على ضرورة الإخلاص في العمل، إذ قال تعالى في سورة البينة، الآية 5: "وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين...". إن الإخلاص هو أساس العلاقة بين العبد وربه، وهو ما يجعل الأعمال تُقبل وتثمر. وبالانتقال إلى المجتمع، نجد أن القرآن الكريم أيضاً يعزز من قيم التعاون والمودة بين الناس. ومن المهم أن يكون هناك تواصل مستمر بين أفراد المجتمع، حيث أن هذه الروابط تساعد على بناء مجتمع قوي ومتحد. ولذا يجب أن نسعى جميعاً لنشر الخير والفضيلة في محيطنا، وتقديم المساعدة للآخرين في أوقات الشدائد. في الختام، يتضح لنا أن القرآن الكريم يزود المؤمنين بوسائل فعالة لمواجهة التحديات والفتن. إن الالتزام بالإيمان والتقوى والصبر، والقدرة على الردّ بالخير على السيئة، هي أدوات قوية تحمي الإنسان من الضلال. ولن يتذكّر المؤمن قوله تعالى وآياته في جميع جوانب حياته، إلا إذا جعل القرآن رفيق دربه ومرشده في كل خطواته. لذلك، يجب على كل واحد منا أن يحرص على الاستفادة من توجيهات القرآن في تفاصيل حياته اليومية، فهو نور وهدى لكل مؤمن.
في يوم من الأيام ، كان هناك رجل صالح يعيش في مدينة. كان دائمًا يقول: "أتبع الإلهامات التي أتلقاها من آيات القرآن لأبتعد عن الوساوس." في يوم من الأيام عندما ذهب إلى السوق ، دعاه أحدهم إلى شرب الكحول. فابتعد الرجل الصالح عن ذلك وتذكر آيات ربه وواصل التفكير في الله والسعي نحو الخير. وهكذا ، لم يحافظ على نفسه بعيدًا عن الوساوس فحسب ، بل أظهر أيضًا للآخرين كم يوجد من جمال وحكمة في اتباع طرق الله.