يحب الله الفقراء، وحب الله لعباده لا نهاية له. ما هو أكثر أهمية من الوضع المالي هو إيمان الشخص وتقواه.
في القرآن الكريم، يُذكَر الله عز وجل أهمية حبه وصداقته تجاه عباده، بغض النظر عن وضعهم المالي أو الاجتماعي. إن هذا المفهوم يُعَد من الأسس التي تحث المسلمين على الاعتماد على الله في جميع مجالات حياتهم، ويؤكد أن التوفيق والراحة في الحياة لا يأتيان من المال أو الجاه، بل من الإيمان والتقوى. يُنَبِّه الله عباده إلى أهمية الثقة به، ويظهر ذلك في العديد من الآيات القرآنية، حيث تتجلى رحمته وعنايته بعباده المؤمنين، خصوصًا في الأوقات الصعبة. عندما نتأمل في الكيفية التي يتعامل بها الله سبحانه وتعالى مع عباده، نجد أن هناك اهتمامًا خاصًا بالأشخاص الذين قد يواجهون محنًا أو صعوبات في حياتهم. وهذه المحن قد تكون في شكل فقر، أو فقدان، أو أي نوع من أنواع الاضطرابات النفسية أو الاجتماعية. فالله عز وجل في القرآن الكريم يشدد على أهمية الثقة في رحمته وحكمته، حيث يُذكِّر عباده بأنهم ليسوا وحدهم وأن الله معهم دائمًا. على سبيل المثال، في سورة البقرة، الآية 286، يقول الله: "لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا"، مما يعني أن الله لا يُحمِّل عباده ما لا طاقة لهم به. وبالتالي، يجب على المؤمنين أن يكونوا واثقين في أن الله يعالج جميع أمورهم وفقاً لما هو مناسب لهم. هذه الآية تشير إلى أن الله مع عباده، ويوليهم اهتمامًا خاصًا في جميع الظروف التي يواجهونها. إن هذا النوع من الطمأنينة يمنح الأفراد القدرة على مواجهة التحديات بشجاعة وإيمان. من المهم بمكان أن نلاحظ أن الفقر، في نظر الله، يُعتبر معيارًا للإيمان والتقوى، وقد يجد الأفراد الفقراء أنفسهم أقرب إلى الله بسبب التحديات التي يواجهونها. فإن المعاناة والفقر قد تُعكِّس الفهم العميق لرحمة الله، ودائمًا ما يجد الفقراء العزاء في اليقين بأن الله يُقدرهم ويُلاحظ صبرهم. ففي سورة الأنعام، الآية 38، وعد الله الذين يتحملون المعاناة في سبيله بتقدير واحترام خاص، حيث يقول: "وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهَا إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ"، مما يُظهِر تكريم الله لجميع خلقه. إن الصبر هو أحد الأسس التي يُبنى عليها الإيمان، وقد أكد الله على هذه الحقيقة في العديد من الآيات القرآنية. علاوة على ذلك، في سورة مريم، الآية 37، أعطى الله وعودًا خاصة للصابرين والمثابرين، مُبَيِّنًا لهم أن الصبر والثبات على الإيمان هما الطريق نحو الفلاح والنجاح. يقول الله في هذه الآية: "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمُ جَنَّاتُ النَّعِيمِ"، مما يُشير إلى أن الجزاء عند الله عظيم لمن يتحمل الألم والصعوبات. لذا، لا ينبغي للعباد أن يشعروا باليأس في ظل ظروفهم، بل عليهم أن يتذكروا دائمًا أن حب الله لعباده لا نهاية له، وهم دائماً بجانبه لمساعدتهم على تجاوز الصعوبات. الصبر والإيمان هما مفتاحا الأحلام والطموحات، ولذا يجب أن يحافظ المسلمون على ثقتهم في الله ويتوجهوا إليه بالدعاء. إن القيم الحقيقية للأفراد ليست مبنية على ممتلكاتهم المادية، بل على إيمانهم وتقواهم، فالله سبحانه وتعالى ينظر إلى القلوب ونوايا الناس. كما أن الفقر ليس عيبًا في النفس أو علامة على تقصير الفرد، بل يُمكن أن يكون امتحانًا ووسيلة للتقرب إلى الله. إن الفقراء الذين تحملوا الابتلاءات برؤية صادقة يستمدون من تجاربهم القوة والمعرفة التي قد لا يمتلكها الأغنياء. في بعض الأحيان، يواجه الفقراء تحديات تُظهر لهم المصير الحقيقي للقوة والرخاء، مما يدفعهم للتركيز على الروحانيات بدلاً من التركيز فقط على الجوانب المادية. أن يكون الشخص فقيرًا لا يعني أنه لا يستحق الجنة أو الجرماة الطيبة، بل ربما يكون الفقراء هم الأقرب إلى الله بسبب صراعاتهم وتجاربهم في الحياة. في الختام، يجب على العبيد الفقراء أن يتذكروا أن الله معهم في كل خطوة، ويعدهم برحمة خاصّة لمن يصبر على اختباراته. يجب أن يكون هذا الحب الإلهي المشعر بمسؤولية عظيمة لكل ابناً منهم، فيجدوا فيه راحة وعونًا لهم في سبيل تحقيق أحلامهم. الحب الإلهي لا يعرف الحدود، وهذا يجب أن يكون مصدر الأمل والقوة لكل من يواجه تحديات الحياة. لذا، مهما كانت الظواهر المؤلمة أو الظروف الصعبة، يجب على كل مسلم أن يؤمن بأن قيمته الحقيقية تأتي من إيمانه الصادق وتقواه، وأن الله دائمًا إلى جانبه في كل الأوقات.
في يوم ممطر، جلس رجل فقير يدعى حسن تحت سقف، ينظر إلى السماء. كان يتمنى أن يكون لديه ثروة أيضًا. لكن فجأة، اقترب منه طفل صغير وعانقه. أدرك حسن أن حب الله وعطفه موجودان في كل قلب وأن الشيء الأكثر أهمية في الحياة هو الصداقة واللطف.