يُشدد القرآن على الحياة البسيطة ودور الابتعاد عن المال في تحقيق السلام الروحي.
يُعتبر القرآن الكريم الكتاب المقدس الذي أنزل من رب العالمين من أجل هداية البشرية وإرشادهم إلى الطريق الصحيح في الحياة. وتركز آيات القرآن على أهمية الحياة البسيطة التي تعكس القيم النبيلة، والتوجه نحو الطاعة لله، وترك الدنيا ومادياتها التي يعتبرها وسائل فانية. فعندما نتأمل في الآيات القرآنية، نجد دعوة صادقة للتفكر في الطبيعة الحقيقية للحياة، وكيف أن الماديات ليست هي التي تعطي قيمة للإنسان، بل الأعمال الصالحة والتقوى والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى. إنَّ الله يذكّر عباده في مواضع عديدة بأن زينة الحياة الدنيا زائلة، كما جاء في سورة الحشر، حيث يقول الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِن قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ" (الحشر: 18). هذه الآية تحث على الإنفاق في سبيل الله وتؤكد أن المال والممتلكات ليست هي المصدر الحقيقي للفرحة والنجاح، بل الأعمال الخالصة لله عز وجل هي التي تبقى بعد الموت. في السياق نفسه، نجد أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قد أكد على فكرة الحياة البسيطة، حيث قال: "إن الله يحب البسطاء". هذه البساطة ليست فقط في المظهر، بل في القلوب والأفكار أيضاً. إن الحياة البسيطة تدعو إلى عدم التفاخر بالماديات والمال، بل تركز على الطاعة وعبادة الله، وهذا يكشف عمق المفاهيم القرآنية حول البساطة. ومن الآيات التي تعزز هذا الفهم، نجد في سورة الزمر، الآيتين 17 و18، يقول الله تعالى: "إنّ الذين آمنوا في حياتهم عيّدوا إلى الله ويحصلون على السلام والرضا". فهذه العبارة تعكس أهمية العودة إلى الله في كل الأمور، وكيف أن الإنسان كلما اقترب إلى خالقه، وجد السكينة والرضا. إن السلام النفسي هو ثمرة الإيمان والاعتماد على الله، ولا يأتي من الثراء أو الرفاهية الزائفة. الحياة البسيطة تعني الابتعاد عن التعقيد. في المجتمعات الحديثة، أصبح التنافس على اقتناء الممتلكات والمال شائعا، لكن دعوة القرآن تدعو إلى العيش ببساطة وهدوء دون الارتباط بالمادة. إن القرب من الله يحتاج منا إلى قلب خالٍ من القيود المادية. إنّ القرآن الكريم يحث على قيم عظيمة مثل العطاء والإيثار، ويعتبرها من سمات الشخص المؤمن. فالإنفاق في سبيل الله لا يقتصر على المال فقط، بل قد يتجلى في تقديم النصيحة، والوقت، والجهد للإحسان إلى الآخرين. وهذا يظهر لنا أهمية العطاء كجزء من حياة بسيطة قائمة على مبادئ الإنسانية والرحمة. فلا شك أن الإنسان الذي يعتنق مبادئ الحياة البسيطة سيجد نفسه أقرب إلى الله، وسيحظى براحة نفسية حقيقية. هذه الراحة تأتي نتيجة الابتعاد عن الهموم المادية وعدم الانشغال بمظاهر الحياة التي تنتهي حتمًا، فاليوم قد نملك، وغدًا قد نفقد. علامة أخرى من علامات الحياة البسيطة هي التواضع. التفاخر بالممتلكات أو المكانة الاجتماعية ليس له مكان في حياة المؤمن. فالتواضع هو من الصفات المميزة التي تجعل الإنسان قريبًا من قلوب الآخرين ومن رحمة الله. ففي سورة الفرقان، يقول الله: "وَعِبَادُ الرَّحْمَـٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا" (الفرقان: 63). ختامًا، يؤكد القرآن الكريم على أهمية الحياة البسيطة ويتعهد بمساعدة من يسعى للعيش بقيم الإيمان. فهو يشجع على الابتعاد عن الرفاهية المبالغ فيها، ويحث الناس على مساهمة جهدهم وممتلكاتهم في سبيل الله. فالحياة البسيطة ليست فقط وسائل معيشة، بل هي رؤية معينة للحياة تساعد في السير نحو سعادة دائمة وطمأنينة في القلوب. سواء كنا نعيش في ظروف مادية حسنة أو لا، فإن الخير يأتي من الأعمال الصالحة وإخلاص النوايا، وهذا هو سر النجاح الحقيقي في الآخرة.
في يوم من الأيام، واجه رجل يُدعى حسن صعوبات مالية في حياته. شعر أنه بحاجة إلى التركيز أكثر على الممتلكات المادية والعمل بجد. ذات يوم، تحدث مع عالم ديني في المسجد، الذي ذكره بأن الله يريد منه حياة بسيطة مليئة بالإيمان والأمل. قرر حسن التخلي عن الأشياء غير الضرورية وبدلاً من ذلك تخصيص وقته لمساعدة الآخرين. في خدمة مجتمعه، وجد سلامًا أكبر.