السؤال في الدين ليس سيئًا إذا كان يؤدي إلى فهم أفضل واقتراب من الله.
إن القرآن الكريم يُعدّ من أعظم الكتب السماوية التي تحمل في طياتها تعاليم دينية حكيمة وفلسفات عميقة. ومن بين المواضيع التي يتم تناولها بشكل مُستفيض في القرآن الكريم هو موضوع السؤال، الذي يُعتبر أداة فعّالة للتعلّم والفهم. فعلى الرغم من أن السؤال يمكن أن يكون مصدرًا للشك في بعض الأحيان، إلا أنه في جوهره يشير إلى الرغبة في المعرفة والبحث عن الحقائق. أولاً، نجد في سورة المائدة، الآية 101، إشارة واضحة من الله تعالى إلى أهمية السؤال، حيث يقول: 'يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءِ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤُكُمْ.' هذه الآية تُظهر لنا ضرورة أن يتم السؤال وفق إطار منطقي وبهدف بنّاء. إن ما يحث عليه القرآن هنا هو أن تكون الأسئلة التي نطرحها مدروسة وأن تُساهم في تعزيز فهمنا للدين، وليس أن تؤدي إلى التشويش والشك. إن الدين الإسلامي يدعو إلى التفكير والتأمل، ولذلك فإن طرح الأسئلة – خاصة تلك التي تهدف إلى فهم معانٍ أعمق للوحي الإلهي أو تفسيرات النصوص – يُعتبر أمرًا محمودًا. فالأسئلة التي تُساعد المؤمن على الاقتراب من الله وفهم تعاليم دينه هي أسئلة تستحق الثناء، لأنها تدل على الرغبة في التعلم السليم والإيمان العميق. علاوة على ذلك، في سورة البقرة، الآية 30، نجد أن الله تعالى قد ميّز البشر بعقلهم وقدرتهم على السؤال والتفكير. يقول الله: 'وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً...' فهذا يُظهر أن الفضول والسعي وراء المعرفة من صفات الإنسان الفطرية. وبالتالي، فإن تعزيز هذه الصفات يعتبر جزءًا من تطوير الذات والنمو الشخصي. ومن الجدير بالذكر أنه، على الرغم من أهمية السؤال، هناك نوعيات من الأسئلة التي قد تؤدي إلى الشك وعدم اليقين في المبادئ الأساسية للإيمان. تلك الأسئلة التي تثير الشكوك حول عقائد الله وأركان الدين عادةً ما تُعتبر غير بناءة. ومن هنا، نحتاج إلى عملية فرز، حيث ينبغي أن نطرح الأسئلة التي تعود علينا بالنفع في فهم ديننا وتعزيز إيماننا. إن ثقافة السؤال تعتمد أيضًا على كيفية ردود الفعل على الأسئلة المطروحة. في كثير من الأحيان، يواجه الأفراد مواقف تُجبرهم على طرح أسئلة تُعتبر حسّاسة أو صعبة. فبدلاً من تجاهل هذه الأسئلة أو التحجّج بأن الإيمان يجب أن يكون بلا مناقشة، يُستحب أن نقدم إجابات واضحة ومدروسة تعكس عمق التعاليم الإسلامية. هذا يعزز من روح الحوار والتبادل الفكري، ويمكن أن يقود إلى استنتاجات أعمق تُدعم الإيمان. في المحصلة، يصبح السؤال في الدين وسيلة للتطوير الشخصي وزيادة الوعي. بدلاً من أن يُنظر إليه كعائق، يجب أن يُعتبر كأداة تساعد في بناء قاعدة معرفية صلبة، تمكّن الإنسان من الاستناد إلى معرفةٍ صحيحة تعينهم على فهم دينهم وتجاوز التحديات التي تُواجههم. إن الدين ليس مجرد طقوس تُمارس، بل هو تجربة شاملة تتطلب الفهم والتفاعل. لذلك، من المهم أن نتبنى عقلية السؤال بطريقة مدروسة وهادفة. بغض النظر عن نوع الأسئلة التي نطرحها، الأهم هو أن تكون تلك الأسئلة نابعة من رغبة حقيقية في التعلم والفهم. لذلك، يجب أن نتبنى ثقافة السؤال الإيجابية، وأن ننظر إليها كخطوة مهمة نحو التقدّم في فهمنا الديني وشعورنا الداخلي بالعبادة. فالإيمان القائم على المعرفة والعقل هو إيمان أقوى، يستطيع مواجهة الشكوك ويقي من الانحراف. بذلك، يمكن القول بأن السؤال هو المفتاح الذي يفتح آفاق جديدة للفهم والإدراك. ومن أهمية هذا الموضوع، يمكن استنتاج أنه ينبغي دائمًا مراجعة وتقييم طبيعة الأسئلة التي نطرحها. مع الإيمان الراسخ والنية الصافية، يمكن للسؤال أن يكون جسرًا للعبور إلى عوالم أعظم من الفهم والمعرفة.
كان هناك شاب اسمه أمين يقع في نقطة تحول. كان يتساءل باستمرار كيف يمكنه الاقتراب من الله. بعد سماع أحاديث وآيات قرآنية مختلفة ، قرر أن يطرح أسئلته على معلمه حول إيمانه. بعد بعض الوقت والنقاش مع معلمه ، حصل أمين على فهم أعمق لدينه وأقام صداقة أوثق مع الله.