الأمل بدون عمل مذموم ويجب أن يؤدي إلى جهد ومثابرة.
يُعَدُّ الإيمان بالأمل والعمل من القيم الأساسية التي ينص عليها القرآن الكريم، ولها تأثير كبير في تشكيل شخصية الفرد والمجتمع. ففي الوقت الذي يُعتبر فيه الأمل من الدوافع الطبيعية للنفس البشرية، فإن العمل الجاد هو الذي يترجم هذا الأمل إلى واقع ملموس. ومن الواضح أن الله سبحانه وتعالى يطلب منا أكثر من مجرد انتظاره رحمة الله، بل يشدد على ضرورة الجهد والاجتهاد في تحقيق ما نرغب ونأمل فيه. إن الأمل بدون عمل يُعتَبَر إذن مذمومًا، ويترتب عليه مسؤولية كبيرة أمام الله، حيث أنه يتعين على الإنسان أن يُحَاسَب على أفعاله وأقواله يوم القيامة. من خلال سورة الإسراء، يوضح الله تعالى في الآيات 13 و14: "وَكُلُّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ، وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَنْشُرُهُ"، وهذا يؤكد فكرة المسؤولية الفردية ويشير إلى أن كل فرد مطالب بأن يتحمل نتائج أفعاله. حيث إذا كان الفرد مهدرا للوقت دون سعي نحو الأهداف، فإن ذلك سيعود عليه يوم القيامة بعواقب وخيمة. الله سبحانه وتعالى يتطلب منا السعي والجهد على جميع الأصعدة والميادين، كما يظهر في سورة النجم، الآية 39: "وَأَنَّ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى". هذا النداء يعبر عن حقيقة أن للفرد حقا في تحقيق ما يرغب به، ولكن بشرط أن يترافق هذا مع بذل الجهد والسعي المستمر، إذ أن السعي هو الوسيلة الوحيدة التي يمكن من خلالها تحقيق الأهداف والطموحات. إن الأمل والعمل، إذاً، هما عنصران متلازمان. فعندما يمتزج الأمل بالمبادرة والعمل، يمكن أن تتشكل مسارات جديدة تؤدي إلى النجاح في شتى مجالات الحياة. وبالتالي، يمكن أن يتجلى تقدم الأفراد والمجتمع من خلال هذا الاتحاد بين الأمل والعمل. فالذين يسعون جاهدين لتحقيق أحلامهم وآمالهم هم من سينجحون في نهاية المطاف، في حين أن الذين يكتفون بالحلم فقط سيظلون مكانهم دون تقدم. بالنظر إلى التاريخ، نجد العديد من الشخصيات التي كانت تمثل تجسيداً لهذه القاعدة. فقد اتسمت حياتهم بالعمل الجاد والأمل غير المحدود. على سبيل المثال، العديد من العلماء والباحثين، الذين أفلحوا في مجالات علومهم بفضل أملهم في تحقيق أهدافهم وبذلهم الجهود لتحقيق ذلك. عندما ينعدم العمل، يصبح الأمل في نظر الله سبحانه وتعالى بلا قيمة، لذلك من الضروري جدًا أن يتكامل الأمل مع العمل. كثير من الناس يضعون آمالاً كبيرة في مستقبلهم، ولكنهم يفشلون أحيانًا في وضع خطط مناسبة لتحقيق تلك الآمال. إن وضع خطة استراتيجية، مع تحديد الأهداف والوسائل المناسبة لتحقيقها، هو جزء أساسي من عملية الإنجاز. في هذا السياق، تعتبر التنمية الذاتية والنمو الشخصي من الأمور المهمة جدًا، حيث تساعد الأفراد على اكتساب المهارات اللازمة لتحقيق أهدافهم، والتي تُعزز من خلال التعليم والتطوير المستمر. إن السعي نحو التعلم واكتساب المعرفة هو نوع من أنواع العمل الذي يمكن أن يؤدي إلى النتائج الإيجابية. إضافةً إلى ذلك، علينا أن نعتاد على التفكير الإيجابي وتعزيز روح الأمل في كل ما نقوم به. فالإيمان بقوة الأمل في تغيير الواقع هو مفتاح من مفاتيح النجاح. كثيراً ما نجد أن الأمل يعزز قدرة الفرد على مواجهة التحديات والصعوبات، ويُعطيه الدافع للاستمرار في السعي. ومن الجدير بالذكر أن القيم الإسلامية تعزز من أهمية العمل كجزء من العبادة. فالعمل الصالح يُعتَبَر عبادة في الإسلام، وبالتالي فإن كل عمل يقوم به الإنسان بنية خالصة لله تعالى هو في حد ذاته عبادة، وهذه العبادة تتطلب الجهد والمثابرة. فالله سبحانه وتعالى ينظر إلى قلوبنا وأعمالنا، ويجازي كل إنسان بما سعى. وفي نهاية المطاف، يمكن القول إن الأمل هو بداية الطريق نحو النجاح، لكنه لا ينفصل أبدًا عن العمل الجاد. إذ إن الأمل يمثل القوة الدافعة التي تجعلنا نطمح إلى الأسمى، بينما العمل هو الجسر الذي يعبرنا إلى أهدافنا وطموحاتنا. لذلك يجب أن نتذكر دائمًا أن الآمال تحتاج إلى أفعال، وأن العمل بلا أمل قد يصبح عبئاً. لذا، اعتبروا الأمل والعمل كوجهين لعملة واحدة، وامتزجوا بأنفسكم في غرس الأمل في قلوبكم وتحفيزها بالأعمال والجهود لتحقيق ما تطمحون إليه.
في يوم من الأيام، كان هناك شاب يُدعى علي واجه مسألة الأمل والعمل في حياته. كان دائمًا يأمل في النجاح في امتحاناته، ولكن كلما كانت علاماته منخفضة، كان يشعر بالإحباط. في يوم من الأيام، أثناء دراسته لموضوع ما، واجه آية من القرآن تؤكد على ضرورة الجهد. قرر أن يركز أكثر على الدراسة والسعي للنجاح بدلاً من الاعتماد فقط على الأمل. مع مرور الوقت، حقق درجات أفضل وأدرك أن جهده ساعد في تحويل أمله إلى واقع.