الكفر والذنوب هما السبب الرئيسيان في الابتعاد عن رحمة الله.
في القرآن الكريم، يُعتبر فهم أسباب ابتعاد الإنسان عن رحمة الله من الأمور المحورية التي تمس قلب الإيمان والعلاقة بين العبد وخالقه. رحمة الله واسعة تشمل جميع المخلوقات، ولكن هناك أفعال وسلوكيات يمكن أن تؤدي بالإنسان إلى الفراق عن تلك الرحمة السابغة. من خلال استعراض بعض آيات الكتاب العزيز، سنبرز بعض الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى هذا البعد والنفور عن رحمة الله. أولاً، يُعتبر الكفر بالله وعدم الإيمان به من الأسباب الأساسية التي تساهم في ابتعاد الإنسان عن رحمة الله. في هذه الآية من سورة المائدة (الآية 36)، يقول الله تعالى: 'إن الذين كفروا وكذبوا بآياتنا لهم عذاب أليم.' الإنذار هنا واضح، فالكفر ليس مجرد جحود للحقائق، بل يُعبر أيضًا عن انقطاع العلاقة مع الخالق. يُظهر هذا النص أن الكفر يُعد مدخلاً لأحكام الله المقررة التي تشمل العذاب في الدنيا والآخرة. ليس الكفر فقط هو ما يُبعد العبد عن رحمة الله، بل يُعتبر أيضًا علامة على عدم الأخذ بمبادئ الإيمان والإذعان لأوامر الله. وفي سورة البقرة (الآية 161)، يقول الله تعالى: 'إن الذين كفروا وكذبوا بآياتنا هم أصحاب النار هم فيها خالدون.' هنا يُشير النص إلى عاقبة الكافرين، حيث يصرح بأنهم سيبقون مخلدين في نار جهنم. هذا التحذير يضيف بعدًا آخر لفهم الكفر، حيث يُظهر مدى جدية الأمر وخطورة الإنكار. ثانيًا، هناك أيضًا سبب آخر يتمثل في السقوط في الذنوب والظلم الذي يرتكبه الإنسان بحق نفسه وبحق الآخرين. فقد جاء في سورة الأنعام (الآية 90): 'من ينأى عن الله فبالفعل هو يهلك نفسه.' في هذه الآية، يُظهر الله تعالى لنا أن الانشغال بالذنوب والمعاصي يؤدي إلى خسارة كبيرة في الدنيا والآخرة. فالابتعاد عن الصراط المستقيم يؤثر سلبًا على النفس، ويرجع بفقدان الرحمة الإلهية. إن الآثام والمعاصي تُحدث حاجزًا نفسيًا وروحيًا بين العبد وربه، مما يجعله أكثر عرضة للعذاب والانفصال عن الله. يجب أن نفهم أن الكفر والذنوب هما عاملان رئيسيان في ابتعاد الإنسان عن الرحمة الإلهية. لكن هذا لا يعني أن الإنسان محكوم عليه بالفشل أو الهلاك. فالله سبحانه وتعالى يفتح أبواب التوبة والمغفرة لمن سعى لطلبها، مهما كانت ذنوبه عظيمة. في رحمة الله يُمكن للإنسان أن يجد مجالًا للغفران. فمن يقدم على التوبة بصدق وندم، يُمكنه أن يسترجع تلك الرحمة المفقودة. إن اجتناب الكفر والذنوب يتطلب من الفرد أن يتبنى تقوى الله في حياته اليومية. تقوى الله تعني أن يخاف العبد الله في كل أفعاله وأقواله، وأن يتذكر دومًا أن الله مُطلع على خفايا النفس. تقوى الله ليست مجرد شعائر دينية بل تشمل أيضًا الأخلاق الحسنة والسلوكيات الإيجابية toward الآخرين. إن الحفاظ على علاقة قوية مع الله تحتاج إلى صبر وجهد، وقد تكون الطريق مبنية على أساس من الإخلاص وطاعة الله. الإيمان الحق يأتي بالتزام قوي وممارسة دائمة للقيم الإسلامية. في هذا السياق، التفكير في معاني مثل الصبر، والتوكل على الله، والإحسان، والمغفرة تعتبر ضرورية لتعزيز ارتباط الإنسان بالله سبحانه وتعالى. يجب أن يكون الإيمان وثيق الصلة بأفعال المسلم، بحيث يعرف أن كل عمل يُقدمه يكون في ميزان حسناته يوم القيامة. وبالتالي، ليس هناك مُدعاة إلى اليأس، فكل إنسان مهما نزل به من القرآن من مظاهر الضعف والعجز، ينقلب إذا أراد على حاله. التوجّه إلى الله بالتوبة والدوام على الاستغفار يُعتبر من أرقى أنواع الإيمان، ويعيد للعبد مكانته الربانية. فقد جاء في الحديث الشريف: 'إن الله يفرح بتوبة عبده كما يفرح أحدكم إذا ضلّت ناقته في أرض فلاة فوجدها.' فكل دعوة صادقة للتوبة يُمكن أن تحلّ مكان الذنب وتفتح أبواب رحمة الله من جديد. ختامًا، يجب على كل مسلم ومسلمة أن يتذكروا أهمية الحفاظ على إيمانهم وتقواهم. وذلك بالتوجه إلى الله بالإخلاص والتوبة، والابتعاد عن كل ما يمكن أن يسبب البعد عن رحمة الله. النصوص القرآنية تعكس لنا أن العمل على بناء علاقة طيبة مع الله تعني الخروج عن قيود الكفر والذنوب، وهذا بدوره يمهد الطريق لنيل الرحمة والغفران. لذا، كل عامل يستشعر بُعده عن رحمة الله، ينبغي أن يسعى لتحقيق التقوى والإيمان العميق في حياته، لتكون له الأيامُ المقبلة ملأى بالنور والرحمة.
في يوم من الأيام ، قال رجل حكيم: 'رحمة الله دائمًا موجودة في قلب طاهر.' وكان يذكر نفسه وأصدقائه أن الذنوب والظلم هي مثل الستار الذي يبعدنا عن رحمة الله. ذات يوم ، سأل أحد أصدقائه: 'كيف يمكنني عبور هذه الستائر؟' أجاب مبتسمًا : 'من خلال التوبة والعودة إلى الله.' بعد بعض الوقت ، سعى ذلك الصديق بعزم قوي إلى طلب المغفرة وطهر روحه من الذنوب. ثم أدرك كم أصبح أكثر حباً لله وكيف شعر برحمته بشكل أكثر عمقًا في حياته.