لماذا أشعر أحيانًا بأنه لا يوجد هدف في حياتي؟

ينشأ الشعور بانعدام الهدف غالبًا من عدم إدراك الهدف السامي للخلق (العبادة الشاملة لله) والانغماس في الدنيا الزائلة. يقدم القرآن الحل في التركيز على الآخرة وإيجاد الطمأنينة من خلال ذكر الله، مما يمنح الحياة معنى دائمًا.

إجابة القرآن

لماذا أشعر أحيانًا بأنه لا يوجد هدف في حياتي؟

الشعور بانعدام الهدف أو الضياع في الحياة هو تجربة يواجهها الكثير من الناس في مراحل مختلفة. يمكن أن ينشأ هذا الشعور من عدة عوامل؛ بما في ذلك الارتباك في الأولويات، أو الانغماس في الروتين اليومي، أو الفشل في إيجاد معنى أعمق للوجود. ولكن القرآن الكريم، وهو كتاب الهداية والنور، يقدم إجابة واضحة وعميقة لهذا السؤال، مذكراً إيانا بأن حياتنا في هذا العالم لها هدف سامٍ ومعنى إلهي، وإذا ما توافقنا معه، فلن نشعر أبدًا بانعدام الهدف. هذا الكتاب السماوي، بنظرته الشاملة إلى الوجود ومكانة الإنسان فيه، يرسم لنا طريق الوصول إلى السكينة والهدف الحقيقي. يوضح القرآن الهدف الأساسي من خلق الإنسان والجن في آية صريحة: «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ» (سورة الذاريات، الآية 56). هذه الآية الجوهرية تعلمنا أن الهدف الأسمى لوجودنا هو عبادة ربنا. لكن "العبادة" في هذا المفهوم تتجاوز بكثير مجرد أداء الطقوس الدينية. فالعبادة في الرؤية القرآنية هي أسلوب حياة شامل يتضمن جميع الأعمال الصالحة، والنوايا الطاهرة، وخدمة الخلق، والسعي لإقامة العدل والخير في الأرض. عندما يؤدي الإنسان جميع جوانب حياته، من العمل والكسب إلى العلاقات الاجتماعية وحتى الراحة، بنية القرب الإلهي ورضاه، تتحول كل لحظة من حياته إلى عبادة عظيمة، وبالتالي يجد شعورًا عميقًا بالهدف والتوجيه. غالبًا ما يحدث انعدام الهدف عندما يقصر الإنسان هدفه على الأمور الدنيوية الزائلة؛ كسب المال، أو المكانة، أو الشهرة، أو الملذات العابرة التي قد لا تستطيع أن تملأ الفراغ الروحي حتى بعد تحقيقها. كما يؤكد القرآن الكريم على الطبيعة العابرة والخادعة للحياة الدنيا، وهذا الفهم يساعد الإنسان على إعادة تحديد أولوياته وتجنب الانغماس في الأمور التي لا قيمة لها. في سورة الأنعام، الآية 32، نقرأ: «وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ ۖ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَ» (وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو، وللدار الآخرة خير للذين يتقون، أفلا تعقلون؟). تذكرنا هذه الآية بأن ما نراه في الدنيا ليس إلا جزءًا مؤقتًا وسطحيًا من الحقيقة. إذا كان كل همنا وهمّنا موجهًا نحو هذا "اللعب واللهو"، فمن الطبيعي أن يشعر المرء بعد فترة بالفراغ وانعدام الهدف، لأن طبيعة الأمور الدنيوية هي الفناء وعدم الكفاية لتلبية عطش الروح الإنسانية الذي لا ينتهي. في المقابل، يرى القرآن طريق السعادة والهدف المستدام في الانتباه إلى الدار الآخرة والتقوى. فجعل الآخرة هدفًا لا يعني تجاهل الدنيا، بل يعني التقييم الصحيح وتحديد الأولويات؛ أي استخدام الدنيا كمزرعة للآخرة وأداء الأعمال التي تحمل جزاءً أبديًا. هذا النهج يمنح حياة الإنسان عمقًا ومعنى لا ينتهي. وفي الختام، يقدم القرآن طريق الوصول إلى السكينة القلبية وإيجاد المسار في "ذكر الله". تقول سورة الرعد، الآية 28: «الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ» (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله؛ ألا بذكر الله تطمئن القلوب). هذه الآية دواء شافٍ لمشاعر القلق والهم وانعدام الهدف. ذكر الله لا يعني مجرد تكرار الأسماء الإلهية، بل يشمل التفكير في آيات الله، والصلاة، والدعاء، وتلاوة القرآن، والاستمرار في استحضار حضوره ورقابته في جميع شؤون الحياة. عندما يكون الإنسان متصلاً بخالقه بشكل مستمر وواعٍ، يضيء قلبه، ويتضح له الطريق، وينجو من الضياع. ذكر الله هو بوصلة تشير إلى الاتجاه الصحيح في محيط الحياة المضطرب، وتحول شعور "انعدام الهدف" إلى "هدف إلهي". لذلك، للتغلب على شعور انعدام الهدف، الحل القرآني هو تعميق العلاقة مع الله، وإعادة تعريف هدف الحياة بناءً على العبودية والاستعداد للآخرة، والمواظبة على ذكره؛ ليطمئن القلب وتُضيء مسيرة الحياة بنور الهداية الإلهية.

الآيات ذات الصلة

قصة قصيرة

يُروى أن رجلاً ثريًا، رغم قصوره الشاهقة وكنوزه الوافرة، كان دائمًا غير سعيد وتائهًا. وكلما زاد جمعه، زاد شعوره بالفراغ، سائلًا نفسه: "لماذا كل هذا الجهد؟ ما هو هدفي في هذه الحياة؟" في أحد الأيام، رأى درويشًا زاهدًا، بملابس ممزقة ووجه هادئ، يجلس تحت شجرة ويبتسم من أعماق قلبه. سأله الرجل الثري بدهشة: "يا درويش، ليس لديك مال ولا جاه، كيف تكون بهذه السعادة وراحة البال، بينما أنا، مع كل هذه النعم، في قلق دائم؟" أجاب الدرويش بابتسامة دافئة: "يا رجل، لقد ربطت قلبك بالدنيا وما فيها، وكلما ازددت منها، زاد قلقك من فقدانها. أما أنا فقد أسلمت قلبي لخالق الدنيا. هدفك هو التملك، وهدفي هو الوصول إلى رضاه. ما تسعى إليه فناء، أما ما وجدته فهو أبدي." اهتز الرجل الثري بهذه الكلمات، وفكر في نفسه، وأدرك أن السلام والهدف الحقيقي يكمنان في الاتصال بمصدر الوجود الذي لا ينضب، وتجاوز التعلقات الدنيوية.

الأسئلة ذات الصلة