لماذا تؤدي بعض النعم إلى الغفلة؟

بعض النعم مثل الثروة والأبناء يمكن أن تُغفل الإنسان عن ذكر الله وتقوده في اتجاه آخر.

إجابة القرآن

لماذا تؤدي بعض النعم إلى الغفلة؟

إنَّ القرآن الكريم يُعَدُّ مرجِعًا رئيسيًا لترسيخ قيم الإيمان والعبادة في قلوب البشر. لقد جاء القرآن بتوجيهات متعددة، يسلط الضوء على العلاقة القوية بين نعم الله وثرواته، وبين غفلة الإنسان عن ذكر الله. فالعلاقة بين النعم والغفلة تتجلى بوضوح في آيات عديدة، ودائمًا ما تُذكّرنا بأهمية ذكر الله في حياتنا، وتحثّنا على أن نكون واعين لمخاطر الانشغال بالمغريات الدنيوية. تؤكد سورة آل عمران على هذا المعنى حينما يقول الله سبحانه وتعالى: "زُين لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْمَكَاسِبِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ. ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَئَابِ" (آل عمران: 14). إن الآية تبرز كيف أن الشهوات المادية، رغم زينتها، تملأ قلوب البشر بشيء من الغفلة عن ذكر الله وعن حقوقه. فالإنسان عندما يُعطي اهتمامًا أكبر للشهوات، قد يفقد التركيز على ما هو أهم، وهو عبادة الله والإخلاص في العمل الصالح. إن التأمل في نصوص هذه الآية يُظهر أن الله سبحانه وتعالى يوضح لنا أن الأمور العابرة مثل المال، والمكاسب، والحياة الاجتماعية، ليست غايات بذاتها، إنما هي وسائل يمكن أن تُستخدم في طاعة الله وذكره. فالمرأة، والأبناء، والمال، إذا تم استخدامها في سبيل الله، فإنها تتحول إلى أدوات من الخير، ولكن إذا كان المصير الانشغال بها فقط، فإن ذلك قد يؤدي إلى نسيان ذكر الله وإهمال الطاعات. وعندما ننتقل إلى سورة الهمزة، نرى بيانًا واضحًا لعواقب الغفلة عن ذكر الله نتيجة الانشغال بجمع المال والتفاخر بالممتلكات. يقول الله تعالى: "ويل لكل همزة لمزة، الذي جمع مالاً وعدده" (الهمزة: 1-2). تشير هذه الآيات إلى أن الشخص الذي يركز كل جهوده على جمع المال ويدع الكثير من الواجبات الدينية جانبًا، سوف يلاقي عواقب وخيمة. فالعبرة ليست بكثرة المال أو بالشهوات الدنيوية، بل بكيفية استخدامها وما يترتب عليها من آثار على الروح والضمير. وجّه النبي محمد صلى الله عليه وسلم عبر العديد من الأحاديث النبوية الشريفة، تأكيدات مستمرة بأن القلب هو محور الاهتمام، وأنه يجب المحافظة على قلب خالص يُذكر الله فيه. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب". فهذا الحديث يُبين أهمية صلاح القلوب وضرورة الإخلاص في العبادة. إنه من الضروري أن يتذكر المسلم دائمًا أن الحياة الدنيا ليست سوي فترة قصيرة من الزمن، وأنها لا تساوي شيئًا مقارنة بما سيواجهه الإنسان بعد الموت. لذا، فإن ذكر الله يجب أن يكون في مقدمة الأولويات، ويتعين على الإنسان أن يتعلم كيفية استخدام النعم بشكل صحيح. فمن الحقائق التي يجب أن نشير إليها هي أن استخدام الأموال في تقديم المساعدة للفقراء بنتائج إيجابية تعود في النهاية على الفرد وعلى المجتمع. الاجتماعي الصالح يعني التعاون والمواساة، وهكذا يتحقق الهدف السامي من هذه النعم. يُمكن أن تُستثمر الثروات في بناء المساجد، والقيام بالمشاريع الإنسانية، والوسائل التي تدل على فضل الله في حياة الناس. عندما نتأمل في عواقب الغفلة، نجد أن الإنسان المصر على الغفلة عن ذكر الله قد يتعرض للعديد من المشكلات النفسية والاجتماعية. فالانشغال بالماديات قد يُؤدي إلى قسوة القلب وزيادة الفتن في المجتمع. علينا أن نبقى متذكرين دوماً بأن ذكر الله هو مصدر السعادة والسكينة، وهو الطريق الذي يضمن الشروط الأساسية للصلاح والنجاح. ختامًا، يتحتم علينا الانتفاع بالدروس المستخلصة من كتاب الله. يجب أن نحرص على إبقاء ذكر الله في حياتنا اليومية، وعدم الانزلاق في دوامة الأمور الدنيوية التي تؤدي إلى نسيانه. لا يُغني المال ولا الأولاد عن ذكر الله، فهي العبادة التي تُسبغ البركات والنعم على حياة الإنسان. ولذلك، يجب أن يسعى كل فرد إلى العودة إلى الله، والتفكر في مصيره في الآخرة، وأن يُدرك أن النعم هي مجرد اختبار من الله. فالشخص الذي يتذكر الله في كل أحواله، سيُعانق مغفرة الله، ويصل إلى الجنة في الآخرة.

الآيات ذات الصلة

قصة قصيرة

ذات يوم ، كان ياسر يتأمل في حياته وشعر بالغفلة عند تذكر النعم التي منحها الله له. قرر أنه كلما نظر إلى نعمه، يجب ألا ينسى ذكر الله. في رحلته هذه، شارك في مناقشات حول القرآن مع أصدقائه وطلب منهم ألا يقعوا في الغفلة في حياتهم. وخرجوا جميعاً باستنتاج أن استخدام نعمهم بحكمة مع ذك الله يمكن أن يضيف السلام والسعادة إلى حياتهم.

الأسئلة ذات الصلة