عدم التفكير لدى بعض الأفراد يعود إلى إغفَالهم عن العلامات الإلهية وسطحية فهم المعرفة.
في القرآن الكريم، يُعطي الله أهمية كبيرة للتفكر والتأمل، مُشيرًا إلى أهمية التفكير وآثاره الإيجابية على حياة الإنسان. يُعد التفكير من أعظم النعم التي منحها الله للبشر، حيث يُعتبر وسيلة لفهم العالم من حولنا وتحليل الأحداث والواقع بشكل أعمق. يعد هذا الأمر حجر الزاوية في تطور الفرد والمجتمع على حد سواء، فعندما ينطلق الإنسان في عالم التفكير، فإنه يتحرر من قيود السطحية ويدخل إلى عوالم جديدة من المعرفة والفهم. في سورة آل عمران، الآية 190، يُشير الله تعالیٰ إلى: "إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب." تبرز هذه الآية المعاني العميقة التي تحملها ظواهر الطبيعة، حيث تشجعنا على التفكير في هذا الخلق العظيم. تبرز هذه الآية أنّ التأمل في آيات الله في الكون هو من الأمور المطلوبة والمشروعة. فخالق الكون يُشير إلى أن كل ما هو حولنا يحمل دلالات وإشارات تبين عظمته وتدعونا للبحث والفهم. يُعتبر انغماس بعض الأشخاص في مشاغلهم اليومية والضغوطات المتفاقمة سببًا في عدم تفكيرهم في هذه العلامات. يعيش الكثيرون في دوامة الحياة اليومية من العمل والدراسة، مما ينعكس سلبًا على قدرتهم على التأمل والتفكير العميق. تكاد تكون هذه الحياة المحمومة عائقًا يحول بينهم وبين الفهم الحقيقي لمعنى وجودهم في هذه الدنيا. وعليه، فإن الأمر يحتاج إلى وقفة حقيقة نُعيد بها ترتيب أولوياتنا ونبدأ في النظر بعين التفكير إلى العالم من حولنا. والتفكر يعد أداة قوية للانطلاق نحو حياة أكثر وعيًا وإدراكًا. كما قيل في سورة المجادلة، الآية 11: "يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات." هذه الآية تعكس أنّ الله تعالى يُعلي من شأن المؤمنين وأولئك الذين يسعون إلى العلم والتفكير. إن الحصول على المعرفة هو أحد الطرق التي يرتفع بها الإنسان، ومن هنا يأتي دور المعرفة في تحسين مستوى القدرات الفكرية وتعزيز قدرة الفرد على اتخاذ القرارات الصحيحة. وإذا رغبنا في توضيح أهمية التفكير أكثر، يمكننا القول إن التفكير هو عملية عقلية تساعدنا على معالجة المعلومات واستنتاج الأفكار. يُساعدنا على تحليل الواقع واستشراف المستقبل. في عالم اليوم الذي يتميز بالتغيرات السريعة والتطورات التقنية، يتوجب على الأفراد التفكير بصورة أكثر عمقًا وفهمًا. لذا، تفكير الفرد يصبح جزءًا رئيسيًا من الاعتماد على الذات والنمو الشخصي. التفكر في القرآن الكريم لا يتوقف فقط عند مظاهر الكون، بل يتعدى إلى التفكير في النفس البشرية. فعلى المؤمن التفكير في تصرفاته وقراراته وما يستجلبه من نتائج. التأمل في صفاته وأفعاله يُسهم في مساعدة الإنسان على رسم صورة أدق لنفسه وييسّر له طرق التطور والنمو. فكما يُقال، "كما تفكر، ستكون." وبما أن الإنسان مخلوق عاقل، من الضروري أن يغتنم هذه النعمة ويستخدمها في كل جوانب حياته. من خلال التفكير، يمكن للناس أن يُخرجوا أنفسهم من دائرة السلبية ويدخلوا إلى عالم الإيجابية. التأمل في الأحداث والسلوكيات البشرية يمكن أن يأتي بالفائدة لحياة الأفراد، حيث يساعد على فهم الآخرين بشكل أوضح وتحسين العلاقات بين الناس. وعليه، فإن التفكير يُعد وسيلة مهمة للتغلب على المشكلات وبناء العلاقات الإنسانية السليمة. التفكر ليس مهمًا فقط على المستوى الشخصي، بل له أبعاد اجتماعية هامة كذلك. المجتمعات التي تشجع على التفكير والتحليل تُنتج أفرادًا قادرين على الابتكار والإبداع، مما يُساهم في تطوير ثقافة المجتمع واستقراره. لذا، من الضروري غرس قيمة التفكير في أذهان الأجيال القادمة وتعليمهم كيفية التأمل في حياتهم ونشاطاتهم بشكل مستمر. إن عدم التفكير أو الاستهتار بأهمية التأمل قد يؤدي إلى ضياع الفرص والعيش في جهل مطبق بالعالم وبالذات. وهكذا، فإن أولئك الذين لا يشاركون في عملية التفكير عرضة للسقوط في فخ السلبية والاكتئاب. بينما الذين يمارسون التأمل والتفكر في حياتهم اليومية يكون لديهم القدرة على مواجهة التحديات والنجاح في مساعيهم. في نهاية المطاف، يمكن القول إن التفكير هو نعمة قيمة يجب علينا شكر الله عليها واستغلالها لفهم العالم بشكل أفضل ورسم مسار حياة واعية. فالذين يتمتعون بعقل متأمل قادرون على إدراك معاني الحياة بعمق، بينما الذين يرفضون العمل بالعقل يفقدون قيمة هذه النعمة، مما يسهل عليهم الوقوع في هاوية الجهل والتخلف. لذا، يجب علينا كمجتمع أن ندعم التفكير الفعال ونسهم في نشر هذه الحقيقة بين شبابنا وأطفالنا لضمان مستقبل مشرق ومزدهر.
في يوم من الأيام ، كان هناك شاب يُدعى إحسان يجلس في مقهى يتحدث مع أصدقائه عن الحياة ومستقبلهم. أحد أصدقائه تحدث عن التفكير والتأمل قائلاً: 'كم هو جميل أن يفكر الإنسان في حياته ويحدد أولوياته وأهدافه.' أدرك إحسان فجأة ما إذا كان قد منح هذا الجانب من الحياة اهتمامًا كافيًا. بعد ذلك ، قرر أن يتفكر أكثر في نفسه وأفعاله ، وينظر إلى العالم من حوله بوجهة نظر جديدة. بعد بضعة أشهر ، شعر إحسان أن حياته قد تغيرت ، ونتيجة لذلك ، أصبحت علاقاته مع أصدقائه وعائلته أفضل وأعمق.