يمكن أن يؤدي الإهمال نحو الله والانشغال بمشاغل الدنيا إلى ابتعاد الأفراد عن العبادة. بالإضافة إلى ذلك ، يمكن أن يؤدي الخوف من الرفض إلى تجنب بعض الناس العبادة.
في القرآن الكريم، أوضح الله تعالى أهمية الطاعة والعبادة لأجل تعزيز الإيمان وتقوية الروابط الروحية بين الإنسان وخالقه. وردت الكثير من الآيات التي تدعو إلى الصبر في العبادة والتآزر مع المؤمنين، ولكن على الرغم من ذلك، نجد أن بعض الناس يعرضون عن العبادة لأسباب متعددة. إن فهم هذه الأسباب يعتبر ضروريًا لمساعدتنا على تصحيح سلوكياتنا وتعزيز روابطنا الروحية. أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل بعض الأفراد يتجنبون العبادة هو الغفلة عن ذكر الله. في عالمنا المعاصر، يٌعاني الكثيرون من انشغالهم بالشهوات الدنيوية ومطالب الحياة اليومية. نجد أن هناك تمجيدًا للمصالح المادية وسبل العيش التي تلهي البعض عن التفكير في الآخرة وعبادة الله. وهذا ما أشار إليه الله تعالى في سورة آل عمران، حيث قال: "كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ" (آية 185). تذكرنا هذه الآية بأن حياة الدنيا زائلة، وأنه من الأهمية بمكان أن نتذكر أين تتجه حياتنا الحقيقية. أولئك الذين ينشغلون بجمع المال والمصالح الدنيوية قد يغفلون عن العبادة وعن قربهم من الله. إن العبادة ليست فقط مجموعة من الطقوس، بل هي أسلوب حياة يتطلب التركيز والتأمل في مغزى الوجود. وعلاوة على ذلك، هناك سبب آخر قد يفسر تجنب بعض الأفراد للعبادة، وهو الخوف واليأس. إذ يشعر بعض الناس أن رحمة الله قد لا تشملهم بسبب الذنوب التي ارتكبوها، مما يدفعهم للشعور بعدم الاستحقاق. وكما ورد في سورة المؤمنون، الآية 60، قال الله عز وجل: "وَإِنَّهُمْ لَتَذْهَبَ إِلَى عَذَابٍ فَظِيعٍ، مَنْ يَحْكُمُ عَلَيْكُمُ؟". تذكرنا هذه الآية بعدم اليأس من رحمة الله العظيمة، وأنه يجب علينا دائمًا البحث عن طرق للتقرب إليه. إن الله سبحانه وتعالى رحيم بعباده، ويريد لهم الهداية والطريق المستقيم. وفي حال قصر الإنسان في عبادته، يجب عليه أن يبادر بالتوبة، والرجوع إلى الله، والنظر في العبر والدروس التي يمكن أن يتعلمها من حياة الآخرين. إن اليأس هو عدو محارب، وعندما ينتشر في قلوب الناس، فإن ذلك يؤدي إلى انقطاع الصلة بالله. من الواضح أن العبادة والتقرب إلى الله تتطلب مجهودًا دائمًا وإرادة قوية. يجب على الإنسان أن يسعى جاهدًا لتنمية نفسه روحيًا، وأن يعتمد على إيمانه في مواجهته للتحديات اليومية. الإيمان ليس مجرد كلمات تُقال، بل هو كذلك عمل يتطلب الفعل والنشاط. لكي نعزز عبوديتنا لله، يجب أن نخصص وقتًا للذكر والتأمل والتفكر في عظمة الله ونعمه. يمكننا أن نبدأ بخطوات بسيطة، مثل قراءة القرآن بانتظام، والتفكر في معانيه، وممارسة الدعاء. إن الدعاء هو باب مفتوح للعباد، يمكننا من خلاله عرض حاجاتنا ورغباتنا إلى الله. يجب أيضًا أن ندرك أن العبادة ليست فقط فعلًا فرديًا، بل هي في الغالب عمل جماعي يتطلب تواصلنا مع المجتمع الذي نعيش فيه. المشاركات في الأنشطة الجماعية، مثل صلاة الجماعة أو العمل الخيري، تعزز الإيمان وتزيد من شعورنا بالانتماء. إن العمل من أجل الخير، وتقديم المساعدة للآخرين، يشكّل جزءًا أساسيًا من العبادة. في النهاية، فإن العبادة والتقرب إلى الله هما جهد دائم ومستمر يجب أن ننميه بإرادة قوية. إن المرأة والرجل المؤمنين يسعون دائمًا للتقرب إلى الله، ويعتمدون على إيمانهم لصنع الفارق في حياتهم وحياة الآخرين. لذلك، لنجعل عبادتنا سلوكًا أساسيًا في حياتنا، ونسعى دائمًا لتحقيق الرضا الإلهي لأن الله هو مالك الرحمة ومصدر الأمل. لنذكر أنفسنا دائمًا بأن كلها تطلب الجهاد والنفس حول العبادة من أجل تحقيق الإنجاز الروحي والنجاح في الدنيا والآخرة.
في يوم من الأيام، في زقاق مزدحم، كان هناك شاب يدعى سجاد يتجول. كان يفكر في سبب ابتعاده عن العبادة وشعوره بالملل. طلب نصيحة من حكيم دين، الذي نظر إليه بنظرة حنونة مثل الأم وقال: "سجاد، إذا نسيت ذكر الله، فسوف يكون قلبك دائمًا مضطربًا. بعد سنوات، ستدرك مدى عدم دوام هذه الدنيا." لامست كلمات سجاد، وقرر أن يقضي وقتًا أطول في العبادة والتواصل مع الله.