يقع الإنسان في الغفلة بسبب انشغاله بالأمور الدنيوية وإغفاله ذكر الله.
تعاني العديد من المجتمعات اليوم من ظاهرة الغفلة، التي قد تكون نتيجة لعوامل متعددة ومحفزات يومية يشعر بها الفرد. إن الغفلة ليست مجرد حالة من عدم الوعي، بل هي حالة انفصام عن الواقع، حيث يمكن أن يؤدي عدم التركيز على الأمور الحياتية الهامة إلى فوات الفرص وفقدان المعاني العميقة للحياة. وفي هذا السياق، نتناول في مقالنا هذا ماهية الغفلة، أسبابها، والوسائل الممكنة للتغلب عليها من خلال الإرشاد القرآني والتوجيهات الأخلاقية. الغفلة هي حالة من انعدام الوعي أو الانشغال عن الأمور المهمة، مما يجعل الأفراد يُفوتون على أنفسهم فرص التفكير العميق وفهم معاني الحياة. إن أحد الأسباب الرئيسية لهذه الغفلة هو الانغماس في الأمور الدنيوية. نحن نعيش في عصر يحفز فيه الإنشغال بأمور الحياة اليومية المتعددة، من العمل إلى الرفاهية، مما يجعل أفراد المجتمع يتجاهلون الأسئلة الكُبرى المتعلقة بمعنى الحياة والغاية منها. في هذا الاتجاه، يُذكر القول القرآني الذي يُشير إلى هذه الحافة، حيث نجد في سورة الأعراف، الآية 179: 'ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس، لهم قلوب لا يفقهون بها، ولهم أعين لا يبصرون بها، ولهم آذان لا يسمعون بها.' هذه الآية تعكس حالة الإنفصال بين الإنسان وبين الإيمان العميق، حيث أنه وهو يحمل القدرة على الفهم والاستنباط، إلا أنه يقف عاجزًا أمام حقائق وجوده. من جهة أخرى، الغفلة أيضًا تنشأ نتيجة للعيش في بيئات مليئة بالملذات والمشتتات المختلفة. اليوم، مع ثورة المعلومات والاتصالات، يعيش العديد من الناس في حالة من الضياع الفكري، حيث يتلقون معلومات وتحفيزات بصرية وصوتية بشكل مستمر. هذه المنبهات قد تكون جذابة من حيث الإغراءات، لكن في الواقع، تمنعهم من التوجه نحو روحانيات الحياة وقيمها الحقيقية. وهذا ينعكس سلبًا على إدراكهم لنفسهم واحتياجاتهم الروحية. وفي هذا السياق، يأتي التوجيه الإلهي في سورة التغابن، الآية 14: 'يا أيها الذين آمنوا لا تشغلكم أموالكم وأولادكم عن ذكر الله.' هذا التنبيه يعكس ضرورة التوازن بين الحياة المادية والروحانية، ويشير إلى أن الانشغال بالأمور الحياتية يمكن أن يبعدنا عن الأمور الأكثر أهمية. إن التفكير في طريق الخلاص من هذه الغفلة يجب أن يكون جادًا ومنظمًا. فالتربية الروحية تصبح واحدة من الوسائل الأساسية التي يمكن أن تساعد الأفراد على التغلب على هذه الحالة. ومن ثم، يجب أن يوجه الأفراد اهتمامهم نحو تربية أنفسهم وتعليمها بمبادئ القرآن الكريم التي تعزز من روح الالتزام والفهم. كما ينبغي أن يُعتبر التأمل في النصوص القرآنية والحديث النبوي الشريف كوسيلة للبحث عن الفهم العميق لحياتهم. إن إدراك الغفلة هو الخطوة الأساسية نحو تغيير الحياة، فمن المهم أن يسعى الفرد لتعلم من الغفلة وعدم السماح لها بالتحكم في مسار حياته. يجب على المرء أن يسعى للحفاظ على الوعي الكامل بجوانب حياته، من خلال التفكير في قيمه الروحية والأخلاقية، وكذلك من خلال ممارسة التأمل والتفكير العميق. إن العودة إلى الدروس المستفادة من القرآن الكريم يمكن أن تكون دافعًا حقيقيًا للتحول إلى الأفضل. وفي ختام هذا المقال، يُمكن القول إن الغفلة ظاهرة تزداد شيوعًا في مجتمعاتنا ذات الإيقاع السريع. لكن، من خلال الوعي والمعرفة، يمكن للناس أن يتجاوزوا هذه الحالة. يجب أن يكون هناك وعي دائم بدور التعليم والروح في حياتنا، وتوجيه الجهود نحو القيم النبيلة التي تعزز من الفهم والوعي. إن السعي في مفاهيم الحياة الروحية يجلب للإنسان السلام الداخلي، ويوفر له فرصة للتواصل مع ذاته ومع الله، مما يحميه من مشاعر الغفلة وينقذه من مصير مظلم.
كان ياما كان في قرية، رجل يُدعى علي كان دائم الانشغال بالعمل والتجارة في الشوارع والأسواق. شيئًا فشيئًا، أصبح غافلاً عن الله ومركزاً قلبه على الملذات والممتلكات الدنيوية. في يوم من الأيام، سأله أحد أصدقائه: 'علي! هل فكرت يومًا فيما تقدر في الحياة؟' اندهش علي من هذا السؤال وقرر أن يتأمل لبعض الوقت. من خلال التفكير والعودة إلى آيات القرآن، اكتشف حقيقة غيّرت حياته؛ قرر أن يقضي مزيدًا من الوقت في العبادة والصلاة، وبالتالي خرج من الغفلة.