لقد منح الله البشر حرية الإرادة ، لذا فإن الخطأ جزء من طبيعتهم مما يؤدي إلى النمو وتجارب أكثر.
أعطى الله تعالى البشر القدرة على حرية الإرادة، وهذا الأمر يتجلى بوضوح في القرآن الكريم. إن حرية الاختيار يمنح الإنسان القدرة على اتخاذ القرارات المتعلقة بحياته، سواء كانت هذه الاختيارات صائبة أم خاطئة. فالله سبحانه وتعالى منح هذه النعمة كوسيلة لتمكين الإنسان من تحقيق فطرته السليمة ومنح الفرصة للنمو والتطور. إن هذا الجانب من حرية الإرادة يُعتبر نعمة ولكن أيضًا اختبارًا، حيث يتعين على الأفراد استخدام هذه الحرية بحكمة ووعي. يُعتبر الخطأ جزءًا جوهريًا من طبيعة البشر، فتجربة الخطأ تأتي مع تجربة التعلم. إن عدم الكمال الموجود في البشر يمكنهم من التعلم من أخطائهم وتنمية شخصياتهم. يُظهر لنا القرآن الكريم كيف أن الأخطاء والتجارب الصعبة يمكن أن تكون بمثابة محطات للتعلم والنمو الروحي. وقد ذكر الله في سورة التوبة في الآية 51: "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا"، مما يؤكد على أن كل ما يحدث في حياتنا هو جزء من اختبار الله لنا، وأن الإنسان لا يستحق أن يظن نفسه معصومًا. كما في سورة البقرة، الآية 155، قال الله تعالى: "ولنبلُوَنَّكُم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، وبشر الصابرين". من خلال هذه التجارب، يأمرنا الله بالتحلي بالصبر، وهو الدرس الأساسي الآتي من التجارب القاسية. يختبر الله الناس بالت تعرضهم للخوف والجوع، وبفقدان الثروات، لكي يُظهر من هم الصادقون في إيمانهم ومن يشعرون بالفزع في وجه التحديات. هذه التجارب لا تعتبر مجرد أحداث سلبية، بل هي بمثابة فرص للإنسان لينمو روحيًا ويقربه من الله. إن العلاقات الإنسانية مع الله تتشكل من خلال تلك الفترات الصعبة. كلما واجه الإنسان تجربةً صعبةً، كان لديه الدافع للاعتماد على الله والتوجه إليه بالدعاء. وبهذا، تتعمق العلاقة الروحية بين الإنسان وخالقه. يُظهر القرآن أن الأفراد الذين يتحملون التجارب بشجاعة هم في النهاية من يُنعم عليهم برحمة الله. يُعطي الله المجال للتوبة ومن خلال هذا المجال، يُعطي الأمل للكثيرين في تصحيح مساراتهم. الأمل هو جوهر التوبة، حيث يرحب الله بأي شخص يرغب في العودة إلى الطريق الصحيح. قد يُخيل للبعض أن الأخطاء والفشل يمكن أن تؤدي إلى اليأس والتخلي عن المحاولات، ولكن القرآن يعلمنا أن الله رحيمٌ وغفور، وأن العودة إلى الله دائمًا متاحة. في سورة الفرقان، يقول الله: "والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم"، مما يُشجع على تفعيل مفهوم التوبة كوسيلة لتحقيق المصالحة. إن التوبة يمكن أن تكون بداية جديدة، والدليل على رحمة الله بالعباد. ويُعتبر العتمة التي قد يمر بها الإنسان بسبب اتخاذ القرارات الخاطئة أو فشله في مواجهة تحديات الحياة هي مجرد غيمة في سماء حياته، حيث أن الأمل قادر على إضاءة هذه العتمة. يُعلمنا الإسلام أن اللحظات الصعبة لا تعني النهاية، بل هي محطات للنمو. إن التوجه بالندم إلى الله والتوسل إليه يمكن أن يغير المسار ويعيد التوازن للروح. حرية الإرادة تكمن في التوجيه الصحيح نحو الإيمان، واستخدام كل تجربة سواء كانت جيدة أو سيئة كوسيلة للتعلم. وفي النهاية، علينا أن نفهم أن كل خطوة نتخذها نحو الاختيار الجيد لها ثمار إيجابية، وأن الأخطاء ليست نهاية المطاف، بل هي جزء من لا مبادئ الحياة. فالله سبحانه وتعالى لا يُريد لعباده العذاب، بل يُريد لهم السعادة والإرشاد. إن الحكمة الإلهية في السماح بالأخطاء تدعونا جميعًا إلى التفكير والدعوة للتوبة. الوطن الروحي للإنسان في نهاية المطاف هو التوبة العبر كل اختياراته، وعلينا أن نسعى لأن يكون لنا قلوب مخلصة لله في كل عمل نقوم به. إن الهدف الأسمى هو تحقيق رضى الله والعيش حياة مليئة بالخير والصلاح، مستعينين بمرشدنا الدائم وهو القرآن، الذي يقدم لنا القيم السليمة لتوجيه حياتنا.
في يوم صيفي دافئ ، جلس علي يفكر في حياته. تذكر آيات القرآن وأدرك أن البشر يخطئون ليس بسبب ضعفهم ولكن لأنهم يتم اختبارهم في هذا العالم. ذات يوم ، قال له صديق: "علي ، في كل مرة تخطئ فيها ، يمكنك أن تسعى لتحسين نفسك بالتوبة والعودة إلى الله." أثرت هذه الكلمات في علي ، مما دفعه للتغلب على أخطائه والسعي للتواصل بعمق أكثر مع الله. شعر أن هذه الأخطاء لم تكن مجرد نقاط ضعف ، بل فرص للنمو والتعلم.