نسيان ذكر الله وعدم مراعاة أوامره هما سبب الابتعاد عن الهداية.
في القرآن الكريم، يُعتبر موضوع الهداية والابتعاد عنها من الأمور الأساسية التي تشغل بال المؤمنين وتستحق الكثير من التأمل والتفكر. فالهداية تمثل النور الذي يُضيء درب الإنسان في حياته، بينما تُعَدُّ الضلالة حالة من التيه والإحباط التي قد تصيب النفس البشرية. تطرّق القرآن الكريم إلى هذه المسألة بكثير من الحكمة والإيضاح، حيث يُظهر بجلاء أن سبب ابتعادنا عن الهداية يعود إلى عدة عوامل. أحد هذه العوامل الرئيسية هو نسيان ذكر الله وعدم مراعاة أوامره. عندما نقوم بتجاهل الذكر والتفكر في عظمته، نفتح الأبواب لوساوس الشيطان التي تؤدي بنا إلى الفتنة والضلالة. وقد جاء في سورة الأنفال، الآية 24، ذكر واضح للدعوة التي يوجهها الله عز وجل للمؤمنين للالتزام والمناجاة: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا استجابوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم". هذه الآية تدعونا بشكل صريح للاستجابة لدعوة الله ورسوله، كونها الوسيلة الوحيدة لتحقيق الحياة الحقيقية والسعادة الأبدية. إن الفهم الدقيق لهذه الآية يجعلنا ندرك أن الحياة التي نعيشها بحاجة دائمة للإلهام والتوجيه من源 الإيمان، وإلا فإننا سنصبح عرضة للضياع. إن استجابة المؤمن لكلام الله ورسوله ليست مجرد واجب عبادي، بل هي خطوة أساسية نحو الإبقاء على الهداية. وعندما نقف في مقابل هذه الدعوة ونتجاهلها، نفقد المسار الذي يقودنا نحو الرشد. ففي سورة آل عمران، الآية 8، تظهر خطورة هذا الإهمال: "رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا". هنا، نجد المؤمن يدعو الله بصدق وإخلاص، مُظهراً شعوره بضعف النفس وحاجتها إلى العون الإلهي. فالقلوب عرضة للزيغ والفتنة، مما يجعل دعاء المؤمن ضرورة ملحّة للحفاظ على استقامة القلب وثباته. ومن الجدير بالذكر أن الذنوب والمعاصي تعتبر أيضاً من الأسباب الرئيسية التي تُؤدي إلى الابتعاد عن الهداية. في سورة المائدة، الآية 90، ورد تحذير مفادُه: "إنما يريد الشيطان أن يقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر". في هذه الآية، يكشف القرآن الكريم عن كيفية عمل الشيطان في إبعاد النفس البشرية عن النور والهداية من خلال الترويج للذنوب والمحرمات، وخاصةً تناول الخمر والميسر التي قد تؤدي إلى الفوضى والخراب النفسي والروحي. إن الهدف الأساسي للشيطان هو زرع الفتن ونشر الفساد في المجتمعات، وهو يسعى دوماً للتأثير على المؤمنين وجعلهم ينغمسون في الذنوب التي تضعف إيمانهم وتفقدهم الخشوع والذكر. ومن هنا، فإن الابتعاد عن المعاصي والتمسك بالفضيلة هما من الأمور الضرورية للحفاظ على الهداية. بالتالي، يتبين لنا جلياً أن الهداية ليست مجرد حالة تسير فيها النفس في طريق الحق، بل هي جهود مستمرة تتطلب الإخلاص والالتزام. وعلينا كمؤمنين أن نستمر في السعي نحو ذكر الله وتطبيق أوامره في حياتنا اليومية. يتعين علينا أن نستشعر قيمة الذكر في حياتنا وكيف أنه يعيد الروح إلى قلب المؤمن ويشحن الهمة لمواجهة التحديات والمغريات التي قد تعترض سبيلنا. ولا ننسى أهمية الصحبة الصالحة في تعزيز الإيمان والحفاظ على الهداية. فالأصدقاء الذين يشاركوننا في طاعة الله ويسعون جاهدين للمحافظة على دينهم يعدّون من أهم مقومات الاستمرارية في السير على الطريق المستقيم. عندما نحاط بأشخاص إيجابيين يُذكروننا بالله ويُحفّزونّا على الخير، نكون في أمان من تأثيرات الفتنة. وفي الختام، يمكننا القول أن الهداية هي نعمة من الله تستحق الشكر والتقدير، وهي في الوقت نفسه مسؤولية كبيرة تقع على عاتق كل مؤمن. يجب أن نسعى دائماً نحن كمسلمين لتثبيت قلوبنا في طاعة الله، ومحاربة الضلالة بكل أنواعها. القيام بالعبادات، ذكر الله في كل وقت، الابتعاد عن المعاصي، صحبة الصالحين، كل هذه الأمور تساهم في الحفاظ على الهداية وتطهير القلوب من الأغراض السيئة. علينا أن نتفكر ونجعل من قلوبنا موطناً للهداية، ونسأل الله أن يثبتنا على الحق وأن يبعدنا عن كل ما يبعدنا عن رضاه.
في أحد الأيام في قرية ، كان هناك شاب يدعى حسن كان دائمًا غافلاً عن ذكر الله. كان مشغولاً أكثر بالمرح والمتعة وبدأ يشعر أن حياته فارغة من المعنى. في يوم من الأيام ، زار عالم دين وطلب منه الإرشاد. قال العالم: 'يا أخي ، تذكر الله وسر في سبيله. فقط من خلال ذكره ستجد السلام والهداية في حياتك.' وبفضل هذه النصيحة ، بدأ حسن في ذكر الله وتغيرت حياته. رأى أنه لم يعد بعيدًا عن الهداية وكان دائمًا على الطريق الصحيح.