لماذا يجب علينا أن نفعل الخير حتى لو لم نحصل على رد؟

يجب القيام بالأعمال الصالحة من أجلها ولنية خالصة، وليس فقط من أجل المكافأة. إن الله يمنح المكافآت غالبًا بعد الصبر.

إجابة القرآن

لماذا يجب علينا أن نفعل الخير حتى لو لم نحصل على رد؟

آيات القرآن الكريم تُعتبر نبراسًا يُضيء لنا دروب الحياة، حيث تركز على ضرورة القيام بالأعمال الصالحة والإحسان كجزء لا يتجزأ من إيماننا. إن الله تعالى في العديد من الآيات يُرسخ مفهوم البر، حيث يقول في سورة البقرة، الآية 177: "ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب، ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والأنبياء، وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب، وأقام الصلاة وآتى الزكاة، والموفون بعهدهم إذا عاهدوا، والصابرين في البأساء والضراء، وحين البأس. أولئك هم الصادقون وأولئك هم المتقون". من خلال هذه الآية، يتضح لنا بأن مفهوم البر ليس مجرد اتجاهات أو وجهات، بل هو أفعال يُسجلها الله في صحائفنا بناءً على نوايانا وما نقدمه من خير للآخرين. البر هنا يعكس روح الإيمان العميقة لدينا، فهو يعبر عن سلوكيات ترتكز على القيم الأخلاقية والاجتماعية السليمة. الإيمان هو المرحلة الأولى، ولكن حتى يكتمل هذا الإيمان، يجب أن تتبعه أعمال صالحة تعبر عن صدق هذه النوايا. يتطلب الإحسان منا أن نكون مصدر دعم وعون، سواء في تقديم المساعدة المادية أو في دعم الأفراد معنويًا. علاوة على ذلك، الله سبحانه وتعالى في آية أخرى من سورة البقرة، الآية 261، يضرب لنا مثلًا جميلًا عن أعمال الإنفاق: "مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبّة. والله يضاعف لمن يشاء". هذه الآية تعكس أن إخراج المال في سبيل الله ليس مجرد تبرع، بل هو استثمار تحتاجه أرواحنا ونفوسنا. في هذه الصورة البيانية، يُظهر الله لنا أن الأعمال الصالحة تعود على فاعلها بالنفع والفائدة، بحيث تزيد من معانٍ أجمل للحياة، وتُغذي الحب والكرامة. الأعمال الصالحة تترجم أيضًا إلى ثمارٍ لا يمكن إنكارها. فكل ما نقدمه من خير في هذه الحياة هو بمثابة بذور نزرعها، وعندما نعتني بها، نجني نتائجها بأضعاف مضاعفة. وذلك يعكس مفهوم العطاء الحقيقى، الذي يُعد عمليًا استثمارًا للوقت والجهد، حيث نتوقع أجرًا من الله سواء في الدنيا أو الآخرة. وهذا دليل على أن الله الذي يمتلك كل شيء، هو أيضًا قادر على مضاعفة الأجر وإعطائنا ما لا نظن. ومع ذلك، لا ينبغي أن يكون دافعنا لفعل الخير هو البحث عن مكافآت مادية أو اعتراف من الآخرين، بل يجب أن يكون دافعنا أعمق من ذلك، ينبع من رغبتنا الحقيقية في نشر الخير. في عالم تُديره المشاغل والمصالح، قد تشعر أحيانًا بأن أعمالك الصالحة تمر دون أن تلاحظ. ولكن تذكّر، كل عمل خير تُقدِمه لا يذهب سدى. قد لا نرى نتائجه الفورية، ولكن تأثيره يمتد عبر الزمن. إن آثار الأفعال الطيبة تمتد لتتجاوز حياتنا الذاتية، وقد تُغير حياة الآخرين بطرق لا نتوقعها. فكل ابتسامة، وكل كلمة طيبة، وكل مساعدة بسيطة تعبر عن إنسانيتنا يمكن أن تُشعل شعلة الأمل في قلوب الآخرين. كما يقول المثل: "الفعل الطيب يزرع ابتسامة في النفوس". لذا، يجب علينا الاستمرار في تعزيز قيم اللطف والحق والعدالة. كذلك يمكن أن نقول إن أكبر مكافآتنا قد لا تكون في هذا العالم. نحن نعمل اليوم بما يرضي الله حتى ننال رضاءه في الآخرة. الحياة قصيرة، لذا فلنستغلها في فعل الخير والإحسان، ولنتذكر أن ما نقدمه اليوم هو الزاد الذي سيؤسس لنا مستقبلاً أجمل. إن في الآخرة نستحق مكافآت عظيمة لا يمكن أن تُقارن بشيء مما نجنيه في هذه الدنيا. إذا فعلنا الخير بصدق، سنحصل على ثمار هذه الأعمال في سواء في الدنيا من خلال شعور النفس بالسلام الداخلي، أو في الآخرة بمزيد من الأجر والثواب. علينا أن نواصل مسيرتنا في فعل الخير وأن نعتبره واجبًا دينيًا وأخلاقيًا، لأنه يعكس إيماننا وحبنا للآخرين. لنستمر في زرع الأمل، ومساعدة الآخرين، ونشر الخير، فكل عمل صغير يُسجل في عطاءاتنا الكبيرة في ميزان حسناتنا. فالحياة قصيرة، ولكن آثارنا الطيبة ستبقى خالدة على مر الزمن، وهذا هو مبدأ الإحسان الذي تجلّى في تعليم القرآن الكريم.

الآيات ذات الصلة

قصة قصيرة

في يوم من الأيام، ذهب رجل إلى السوق وأثناء تسوقه، لاحظ طفلًا بلا مأوى. أعطاه على الفور بعض المال ليشتري طعامًا. مدحه الناس من حوله على هذا الفعل الكريم، لكنه رد بابتسامة، قائلاً إنه فعل ذلك لله، وليس لجذب الانتباه. مع مرور الوقت، رأى جيرانه كيف أثر إحسانه على حياتهم وقرروا الاستمرار في هذا العمل الخيري.

الأسئلة ذات الصلة