تركز على الواجبات يعكس الإيمان الحقيقي والاتصال بالله، بينما يجب ألا تغطي المستحبات عليها.
إن القرآن الكريم هو الكتاب الذي أنزله الله تعالى على عباده هدايةً ونورًا، وقد جاء ليبين لهم الطريق المستقيم الذي يؤدي إلى رضاه وجناته. ومن أهم ما ركز عليه هذا الكتاب العظيم هو الواجبات والالتزامات الدينية التي يجب على المسلم الالتزام بها. إن الواجبات الدينية هي تلك الأعمال التي رسمها الله تعالى، ووضع لها أحكامًا واضحة، وإغفالها يعني الابتعاد عن الهداية الإلهية والضلال. فالفرائض تعتبر ركنًا من أركان الإسلام التي لا بد من الالتزام بها لضمان النجاح في الدنيا والآخرة. في سورة البقرة، الآية 177، نجد تأكيدًا واضحًا من الله على أهمية الإيمان والعمل الصالح، حيث يقول سبحانه: 'ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب.' يظهر من هذه الآية العظيمة أن الإيمان ليس مجرد شعور داخلي أو كلمات تُقال، بل هو بالأحرى عمل متكامل يُترجم إلى أفعال واقعية تعكس حقيقة الإيمان. فالبر هو الطريق المستقيم الذي يجب أن يسير عليه المسلم الذي يؤمن بالله واليوم الآخر، مما يدعونا للعمل والالتزام بأوامر الله. تحتوي هذه الآية كذلك على تأكيد على أن العمل الصالح يجب أن يكون محددًا ضمن الواجبات التي تشكل مفهوم الحياة الإيمانية. فالمستحبات على الرغم من كونها تُكسب الأجر، إلا أنها ليست إلزامية، ويجب ألا تحل محل الواجبات التي تم تحديدها. إن تنفيذ المستحبات علامة على حب الله وشكر النعم التي أنعم بها على عباده، ولكن يبقى تساؤل: هل يمكن للمستحبات أن تأخذ مكان الواجبات؟ الجواب هنا هو بلا! لا يجوز للمستحبات إغفال الواجبات، فلكل منهما مكانته في ديننا الحنيف. أيضًا، نجد في سورة المؤمنون، الآية 115 تأكيدًا على أهمية الأعمال التي يقوم بها المؤمنون، حيث يسأل الله عباده: 'أم حسبتم أنما خلقناكم عبثًا وأنكم إلينا لا ترجعون؟' هذه الآية تذكرنا بحقيقة مهمة؛ وهي أننا في النهاية سنعود إلى الله، وهذا التصور يغير من أولوياتنا. الأعمال التي نقوم بها ونعمل من أجلها يجب أن تكون كلها مستندة إلى الواجبات الدينية. فعندما ينظر المؤمن إلى هذه الحقيقة، يدرك كما هو重要 بمزيد من الجدية الالتزام بما أوجب الله عليه. لا يمكن أن نتجاهل أيضًا أن هناك الكثير من الأمور التي قد تُشتت انتباه المؤمن عن التركيز على واجباته الدينية. هناك أشياء في الدنيا وأعمال قد تلهي الإنسان، ولكن لا ينبغي أن تجعلنا ننسى مسؤولياتنا الدينية. التوازن بين الحياة الدنيوية والدينية هو الأساس، فالعمل الصالح في الأعمال الدنيوية يجب أن يُعزز من الأجر الذي يناله الإنسان يوم القيامة. وفي حياة المسلمين اليومية، يظهر أثر الواجبات الدينية جليًا في سلوكياتهم وأخلاقهم. الالتزام بالصلاة، الزكاة، الصوم، والحج، هي أركان تهدف إلى تحقيق التوازن الروحي والجسدي للإنسان. كما أن المسلم يتمسك بقيم ومبادئ تعكس إيمانه، مثل الصدق، الأمانة، والعطاء. هذه القيم تنبع من تعاليم القرآن والسنة، وتسهم في بناء مجتمع فاضل. إضافةً إلى ذلك، يتطلب الحفاظ على الواجبات الدينية الوعي واليقظة. يجب على المسلم أن يكون واعيًا للمسؤوليات الملقاة على عاتقه، وأن يسعى دائمًا للمحافظة على علاقته بالله. الوعي الديني القوي هو الذي يدفع الإنسان للقيام بواجباته، ويجعله يأخذ الأمر على محمل الجد. في الختام، يتضح من خلال الروية للقيم المستمدة من القرآن والسنة أن الاهتمام بالواجبات الدينية هو أولوية أساسية في حياة المؤمن. يجب علينا كمسلمين أن ندرك جيدًا أن القيام بواجباتنا بكل إخلاص وأمانة سيحقق لنا النجاح في الدنيا والآخرة. الفرار من الواجبات تعرضنا للضياع، بينما الالتزام بها يقربنا من الله ويعزز من خُطانا على طريق الهداية. إن الواجبات الدينية ليست مجرد التزامات بل هي منارة ترشدنا إلى الطريق الصحيح في حياتنا.
في يوم ربيعي، كان علي جالسًا يتأمل في حياته. شعر بأنه يجب أن يحدد أولوياته. عند قراءة آيات القرآن، أدرك أن الإيمان والأعمال الصالحة يجب أن يكونا أساس حياته. قرر أن يعطي المزيد من الاهتمام لواجباته مع الاستمرار في الانخراط في المستحبات. تدريجياً، شعر بأن حياته أصبحت أكثر معنى وهدفًا.