يمكن للشخص أن يعبر عن مشاعره لله ، لكن من الأفضل أن يتخذ هذا التعبير شكل الدعاء.
في القرآن الكريم، تُعتبر التعبير عن المشاعر والقلق في الدعاء وسيلة هامة للتواصل مع الله سبحانه وتعالى. فقد أظهر الله لنا في كتابه العزيز شتى الإشارات التي تدل على قربه من عباده ورغبته في سماع أصواتهم وآلامهم. تعتبر الشكوى من الله، رغم عدم تناولها بشكل صريح، جزءًا من التجربة الإنسانية التي تعبر عن المعاناة والقلق، ومن خلالها يمكن تحويل هذه المشاعر إلى طلب مساعدة ورحمة من الخالق. تبرز الآيات القرآنية في هذا السياق دور الدعاء كوسيلة لتعبير الإنسان عن مشاعره. ربما تكون الآية الأكثر وضوحًا هي ما جاء في سورة البقرة، الآية 186 حيث قال الله: "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ". تؤكد هذه الآية على قرب الله منا وأنه يستمع إلينا، وهي تحمل رسالة قوية تؤكد أن إذا تواصلنا إليه بصدق، فإنه سيستجيب لدعواتنا. وفي سياق الاشتياق والتواصل مع الله، نجد أن الله لا يطمئننا فقط بقربه، بل يدعونا أيضًا إلى تقديم مشاعرنا له، مما يفتح لنا بابًا واسعًا للتعبير عن مكنون قلوبنا وأفكارنا. إن الشكوى في سياق الدعاء تُعتبر طريقة للتعبير عن الألم والحاجة، مما يعكس لله مدى حاجتنا إلى رحمته وعونه. أيضًا، نجد آية أخرى تدعم هذا المفهوم في سورة الزمر، الآية 53، حيث يقول الله: "قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ آمَنتُمْ اتَّقُوا رَبَّكُمْ". في هذه الدعوة، نستشعر توجيهات إضافية تحثنا على عدم اليأس من رحمة الله ونعمته. إن الله يدعونا إلى التقوى والإيمان، وهذا يهيئ لنا بيئة ملائمة للعبادة والدعاء. يُظهر لنا ذلك كيف نُعالج مشاعرنا، بجعلها دعاء بدلًا من الشكاوى الخالية من الأمل. إن التأمل في آيات أخرى من القرآن يكشف لنا أن الله قد أعد المؤمنين للأوقات الصعبة وأنهم سيتعرضون للاختبارات. يقول الله في سورة البقرة، الآية 155: "وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ". هذا يشير إلى أن الألم جزء طبيعي من الحياة، لكن كيف نرد على هذا الألم هو ما يُعَرِّفنا. وفعل الصبر هو جسر يربطنا بتثبيت وثقته بأننا نثق في الله ونقف بجانبه. يُعتبر الدعاء في أوقات الشدة من الأعمال العظيمة التي تُقرب العبد من ربه. وقد أشار النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "أكثروا من الدعاء فإن الله سبحانه وتعالى يحب أن يسأل". مما يعني أن لجأت إلى الله في أوقات الضيق، فإننا نتبع ما كُتب في سنة النبي. من خلال الدعاء، يمكننا أن نُفكر في أحوالنا ونتوجّه بمشاعرنا إلى الله بدلًا من الاستسلام للشكوى. بعبارة أخرى، يمكننا صب ألمنا الذي نشعر به في كلمات تعبر عن طلب الخلاص أو الفرج أو راحة القلب. وبالتالي، فإن الدعاء ليس مجرد كلمات تُقال، بل هو حوار يعيش بين العبد وخالقه. عندما ننظر إلى مفهوم الشكوى في الدعاء، نجد أنه ليس محظورًا علينا التعبير عن مشاعرنا، بل إن هذا التعبير قد يكون وسيلة للتواصل بشكل أعمق مع الله. بدلًا من رفع أصواتنا بالشكوى من الأقدار، يُعتبر توجيه المناجاة لله في شكل دعاء طريقة تعكس وعيّنا بأهمية القرب منه، وهي خطوة محورية نحو الشفاء الروحي والنفسي. لذا، يتعين علينا أن نتعلم كيفية تحويل مشاعر الشكوى إلى دعاء نطلب فيه العون والمساعدة من الله. يجب أن يكون الأمل حاضرًا في قلوبنا، ويجب أن نتذكر أن الله قريب من عباده وهو يسمع ويرى كل شيء. بالاستمرار في تعزيز علاقتنا بالدعاء، يمكن أن تبقى قلوبنا مليئة بالإيمان والأمل، مما يساهم في تحسين حالتنا النفسية والروحية.
كان هناك رجل اسمه علي يشكو من حياته. كان يشعر أنه لا أحد يفهمه. فقال لنفسه: 'لماذا يجب أن أعاني كثيرًا؟' لكنه أدرك أنه يمكنه استعادة السلام في حياته من خلال الدعاء وطلب المساعدة من الله. وجد نفسه يشكو ويدعو في نفس الوقت، لكنه قرر أنه سيلجأ دائمًا إلى الله ويدعوه.