لا يتحدث القرآن بشكل مباشر عن المزاح، ولكن يجب أن يتم القيام به باعتدال لتجنب إلهاء القلب عن ذكر الله.
إن المزاح هو أحد جوانب الحياة الاجتماعية التي تعكس طبيعة الإنسان الاجتماعي وروحه المرحة. ومع ذلك، فإن درجة تأثير المزاح على القلب البشري وسلوكيات الإنسان تتطلب النظر من منظور ديني وأخلاقي. فالقرآن الكريم، ككتاب مقدس، لا يشير بشكل مباشر إلى هذا الموضوع، لكنه يقدم دروسًا عظيمة عن كيفية التعامل مع الروح والقلب، وعن أهمية الحفاظ على ذكر الله في حياتنا اليومية. في البداية، يجب أن نعلم أن القلب هو مركز الإيمان، وهو الجهة التي تتأثر بكل الأمور الروحية. ذكر الله في قلوب العباد هو ما يبعث على الطمأنينة والسلام الداخلي. ففي سورة الرعد، الآية 28، جاء النص: "ألا بذكر الله تطمئن القلوب". تتحدث هذه الآية عن كيفية أن ذكر الله هو المصدر الرئيسي للسكينة والطمأنينة، ولهذا فإن أي عمل، بما في ذلك المزاح، يؤدي إلى غفلة الإنسان عن ذكر الله قد يكون له آثار سلبية على القلب. إن المزاح، بطبيعته، يجب أن يكون متوازنًا ومعتدلاً. من هنا، نجد أن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) قد أشار إلى ضرورة الاعتدال في كل شيء، حتى في المزاح، إذ قال: "لكل شيء اعتدال، حتى المزاح". لقد بينت هذه الكلمات أهمية التحلي بالوسطية في جميع جوانب حياتنا، بما في ذلك الضحك والمزاح. المزاح يمكن أن يكون وسيلة لتخفيف التوتر وإدخال الفرحة إلى قلوب الآخرين، ولكن يجب أن نكون حذرين في كيفية ممارسة ذلك. يجب أن لا يؤثر المزاح على علاقتنا مع الله أو يلهينا عن واجباتنا الروحية. لهذا، من الضروري أن نتجنب المزاح الذي يتضمن أذى للآخرين أو ينطوي على سخرية. الإسلام يحث على احترام مشاعر الآخرين والتحلي بالأخلاق الحميدة في جميع الأوقات، بما في ذلك أثناء المزاح. كما أن للتأثيرات النفسية للمزاح وقعًا أيضًا. فقد أظهرت الدراسات المعاصرة أن الضحك والمزاح يمكن أن يخفف من التوتر ويزيد من مستويات السعادة. وعندما يتم استخدام هذه الطرق بشكل صحيح، يمكن أن تعزز المزاح الروحي وتعكس جوًا إيجابيًا. ومع ذلك، عندما يصبح المزاح مفرطًا، أو يمس مشاعر الآخرين، يمكن أن ينتج عنه مشاعر سلبية تؤثر على القلب. إضافة إلى ذلك، هناك بعض الأحاديث النبوية التي تشدد على أهمية تقدير اللحظات الجادة وعدم الانغماس الزائد في المزاح. فعلى المؤمن أن يوازن بين الضحك والجد، وأن يتذكر دائمًا أن الحياة قصيرة وأن ذكر الله هو الهدف الأول. يجب أن نحرص على أن تكون قلوبنا مشغولة بذكر الله، حتى في لحظات المزاح. من ناحية أخرى، فإن المزاح الذي يأتي من القلب ويهدف إلى إدخال الفرح في قلوب الآخرين يمكن أن يكون له تأثيرات إيجابية عميقة. لذا، من المهم أن نكون واعين للمسؤولية التي تأتي مع استخدامنا للمزاح في تفاعلنا الاجتماعي. يمكن أن يكون المزاح وسيلة لجمع الأصدقاء وتعزيز الروابط الاجتماعية، ولكن بشرط أن يبقى في إطار الآداب والمثل الإسلامية. ختامًا، إن المزاح في الإسلام لا يعتبر شيئًا محظورًا أو مذمومًا بحد ذاته، بل يجب أن يُمارس بحذر واعتدال، مع ضرورة الحفاظ على ذكر الله والالتزام بالقيم الأخلاقية. إن التأكيد على أهمية المزاح المعتدل والتوازن في الحياة اليومية يعد ضروريًا للحفاظ على الصحة النفسية والسعادة الروحية. وبذلك، يمكن أن يكون المزاح وسيلة لنشر السعادة والروح الطيبة في المجتمع دون الإخلال بالقيم الحياتية والدينية الهامة. لنكن دائمًا حذرين في ممارسة مزاحنا، ولنُذكِّر أنفسنا بأن حياتنا يجب أن تُعاش في ظل ذكر الله، وأن نقوم بكل عمل بحذر ووعي.
في يوم من الأيام، كان رجل يمزح ويضحك مع أصدقائه في السوق. كان يعتقد أن هذا يجعل قلبه نشيطًا. ومع ذلك، عندما أدرك أنه في هذه الأثناء، أصبح غافلًا عن ذكر الله، قرر أن يحد من مزاحه ويركز أكثر على ذكر الله. أدى هذا التغيير في المنظور إلى شعوره بارتياح أكبر وتجديد حياته.