لمنع الغطرسة الدينية ، يجب أن نؤكد على مبادئ التواضع والإيمان.
تُعتبر الغطرسة الدينية ظاهرة سلبية تسيء إلى المجتمعات الدينية وتؤدي إلى تفكك العلاقات الإنسانية وصراعات غير ضرورية. إنَّ الدين يجب أن يكون مصدراً للسلام والتقارب، لا للفرقة والتمييز. لذا، من الضروري معالجة هذه الظاهرة بنظرة واعية ومفاهيمية. إن الغطرسة الدينية تعني الاعتقاد بأن دين الشخص أو اعتقاده هو الأفضل وأن الآخرين أقل شأناً أو يستحقون التهميش. وهذا غير صحيح وفقاً للقيم الأساسية الواردة في القرآن الكريم. تدعو العديد من الآيات القرآنية إلى التواضع والتسامح، وتعتبرها مكملة للإيمان الحق. تُعتبر الغطرسة الدينية من الظواهر التي تخلق انقسامات عميقة بين المجتمعات وتؤدي إلى صراعات ليس لها مبرر. ففي الوقت الذي يُفترض أن يسعى فيه كل فرد إلى تعزيز العلاقات الإنسانية، نجد أن الغطرسة الدينية تقف حجر عثرة أمام تحقيق ذلك. وبالرغم من وجود قيم سامية في معظم الأديان، إلا أن البعض يُفضلون التحجّر والتقوقع حول آراء ضيقة حول دينهم، مما يؤدي إلى تفرقة المجتمعات. إنَّ الغطرسة الدينية تشير إلى فكرة التفوق على الآخرين، وتعتمد على اعتقادٍ راسخ أن الحق مع دين معين فقط. وعندما نتأمل في النصوص المقدسة لكافة الأديان، نجد أن الدعوة إلى التواضع وتقدير الآخر هي من المبادئ الأساسية التي يجب أن تُحترم. كما أن الدروس المستفادة من القرآن الكريم تشير إلينا إلى أهمية الانفتاح والتسامح والتفاهم بين الثقافات والمعتقدات المختلفة. إن الله سبحانه وتعالى ينبهنا في سورة القاسطين، حيث تشير الآية 13 إلى حقيقة أساسية عن التواضع: "وَكَذَٰلِكَ أَحْسَنَّا الْآيَاتِ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ". هذه الآية تجعلنا ندرك أن الإيمان الحقيقي يتطلب تواضعاً داخلياً، وهو ما يجب أن ننقله إلى سلوكياتنا اليومية. فبدلاً من التفاخر بديننا أو إقصاء الآخرين، يجب أن نستغل إيماننا لنكون جسر تواصل، يعمل على تقوية أواصر العلاقات ويدعو للاحترام المتبادل. كما ورد في سورة المؤمنون، نجد أن الآية 60 تُبرز أهمية العمل الصالح، حيث جاءت كلمات الله: "وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ". هذه الآية تُشير إلى أن الإيمان ليس مجرد شعائر وإنما يتطلب منا فعلاً خيرياً من خلال مساعدة الآخرين. فالتواضع هنا يتجلى في العمل الذي نقوم به وفي كيفية خدمة المجتمع برمته، وليس بالاستعلاء. هذا يُظهر لنا أن كل الأديان تشترك في أسس الأخلاق العامة وتدعونا للعمل من أجل الخير. وفي سورة البقرة، يدعونا الله للتفكّر حول معاني البر الحقيقية. في الآية 177، يُفهم من النص: "لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَن آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ". تُدرك من هذه الآية أن البر يرتبط بالنية الخالصة التي تتجاوز الأشكال والألوان. الله يُريد منا أن نكون مؤمنين حقيقيين من الداخل، وليس من خلال التصرفات السطحية. من خلال هذه الأفكار، يظهر أنه من الضروري على كل فرد أن يُعيد تقييم أفكاره وعلاقاته مع الآخرين. إن الغطرسة الدينية تُؤدي إلى مواقف من التنافر وتخلق بيئة من الشك والعداء، مما يضعف الروابط الإنسانية. ويجب أن نتعلم من قصص الماضي التي تُخبرنا عن الآثار السلبية لهذه السلوكيات، ولنستبدلها بقيم التسامح والمشاركة. نحن بحاجة إلى التوجه نحو ثقافة من الحوار البناء، والتفاعل مع الآخرين بالمشاعر الإنسانية بدلاً من العزلة والتعالي. إن كل دين يحمل في طياته مبادئ تسعى لتحقيق السلام بين البشرية، ومن دون احترام هذه المبادئ لن نتمكن من بناء مجتمعات متضامنة. إن معالجة الغطرسة الدينية ليست مهمة سهلة، ولكنها ضرورية لخلق مجتمع يقدر التنوع وينظر إلى المعتقدات المختلفة كفرص للتعلم والنمو. علينا جميعاً أن نكون سفراء للسلام والحرية، وأن يكون لدينا القدرة على الاستماع للآخرين وعدم إسكات أصواتهم. في ختام الحديث، لا يمكننا تجاهل أهمية معالجة الغطرسة الدينية بجدية ووعي. هذه الظاهرة ليست مجرد فوضى فكرية، بل هي خطر يهدد وحدتنا وتماسكنا. كلما زادت قدرة أفراد المجتمع على التجاوب مع الآخرين بحب وحنان، زادت فرص السلام والتقارب. يجب أن نفهم أن كل مخلوق يُقدّم أبعاداً مختلفة لحياة الإنسان، وكما جاء في دعوة القرآن، يجب أن نستمر في نشر السلام، العدل، والتفاهم بين جميع الأديان والمعتقدات. إنها مسؤوليتنا للحفاظ على قيمنا الإنسانية، خاصة في عالم يُعاني من التعصب والانقسام.
في يوم من الأيام ، كان هناك رجل يدعى حسن يسافر ورأى متسولًا في طريقه. فكر حسن في نفسه أنه يتفوق من خلال إيمانه ولا ينبغي أن يتحدث إلى المتسول. ومع ذلك ، عندما نظر إلى القرآن وقرأ آيات التواضع ، أدرك أن الجميع متساوون ويجب معاملتهم بلطف وتواضع. اقترب من المتسول وتحدث معه ، وبعد هذه المقابلة ، شعر بالراحة والفرح.