لتحقيق السكون عند الوفاة، من الضروري التواصل مع الله وأداء الأعمال الصالحة.
تحقيق السكينة خلال اللحظات الأخيرة من الحياة هو رغبة عميقة للعديد من الأفراد، فهي من أهم الأمور التي يسعى الجميع لتحقيقها، وذلك لما تعكسه من حاجة فطرية للإنسان تطمح إلى الاطمئنان والهدوء في أوقات الشدة. إن حياة الإنسان مليئة بالتحديات والمصاعب، وخاصة في الأيام الأخيرة التي يواجه فيها الموت، وهذا ما يجعل السكينة مطلبًا ضروريًا. في هذا السياق، يتناول القرآن الكريم هذا الموضوع بشكل جميل وموحي في سورة الفجر، حيث تبرز الآيات من 27 إلى 30 معاني عميقة تتعلق بالروحانية والطمأنينة. تقول الآيات: "يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً، فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي". تؤكد هذه الآيات أهمية بناء علاقة قوية مع الله؛ إذ إن هذه العلاقة تمثل الأساس الذي يمكن أن يُحقق السكينة في أوقات الشدة. فالإيمان واليقين بالله هما السبيل للوصول إلى تلك السكينة التي يسعى إليها الجميع. إن القلب الذي ينفتح لله ويتقبل إرشاداته هو القلب الذي يستطيع أن يشعر بالهدوء والاطمئنان، خصوصًا في اللحظات الحرجة التي تسبق الموت. لهذا فإن الثقة برحمة الله وعفوه تجلب الراحة للروح، مما يجعل تلك اللحظات الأخيرة مليئة بالسلام. في هذه الحالة، يتعين علينا استحضار مفهوم الإيمان، الذي يعد أحد العوامل الأساسية التي تمنح الإنسان القدرة على مواجهة شتى أنواع التحديات والمصاعب، بما في ذلك اللحظات الأخيرة من الحياة. فالإيمان هو حصن الأفراد ودرعهم الحامي، وعندما يحل الفرد بمكانته بالقرب من الله، يشعر بالطمأنينة التي تساعده على التغلب على مشاعر الخوف والقلق. من الوسائل الفعالة التي تعزز العلاقة بين العبد وربه هي الصلاة. لقد جاء في الحديث النبوي الشريف: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد"، وهذا يدل على أهمية السجود في زيادة القرب من الله. إن الصلاة في اللحظات الحاسمة تعتبر بمثابة طاقة روحية تدفع روح الإنسان للاستمرار في السعي نحو النور والسكينة، كما أن الدعاء والذكر يعملان على تحسين حالة النفس والروح، مما يبعث على الاطمئنان والراحة القلبية. ليس هناك أدنى شك أن أعمال الخير والإحسان تلعب دورًا مهمًا في بناء أجواء الطمأنينة والسلام في حياتنا. الفرد الذي يسعى إلى نشر الخير وإنجاز الأعمال الصالحة يشعر بثمار هذه الأفعال، وهذا الأمر يظهر بوضوح خاصة في الأوقات الحرجة. الإحسان يعزز الرضا في النفس، وهو جدير بأن يخلق حالة من السكينة والهدوء في العالم الداخلي للإنسان، ففي لحظات الشدة، عندما تنفصل الروح عن الجسد، يُتَوَقَّعُ أن يزهر الإحسان جنات من السكون. ليس من قبيل الصدفة أن نفكر في تأثير الأعمال الصالحة على الحالة النفسية للفرد. إن تصرفاتنا الإيجابية تمثل الشكل الذي نختاره في قضاء أيامنا في هذه الدنيا، وهي تعكس لنا كيف سنواجه الآخرة. في اللحظات الأخيرة من الحياة، يرافقنا الإيمان والأعمال الصالحة لتهيئ لنا الراحة والسكون، كما أنها تعتبر تحضيرًا للانتقال إلى عالم أفضل. من خلال الانغماس في الأجواء الروحية وتذكّر الله، يمكن للإنسان أن يشعر بمزيد من السكينة والقوة. لذلك، يجب علينا أن نحاول أن نُعزِّزَ ذكر الله في قلوبنا، فالتسبيح والاستغفار وتلاوة القرآن تُعدّ جميعًا من العوامل الرئيسة لتحقيق الطمأنينة الروحية. وفي الأوقات الحرجة، يمكن لذكر الله أن يكون الدواء الشافي للنفس، فهو ملكة تستطيع إدخال السلام في القلوب المتعطشة للراحة. إن اللحظات الأخيرة من الحياة ليست مجرد مرور وقت، بل هي انتقال إلى عالم جديد حيث يعتبر اللقاء بالله تجربة تتطلب كامل الاستعداد والتحضير. وهي بمثابة دعوة للعودة إلى الله، الذي وعد عباده بالرحمة والمغفرة. إن الآيات الكريمة تشدد على أن العودة إلى الله هي نهاية لكل المسارات، وأن دخول الجنة هو ثمار المناجاة والتقرب. إن التعامل مع فكرة الموت يساعدنا كأفراد على الاستعداد لهذا اليوم العظيم، فملك الموت يأتي بشكل حتمي، وهذا ما يجعلنا نسعى إلى تحضير نفوسنا لتحقيق السلام الداخلي والهدوء في تلك اللحظات. عندما نلتفت إلى مشاعر الخوف والقلق التي قد تعتري الإنسان في الأوقات الحرجة، يمكن لمجموعة من العوامل أن تدعمه، كالصبر والاعتماد على الله، فكلما اعتمدنا على الله، كلما تيسرت الأمور. إن الخوف من المجهول هو شعور طبيعي، لكن علينا أن نتذكر أن الله مع عباده الذين يسعون إلى الخير ويستعيذون برحمته. في الختام، إن السكينة عند الموت ليست مجرد شعور نفسي يتأتى نتيجة الظروف المحيطة، بل هي تجربة روحية عظيمة تتطلب منا الاستعداد والتحضير الروحي والنفسي. من خلال الثقة بالله والإقبال على الأعمال الصالحة والتأكيد على ذكر الله وتلاوة القرآن، يمكن للإنسان أن يصبح على أهبة الاستعداد لتلك اللحظات الفاصلة. فلنتذكر دومًا أن الموت ليست نهاية، بل هو بداية لرحلة جديدة تستحق أن نُعِدَّ لها ما يجعلنا نخرج منها راضين ومرضيّين.
في أحد الأيام ، كان هناك رجل يدعى حسن يقترب من الموت. خلال حياته ، كان يشارك في الأعمال الصالحة ومساعدة الآخرين. في لحظاته الأخيرة ، شعر بسكينة عميقة في قلبه وهو يتذكر الله ويدعو. أخبر أسرته أن شيئًا لم يكن مهمًا له أكثر من حب الله ورحمته ، وكان مستعدًا للذهاب إلى العالم الآخر. ودع حسن هذا العالم بابتسامة وهو ممتن لحياته.