لتجنب النفاق ، يجب أن تكون النوايا الصادقة ضرورية ليس فقط في العبادة ولكن في جميع الأنشطة. يجب أن تأتي الإيمان الحقيقي من القلب وإقامة اتصال حقيقي مع الله.
إن القرآن الكريم يُعَدُّ مرجعًا دينيًا عظيمًا، ويحتوي على توجيهات واضحة حول السلوكيات والأخلاق التي يجب أن يتحلى بها المؤمن. ومن بين هذه التوجيهات، نجد التأكيد الشديد على أهمية تجنب الرياء والنفاق، وهما من الصفات التي لا يقبلها الله تعالى. في هذه المقالة، سنستعرض ما يُقوله القرآن بشأن الرياء وكيف يمكن للمؤمن أن يتجنب هذه المظاهر السلبية، مع التركيز على بعض الآيات الكريمة التي تشمل هذا الموضوع. إن الله تعالى في آية 8 و 9 من سورة البقرة يُشير إلى بعض الخواص المميزة للناس الذين يُظهرون الإيمان ولكنهم في واقع الأمر بعيدون عن الصدق. يقول الله تعالى: "وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ ۖ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ، إِنَّمَا يَخْرُجُ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْهَمُونَ". هذا النص يُظهر لنا أن الإيمان الحقيقي لا يمكن أن يكون مجرد كلمات تُقال على اللسان، بل يجب أن ينطلق من صميم القلب، وأن يكون نابعًا من يقين داخلي وإخلاص لله عز وجل. فتلك الفئة من الناس تشبه في سلوكها الذين لا يُخلصون في عبادة الله، إذ يسعون للظهور أمام الآخرين كأشخاص مؤمنين دون أن يكون هناك صدق في قلوبهم. أما في سورة المائدة، الآية 54 فلا يقل أهمية، حيث يُشير الله تعالى إلى أهمية الثبات في الدين وضرورة الاصطفاف إلى جانب المؤمنين الحقيقيين. يقول الله: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا! مَنْ يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ". تُعتبر هذه الآية تذكيرًا هامًا للمؤمنين بأن الله سيستبدل الذين يتركون دينه بقوم آخرين يحبهم ويحبونه، وهذا يُشير إلى أهمية الثبات والإخلاص في العبادة. إن النية القلبية الصادقة والمُخلصة في العمل هي ما يُقبل به الله من عباده، وهو وحده الذي يعلم مكنونات القلوب ونيات العباد. للابتعاد عن الرياء والحرص على الإخلاص في العبادة، يجب على المسلم أن يكون واعيًا لنواياه وأفعاله. إن معرفة نية كل عمل نُقدّمه تعتبر نقطة البداية نحو تحقيق الإخلاص. فإذا كان الهدف من العبادة هو مرضاة الله، فسيكون العمل صادقًا ومقبولًا. لذا من الضروري أن يسعى المؤمن نحو معرفة ذاته وأهدافه الحقيقية في الحياة، بعيدًا عن التحكمات الاجتماعية والسياسية التي قد تسعى لجذبه نحو التظاهر. عليك أن تتذكر أنه في كل عمل تقوم به، يمكنك التواصل مع الله والتعبير عن إخلاصك له. فالقلب الصادق هو الذي يبذل جهده لتحقيق القرب من الله، ويعمل على تقديم أفضل ما لديه في عبادته. وإذا شعر المؤمن بأن هنالك نفاقًا في قلبه، فليتعهد بالتوبة والرجوع إلى الله، فهذا أمر يُظهر صدق الإيمان. إن لِلرياء آثارًا سلبية على الروح والشخصية. فالشخص الذي يظهر للناس بوجهٍ ولكن لديه مواجهة أخرى داخل نفسه، سيعيش حالة من التشتت والقلق. بينما المؤمن الحقيقي الذي يُخلص عمله لله، فإنه يشعر بالسعادة والهدوء الداخلي، لأنه يعلم أنه على حق ويعمل من أجل هدف سامٍ. أيضًا، يُنصح المسلم بضرورة القراءة والتدبر في آيات القرآن الكريم الأخرى التي تُعزز قيم الإخلاص والتواضع. فالمؤمن ينبغي أن يتجنب السلوكيات التي قد تُظهره في مظهر الرياء، مثل الفخر بالأعمال الصالحة أو التظاهر بأنها تُستحق الإشادة. في النهاية، يجدر بالمسلم أن يتذكر أن الله تعالى يُقيم الأشخاص بناءً على نياتهم وأعمالهم. حيث إن الإسلام يُؤكد على أن الإخلاص هو الطريق المؤدي إلى الفوز في الدنيا والآخرة. علينا أن نُطيل التفكير في كيفية تعزيز إيماننا والابتعاد عن الرياء، من خلال التواصل القوي مع الله والعمل لأجل رضاه. ولنتذكر دائمًا قوله تعالى: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى". لذلك، يجب أن نسعى دائمًا لنكون مخلصين في عبادتنا وأعمالنا، ونبتعد عن مظاهر النفاق التي تُدمر روح الإيمان داخلنا.
ذات يوم ، جاء رجل منافق إلى حي. كان الجميع يحيونه كشخص محترم لأنه كان حريصًا جدًا على صلاته وصيامه ، وكان الناس يقدمونه كمؤمن متدين. ومع ذلك ، كان هدفه الحقيقي هو جذب انتباه الآخرين. وفي يوم من الأيام ، أثناء صلاته ، لاحظ أحد سكان الحي أن قلبه ليس نقيًا وقال: "الله يعرف القلوب ويرى النوايا. إذا كنت عبادتك ليست صادقة ، فمن الأفضل أن تمتنع عن ذلك." تأمل الرجل في هذا وقرر أنه من ذلك اليوم فصاعدًا ، سيعبد الله بإخلاص ولن يهتم بآراء الناس.